ليست هذه هي المرة الأولي التي يحذر فيها المجلس الأعلي للقوات المسلحة من المؤامرات علي الثورة وعلي مصر. ولكنها المرة الأولي التي يتحدث فيها عن »نفاد الصبر« تجاه هذه المؤامرات والأدوار المشبوهة من أعداء البلاد في الداخل وفي الخارج. »نفاد صبر« المجلس الأعلي للقوات المسلحة يعني الكثير، خاصة حين يترافق مع »نفاد صبر« الملايين من شعب مصر، وهم يرون الأخطار التي تحيط بالثورة وتهدد الدولة، ويعيشون في ظل غياب أمني لم يعد ممكناً أن يستمر، وفي ظل مخاطر اقتصادية لم يعد ممكناً التعامل معها بانتظار الفرج، وفي ظل فتنة طائفية وعربدة للاتجاهات المتطرفة ومهادنة غير مبررة من أجهزة الدولة وضعت الوطن علي حافة الخطر، وتركت الشارع في يد عصابات البلطجة أو عصابات التطرف وجماعات التكفير. بيان المجلس الأعلي للقوات المسلحة يتحدث عن مؤامرة مدروسة تقوم بها »فئة ضالة«.. وعن جرائم كإثارة الفوضي وإحداث الوقيعة بين الشعب والجيش، وداخل صفوف القوات المسلحة، وعن البلطجة والفتنة الطائفية. ويتحدث أيضاً عن تشديد العقوبات وصدور أول أحكام بالإعدام والأشغال الشاقة. لكن الأمر بلا شك يحتاج لأكثر من ذلك. إننا أمام وضع بالغ الخطورة، ولا مفر أمامنا من مواجهة شاملة لهذه »الفئة الضالة« بكل أطيافها.. سواء من البلطجية، أو مثيري الفتنة، أو من يديرون المؤامرة ويحلمون بضرب الثورة وإعادة الماضي الكريه. المواجهة الشاملة، وبالقانون، هي التي تنقذ الموقف وتردع المتآمرين وتعيد الاستقرار وتحمي الثورة. ولا شك أن المطلوب كثير لهذه المواجهة، ولكن نقطة البدء الأساسية هي إعادة الأمن الغائب واستعادة هيبة الدولة. وأظن أن الأهم من كل البيانات والتصريحات كان قرار مد جهاز الشرطة بخمسين ألف عنصر جديد، وتزويده بجميع الإمكانيات للخروج من حالة العجز التي طالت. لكني أعتقد أن الأمر يحتاج لوقفة حاسمة تترجم »نفاد الصبر« إلي إنشاء قيادة عليا تتولي هذه المهمة، وتملك من الصلاحيات ما يمكنها من وضع كل إمكانيات الدولة لإعادة الأمن وفرض سيطرة الدولة وسيادة القانون. أما البيانات وحدها فلن تردع »الفئة الضالة« ولن تقضي علي البلطجية وخفافيش الظلام!