زراعة النخيل ليست مجرد مهنة ولكن أمانة يتوارثها ابناء سيناء عن الأجداد، وما زالوا يحافظون عليها حتي الآن بالرغم من عائدها المادي القليل بعد انخفاض معدلات الانتاج من التمور،وتأثر العديد من اشجار النخيل بسبب الشيخوخة والقطع الجائر للسعف، وهو ما أدي إلي انخفاض الأسعار إلي أدني مستوياتها ،ولم يستسلم أبو محمد من بئر العبد لكل تلك المعوقات،خاصة تدني العائد، وقرر استثمار خبرته وخبرة أجداده في استغلال كل جزء من النخلة واستطاع انتاج العديد من الأصناف كالعجوة والعلف بجانب محصول البلح، الأمر الذي من شأنه أن يعيد لزراعة النخيل شهرتها ، وكما يوضح لنا فزراعة النخيل هي الحرفة الرئيسية للسكان علي امتداد المناطق من شرق العريش حتي رمانة في نطاق يصل لنحو 80 كيلو مترا، حيث تتوارث الأجيال بساتين النخيل،ويشير سليمان عياط الباحث في التراث السيناوي إلي أن مدينتي العريش وبئر العبد تشتهران، بصناعة »العجوة»، حيث تتجمع العائلات في شهري سبتمبر وأكتوبر من كل عام لجمع البلح من اشجار النخيل ونشره في حرارة الشمس حتي يصبح شكله أسمر ويطلق عليه »الرُطب »لتجهيزه لصناعة العجوة بالطريقة اليدوية، فيما يوضح المهندس ناصر حمدي من العريش إلي أن البداية بجمع البلح الرطب الأسمر ونقله إلي »المشرات» وهي عبارة عن مواقع مسورة بجريد النخل، ليتم عجنها علي يد سيدات كل عائلة وتشكيلها علي هيئة أقراص كبيرة يصل وزن الواحد منها إلي 3 كيلوجرامات وتبقي تحت آشعة الشمس لمدة عشرة أيام مع تقليبها كل ثلاثة أيام، وحمايتها من نهش الطيور المهاجرة لها،ويتم بعدها تغليفها وبيعها للأهالي مع الحفاظ علي جزء منها للاستهلاك المنزلي. ويؤكد الحاج نصار عيد سالم من بئر العبد أهمية إنشاء مصنع لإنتاج العجوة مشيرا إلي أن فوائده كثيرة،حيث يوفر كل مصنع 200 فرصة عمل بخلاف فرص العمل في المزارع لتجهيز المحصول كما سيرفع سعر انتاج النخلة من 500 إلي 1000 جنيه حسب حمولة الشجرة، ومثل هذه المشاريع التي تعم بالفائدة علي الوطن والمواطن وتدعم المنتج المحلي وتقلل من الاستيراد الخارجي، خاصة أن تلك الصناعة تقوم عليها العديد من الصناعات الاخري مثل مربي البلح، والدبس الذي يصنع من الرطب، إضافة إلي صناعة »المختوم»، وهو الرطب المجفف المضاف إليه زيت الزيتون والمكسرات، وكذلك إنتاج الأعلاف من مخلفات النخيل. ويتم حاليا في شمال سيناء توفير عدد من القروض لإنشاء مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر لدعم المجتمع المحلي خاصة المصانع الموسمية لصناعة العجوة ،كما انشأت جامعة العريش مشروعا لصناعة العجوة بمعهد الدراسات البيئية بقرية الخربة ببئر العبد،حيث تشتهر المنطقة بوجود اعداد كبيرة من اشجار النخيل والذي ينتج كميات كبيرة من البلح لاستثمار المنتج في تنشيط الاعمال البحثية واعداد دراسات الجدوي لمشروعات انتاج العجوة وفتح منافذ جديدة للبيع. • صالح العلاقمي