تجارة الأعضاء اكثر انواع التجارة المجرمة قانوناً تحقيقًا للربح علي مستوي العالم وقاربت التفوق علي تجارة السلاح والمخدرات، واضطرت جميع الحكومات الي محاربتها بأكثر من جانب سواء بتشديد القوانين أو مراقبة المجرمين ومحاصرتهم، وفي مصر دعا مجلس النواب إلي مناقشة قانون زراعة الأعضاء من جديد لعمل تعديلات علي القانون رقم (5) لعام 2010 حتي يقوم بردع الإتجار بشكل غير مشروع ويقضي علي سماسرة الأعضاء ويردع ضعاف النفوس سواء من الأطباء أو الطرف الذي يبيع عضوا من اعضائه مقابل المال، وبالفعل وافق مجلس الشعب علي اقرار التعديلات. وكانت وزارة الصحة أقرت تعديلات البرلمان التي تسمح بنقل الأعضاء من الأحياء إلي الأحياء. وفي ظل تشديد العقوبات والقوانين وتغيير السياسات وتسهيل عمليات الزراعة بشكل قانوني من متبرعين وليس تجارا، نرصد عن قرب عمليات زراعة الأعضاء بشكل قانوني وفي مراكز معتمدة، والتي يبلغ عددها 32 مركزا لمعرفة ماذا ينقص هذه المراكز للقيام بدورها والوقوف في وجه اساطين تجارة الأعضاء المحرمة خاصة بعد سقوط 41 طبيبا وممرضا مؤخرا في احدي شبكات هذه التجارة.. كما نتعرف علي رحلة من قاموا بزراعة اعضائهم.. وكذلك التعرف أكثر علي القانون الجديد والنتائج المترتبة عليه، واسباب انتشار التجارة غير الشرعية وكيف ستتغلب عليها جهود الدولة المبذولة. رحلة زوجين هناء عدلي ووائل فايز، زوجان، لم يتشاركا فقط في الحياة الزوجية، لكنهما يشتركان في كبد واحدة ينمو داخل جسديهما.. كأي زوجين كانت الحياة تسير بشكل طبيعي تملؤها السعادة ويحيط بها الطمأنينة الي ان اتت الرياح بما لا تشتهي سفن حياتهما.. فجأة ظهرت علامات المرض علي وائل.. هذا الشاب الذي يقبع في نهاية عقده الثاني، بدأ وائل يشعر بأن حياته تنقلب رأسا علي عقب، فالنشاط والحيوية تحول الي حالة من الخمول، واحمرار الوجه تحول الي اسمرار واصيبت القدم بتورم كاد ان يعجزها عن السير، فرفضت هناء ان تقف في موقف المتفرج وهي تري زوجها وسندها ينهشه المرض ..فقررت الذهاب معه إلي الطبيب وهنا كانت الصاعقة ، فقد تبين ان وائل مصاب بفيروس سي. حافة الهاوية حالة من الذهول والصمت انتابت كل من وائل وهناء.. فالمستقبل الذي يخططان له اصبح علي حافة الهاوية والاحلام التي رسموها اصبحت قريبة من مرحلة الكوابيس، بدأت حالة وائل تتطور سريعا وبدأ المرض ينسج خيوطه علي كافة انحاء الجسد وبدأت المضاعفات تتزايد ليخبرهم الطبيب بأن كبد وائل غير قادرة علي العمل ووصل الي مرحلة التليف ويحتاج إلي زرع فص من الكبد. لم تنتظر هناء الزوجة فترة طويلة للبحث عن متبرع لوائل، خاصة انها تعلم أن هناك عالما اخر لتجارة زرع الاعضاء وهو عالم غير شرعي، أرادت هناء أن تخفف عن زوجها وان تبعده عن طلاسم ومتاهات هذا العالم الحرام فما كان منها إلا أن كانت أول من عرض التبرع علي وائل بفص من كبدها. في بادئ الامر تخوف وائل من عملية