الخطاب الثاني للرئيس الأمريكي أوباما الذي وجهه مساء الخميس الماضي من الخارجية الأمريكية بواشنطن إلي العالمين العربي والإسلامي يشير في ظاهره إلي انه نقطة تحول مهمة تستوجب الفحص والتحليل للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الدول العربية والإسلامية بوجه عام ودول الشرق الأوسط بوجه خاص. فلقد مضي علي خطابه الأول الذي القاه في جامعة القاهرة قرابة 32 شهرا و51 يوما وكان بحق رسالة محبة وتفاهم بين أمريكا والعالمين العربي والإسلامي.. ومبادرة تصالح مع الاسلام والمسلمين واستشهد فيه بآيات من القرآن الكريم للتفريق بين الاسلام والإرهاب مدعما الوجود الاسلامي في أمريكا حيث بها 1.8 مليون مسلم و أكثر من 0021 مسجد.. بهذا يتأكد للجميع ان هناك اهتماما لا محدودا من الادارة الأمريكية بالعالمين العربي والاسلامي.. ومن الضروري تحقيق التوازن والمصالح المشتركة بين أمريكا دولة القطب الواحد وهذه الدول التي تشكل خمس سكان العالم. وأيا كانت الفقرات التي تضمنها خطاب أوباما الثاني فإنها جاءت وسط غيوم الشك العربي والاسلامي تجاه السياسة الأمريكية التي تدعم التوجه الاسرائيلي علي جميع المستويات.. وخلال الساعات التي اعقبت هذا الخطاب كانت زيارة نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي لواشنطن ولقاؤه الموسع مع أوباما والادارة الأمريكية وقيادات البيت الأبيض للتأكيد بأن الخطاب جاء شعارات جوفاء دون أية خطوات عملية تجاه الشرق الاوسط الجديد بعد الثورات التي اجتاحت السودان وتونس ومصر والعراق ومازالت تتأجج في اليمن وسوريا والبحرين وغيرها من الدول العربية. يأتي في هذا السياق ان خطاب أوباما جاء روشتة هشة لعلاج التنمية والسلام بالشرق الأوسط الجديد.. وأيا كان الأمر فإن مخالب النظام الأمريكي تعيث في المنطقة فسادا.. ولاتزال علي فوهة بركان التحول والتغيير الكبير.. بهذا يتأكد استمرار عدم الاستقرار أو التوتر في الشرق الأوسط بسبب السياسة الاسرائيلية. فلقد رفض نتنياهو الانسحاب إلي الحدود التي كانت قائمة قبل احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية خلال حرب 7691 متسائلا: اين الضمانات التي قدمها بوش الابن عام 4002 والتي اكدت علي عدم الانسحاب من أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقيةالمحتلة.. الغريب ان أوباما لم يحدد برنامجا زمنيا للانسحاب الاسرائيلي بل ترك الحابل مع النابل تأكيدا للتحيز الأمريكي لاسرائيل واستمرار الأخيرة في بناء المستوطنات. اعتقد أن الخطاب الثاني لأوباما يؤكد مجددا دعم أمريكا لاسرائيل وان جهود انقاذ السلام بالمنطقة مصيرها الفشل.. وحقوق الفلسطينيين والعالم الإسلامي في مهب الريح.. وان الدافع الحقيقي لهذا الخطاب هو التخوف من الثورات الشعبية في العالم العربي.. فهناك خطر يهدد الوجود الأمريكي بالمنطقة.. ولقد كرر أوباما قوله: »إنه رغم جهودنا لفتح صفحة جديدة فإن مستقبل الولاياتالمتحدة مرتبط بمستقبل المنطقة التي تشهد الآن اضطرابات لم يسبق لها مثيل.. الانتفاضات الشعبية تهدد اصدقاء واعداء الولاياتالمتحدة علي السواء!! الخطاب في ظاهره دعم الاصلاح الديمقراطي والاقتصادي وفي باطنه مساندة إسرائيل إلي مالا نهاية لتظل شوكة في ظهر العرب وفشل مفاوضات السلام وانهيار خارطة الطريق وزوال مبادرة السلام العربية. [email protected]