الاتفاق علي دعم الحوار في ليبيا لتسوية الأزمة سياسياً وتلبية طموحات الشعب الليبي وصل إلي أرض الوطن مساء أمس الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب جولة أفريقية ناجحة شملت تنزانيا ورواندا والجابون وتشاد لتعزيز علاقات التعاون بين مصر وأفريقيا بشتي المجالات. وكان الرئيس قد اختتم جولته بزيارة الي تشاد حيث كان في استقباله الرئيس التشادي إدريس ديبي وعدد من كبار رجال الدولة والسفير المصري وأعضاء البعثة الدبلوماسية. وأجريت مراسم الاستقبال الرسمية للرئيس السيسي، التي بدأت بعزف السلام الوطني للبلدين ثم استعرض الرئيسان حرس الشرف، وصافح الرئيس مستقبليه من كبار رجال الدولة بتشاد. وعقب ذلك توجه الرئيس مع نظيره التشادي الي مقر الرئاسة لعقد جلسة مباحثات ثنائية، تم خلالها بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، خاصة الاقتصادية والتجارية، كما تم بحث عدد من الملفات والقضايا المهمة للبلدين، وعلي رأسها جهود مكافحة الارهاب في القارة والقضايا ذات الاهتمام المشترك. صرح السفير علاء يوسف المُتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس التشادي رحب بزيارة الرئيس السيسي، مشيراً إلي أنها الزيارة الأولي لرئيس مصري لتشاد في تاريخ العلاقات بين البلدين. وأشاد الرئيس ديبي بالجولة التي يقوم بها الرئيس في عدد من الدول الأفريقية، والتي تؤكد الانتماء الأفريقي لمصر وتوجّه الرئيس نحو استعادة دورها علي الساحة الأفريقية. وأشاد الرئيس ديبي خلال المباحثات بالعلاقات الوطيدة بين مصر وتشاد والروابط الممتدة التي تجمع بينهما، مؤكداً حرص بلاده علي تطوير التعاون المشترك مع مصر في مختلف المجالات. كما أعرب الرئيس التشادي عن حرص بلاده علي تشجيع الاستثمارات المصرية في تشاد، مشيراً إلي قرار حكومته بإعفاء رجال الأعمال المصريين من الحصول علي تأشيرات دخول لتشاد في إطار الحرص علي جذب المستثمرين المصريين وتوفير التسهيلات اللازمة لهم. وأشاد الرئيس ديبي بنشاط الشركات المصرية التي تعمل في تشاد، مؤكداً حرص الحكومة التشادية علي تذليل العقبات التي تواجه شركتي المقاولين العرب ومصر للطيران. ومن جانب آخر، أعرب الرئيس ديبي عن تقديره لما تقدمه مصر لتشاد من برامج بناء القدرات والتدريب في المجالات العسكرية والمدنية ولاسيما في مجال التعليم. وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس أعرب خلال المباحثات عن سعادته بزيارة تشاد للمرة الأولي، مشيداً بالعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين، ومؤكداً حرص مصر علي تعزيز وتطوير العلاقات مع تشاد علي مختلف المستويات، أخذاً في الاعتبار وجود البلدين في منطقة تشهد تحديات مختلفة. وأكد الرئيس وجود آفاق واسعة لتطوير التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بين البلدين في مجالات الثروة الحيوانية والصحة والزراعة والري والبنية التحتية والطاقة. التعاون مع الأشقاء وأكد الرئيس اهتمام مصر بمواصلة التعاون مع الأشقاء في تشاد في مجال بناء القدرات، وذلك من خلال الدورات التدريبية التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في مختلف التخصصات المدنية والعسكرية. وأضاف السفير علاء يوسف أن المباحثات بين الرئيسين شهدت تطابقاً في وجهات النظر حول عدد من الموضوعات الإقليمية والدولية، كما أعرب الرئيسان عن ادانتهما لكافة الجرائم الإرهابية التي ترتكب في مختلف دول العالم وآخرها الحادث الإرهابي في بوركينا فاسو والذي أسفر عن سقوط عدد من الضحايا والمصابين. وفي هذا السياق أشاد الرئيس ديبي بجهود ومواقف الرئيس الحاسمة في مواجهة الإرهاب والتطرف. كما أشاد الرئيس بجهود تشاد