نقل فص الكبد من زوجته إليه خوفا من تعرضها لأي مضاعفات خاصة انهما رزقا بولد وبنت وهما في مرحلة الزهور إلا ان د. رفعت كامل استاذ الجراحة العامة بجامعة عين شمس اكد لهما بأن العملية سهلة للغاية ولن يصاب وائل او زوجته بأي مكروه. الحالة النفسية في ذلك التوقيت لوائل كانت تحت الصفر خاصة انه ترك مصدر رزقه لأنه اصبح غير قادر علي العمل حيث كان يعمل مساعد صيدلي وبدأت الضغوط تتزايد عليه فالأسرة اصبحت في مهب الريح فما كان من وائل إلا الانصياع لموافقة زوجته بالتبرع له. دخل وائل غرفة العمليات تاركا قلبه مع زوجته وأولاده.. ودخلت هناء هي الاخري الغرفة المجاورة لتستعد لنقل جزء من كبدها إلي زوجها، وبالفعل تمت العملية بنجاح وخرج الاثنان من غرفة العمليات متوجهين بالحمد إلي المولي عز وجل علي انقاذ حياتهما وعودة الاسرة الي سابق عهدها. وائل أكد أنه لولا زوجته وتبرعها ولولا مشيئة القدر التي جعلت الانسجة متشابهة بينهما مما يسمح بعملية زرع الكبد لكان في دوامة اخري حيث كان سيقع تحت طائلة سماسرة الاعضاء البشرية ، ويوضح ان المراكز الشرعية طوق النجاة من هؤلاء السماسرة مشيرا إلي انه اجري العملية في مستشفي الساحل التعليمي وهناك كانت الخدمة والامكانيات ممتازة. معاناة مع السماسرة أندرو أوميل جاد، شاب مصري في منتصف العشرينيات، مثله مثل أي شاب كان يحلم بمستقبل باهر وبناء أسرة وبيت لكن ذهب حلمه في خبر كان بمجرد علمه بانه مصاب بتليف في الكبد.. 8 أطباء عجزوا عن تشخيص حالة اندرو في بادئ الأمر خاصة أنه اصيب في الصغر بمرض مناعي إلي ان اهتدي إلي أحد الأطباء الذي اخبره بإصابته بهذا المرض اللعين. حالة من اليأس والاحباط انتابت اندرو لدرجة جعلته يترك منزله حتي لا يشاهد نظرات الحزن في عين والديه، وبدأت الحالة الصحية لأندرو في التدهور التام لدرجة اصابته بالصفراء وتضخم في الطحال.. عندها ترك اندرو عمله الذي يتكسب منه وبدأ رحلة البحث عن العلاج. العلاج الوحيد كان العلاج الوحيد لحالة اندرو وفقا لتشخيص الطبيب هو نقل جزء من كبد أحد الاصحاء إليه، وكانت المشكلة من أين يأتي بمتبرع؟!!.. قرر شقيق أندرو التبرع له ولكن للأسف لم تكن الانسجة متشابهة فحال ذلك دون التبرع.. قررت الأسرة البحث عن متبرع وقد كان عن طريق صفحات الفيس بوك والقنوات الفضائية حيث تم عمل اعلانات للبحث عن المتبرعين، هنا يصمت اندرو ثم يعاود الحديث قائلا ما أصعب الحاجة، فقد وقعت في دوامة كبيرة مع النصابين وسماسرة الأعضاء لدرجة ان احدهم طلب 50 ألف جنيه من أجل التبرع وهناك شخص عربي طلب 200 ألف جنيه. يتذكر اندرو قائلا: تعرضت للكثير من عمليات الاستغلال بهدف الحصول علي مبالغ مالية كبيرة، في نهاية الأمر وجدت أحد اقاربي من الدرجة الثالثة وافق علي التبرع وتمت العملية بنجاح بالفعل في مستشفي الساحل، وانا اعيش حاليا بمنتهي الصحة والكفاءة التي كنت عليها قبل الاصابة بالمرض.