لا أعرف تسمية مؤدبة لما فعلته مصر والسعودية والإمارات في مؤتمر وزراء الخارجية العرب بالقاهرة أول أمس في الدويلة التي صدقت نفسها واعتبرت نفسها دولة. نسميها جلسة تأديب وتهذيب وإصلاح.. وإن كان التأديب والتهذيب مستحيلا والإصلاح غير مأمول من حكامها.. ماذا تفعل في دويلة نامت وصحيت علي ثروة من الله.. فجمعتها وأنفقتها علي الخراب والدمار وبعثرتها يمينا ويسارا علي الجماعات الخارجة المارقة التي تنشر الإرهاب في كل مكان؟.. خاصة جيرانها الذين حموها ووقفوا معها ودافعوا عنها.. يعني ربنا يرزقك ويغنيك.. فتقتل أخواتك وأهلك وجيرانك.. يا حفيظ. فرضت أزمة الدعم القطري للإرهاب نفسها علي الاجتماع رغم أنها غير مدرجة علي جدول الأعمال الذي يتضمن عدة قضايا بينها »الصراع العربي الإسرائيلي، وتطورات الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن والتدخلات الإيرانية». وبدأت الأزمة عقب تطرق كلمتي وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، وسفير المملكة السعودية لدي مصر ومندوبها لدي الجامعة العربية أحمد قطان إلي الأزمة مع قطر. وتضمنت الكلمتان تأكيدات علي أن »مطالب الدول الأربع الراعية لمكافحة الإرهاب» هي مطالب سيادية لا نقاش فيها، ومطالبة قطر بعدم الاستمرار فيما وصفوه ب»سياستها الداعمة للإرهاب والتطرف، والتحالف مع إيران والتدخل في شئون الدول». وهو ما عقّب عليه وزير الدولة القطري للشئون الخارجية، سلطان المريخي، واصفا مطالب دول المقاطعة ضد قطر بأنها »غير مشروعة ولا تستند إلي حقائق وإنما إلي فبركات وأنها ضد القانون الدولي وحقوق الإنسان». وإن »تلك المطالب تمثل مساسا بسيادة الدول وتدخلا سافرا في شئونها الداخلية»، كما كرر وصف الأزمة ب»الحصار الجائر». وتسلطن المريخي وأرجف وادعي بأن »إيران دولة شريفة» وأنها لم تطلب منا إعادة فتح السفارة، ووقفوا موقفهم المشرف معنا، بدون طلب، ونحن من قمنا بهذه الخطوة وأعدنا سفارتنا التي كنا قد أغلقناها أصلا تضامنا مع السعودية.. لكن حتي الحيوانات ما سلمت منكم، وهذا ردي». إلي هذه الدرجة كانت الوقاحة في الرد.. والصفاقة في اختيار الكلمات.. وقلة الأدب واللياقة في الحديث في اجتماع بهذا المستوي.. وما كنا نتمني أن ننزلق الي هذا المنحدر غير الدبلوماسي.. أو قل غير الأخلاقي. وزير خارجيتنا سامح شكري.. وبقوة استمدها من قوة مصر وتاريخها وعراقتها ومواقفها التي لا تنسي لمساندة أشقائها العرب ومنها قطر نفسها... لقن المتحدث القطري درسا لن ينساه ولن تنساه دولته ولا حكامها المغرورون الموتورون.. قال في حدة : هذه مهاترات وكلمات غير ملائمة والعبارات المستخدمة فيها متدنية ونعلم التاريخ القطري في دعم الإرهاب وما تم توفيره من أسلحة وأموال لعناصر متطرفة في ليبيا وسوريا واليمن وداخل مصر وأدت إلي استشهاد العديد من أبناء مصر.. حقوق الشهداء لن تضيع وسوف نستمر في الحفاظ علي مصالحنا والدفاع عن أبنائنا واتخاذ كافة الإجراءات التي تكفلها لنا كل القوانين الدولية والسيادة التي نتمتع بها.. ونحن شعوب نتصرف بمسئولية. الموقف العربي الرباعي ضد قطر واضح ومحدد ولا يقبل أي نقاش.. إن نظام الدوحة وطبقا للوثائق الدامغة تورط فعليا في تمويل أنشطة إرهابية ب 64.2 مليار دولار (240.6 مليار ريال)، وذلك خلال الفترة من عام 2010 إلي عام 2015، والنظام القطري سحب من المال العام مبلغ 7.6 مليار دولار لتمويل عمليات إرهابية في عام 2010، فيما سحبت للسبب نفسه مبالغ وصلت 10.4 مليار دولار في عام 2011. وقام النظام القطري برفع المبالغ المخصصة لدعم العمليات الإرهابية والعنف في الفترة التي شهدت ذروة ما يعرف ب»الربيع العربي»، وهو ما قفز بالمبلغ المخصص لأعمال العنف والإرهاب إلي 11..4 مليار دولار عام 2012، قبل أن يرتفع المبلغ في العام التالي إلي 12.2 مليار دولار، إلي أن وصل في عام 2014 إلي 12.6 مليار دولار. إذا لم تتعلم قطر من هذا الدرس.. فمتي تتعلم إذن؟.