في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، معرباً عن تقديره للتضحيات الكبيرة التي تقدمها في هذا الشأن. واتفق الرئيسان علي أهمية تكثيف الجهود علي المستويين الاقليمي والدولي لمجابهة التنظيمات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة. الأزمة الليبية وبحث الرئيسان أيضاً مستجدات الأوضاع في ليبيا، حيث أكدا أهمية استمرار الجهود من أجل دعم الحوار بين الأطراف الليبية بهدف مساعدتهم علي التوصل إلي تسوية سياسية للأزمة في هذا البلد الشقيق، وبما يتيح ترسيخ دعائم مؤسسات الدولة وتلبية طموحات الشعب الليبي في حياة كريمة ومستقرة. وفي هذا الإطار أشاد الرئيس التشادي بالجهود التي يقوم بها الرئيس للتوصل إلي تسوية سلمية للأزمة الليبية. وفي ختام المباحثات، اتفق الرئيسان علي تفعيل دور اللجنة المشتركة بين البلدين وعقد دورتها القادمة في مصر قبل نهاية العام الجاري، بهدف دفع مجالات التعاون بين البلدين علي مختلف الأصعدة. ومن جانب آخر، وجه الرئيس الدعوة للرئيس التشادي للمشاركة في المؤتمر الدولي للشباب، ومنتدي الاستثمار في أفريقيا 2017، المقرر عقدهما في شرم الشيخ في نوفمبر وديسمبر المقبلين، وقد رحب الرئيس ديبي بالدعوة مؤكداً تطلعه لزيارة مصر في أقرب فرصة. وقد أقام الرئيس ديبي مأدبة غداء تكريماً للرئيس، ثم قام بتوديعه في المطار. وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التشادي عقب جلسة المباحثات أكد الرئيس السيسي أنه جاء إلي تشاد بيد ممدودة للتعاون والسلام والبناء والاستقرار، مؤكداً ان مصر حريصة علي تقديم كل العون والمساعدة اللازمة لتشاد في ضوء كونها دولة حبيسة وأضاف قائلا »يمكنكم أن تعتمدوا علينا في ذلك واؤكد هنا علي ما ذكره الرئيس ديبي خلال المباحثات بأن المشكلات والتحديات الكبيرة تحتاج إلي أفكار جديدة للتغلب عليها» وشدد السيسي علي التزام حكومتي البلدين بإيجاد حلول حقيقية لتسهيل الحركة بين مصر وتشاد، وإذا تم اتخاذ القرار فلا يكون هناك تردد في تنفيذه. حسن الضيافة ووجه السيسي الشكر والتقدير لنظيره التشادي وشعبه علي حسن الضيافة والاستقبال لافتا إلي أن زيارته وإن كانت الأولي لدولة تشاد الشقيقة فلن تكون الأخيرة. وأعرب السيسي لنظيره التشادي عن تقدير مصر الكبير للجهود التي يقوم بها في تجمع الساحل والصحراء، الذي يعد ثاني أكبر تجمع في أفريقيا بعد الاتحاد الأفريقي، وذلك رغم الصعوبات والتحديات التي تواجه تشاد والتضحيات الكبيرة التي تقدمها في حفظ السلم والأمن والتصدي للإرهاب والتطرف في منطقة الساحل الأفريقي. وأوضح السيسي أن قضية الإرهاب تستدعي منا مواجهة شاملة، ليس فقط علي الصعيد العسكري والأمني، وإنما كذلك من خلال الثقافة والتعليم وغير ذلك من المجالات حتي يمكن تحقيق نتائج حاسمة في هذه المواجهة. وأكد الرئيس أنه سيعمل مع نظيره التشادي علي التغلب علي كل التحديات التي تواجه شعوبنا والتي تحملنا مسئولية العمل علي تحقيق رفاهيتها واستقرارها وتقدمها، لافتا إلي أنه أكد خلال المباحثات علي ضرورة بذل مزيد من الجهد لتحقيق هذه الأهداف. واختتم السيسي كلمته موجهاً حديثه للرئيس التشادي قائلا »أتطلع لاستقبالكم في المستقبل القريب في بلدكم الثاني مصر، فلكم أشقاء في مصر يمكنكم الاعتماد عليهم». تأتي جولة الرئيس الأفريقية في إطار انفتاح مصر علي القارة السمراء، وحرصها علي مواصلة تعزيز علاقاتها بدول القارة في كافة المجالات وتكثيف التواصل والتنسيق مع أشقائها الأفارقة، فضلا عن تدعيم التعاون مع هذه الدول علي كافة الأصعدة، وخاصة علي الصعيدين الاقتصادي والتجاري، وذلك في ضوء الأولوية المتقدمة التي تحظي بها القضايا الأفريقية في السياسة الخارجية المصرية.