الكل يلعب على الكل رغم محاولة نتنياهو أن يبدو كما لو كان يعطى ظهره لبوتين علي رقعة شطرنج إقليمية معقدة، تسعي ايران إلي علاقات افضل مع موسكو في حين يعمل الروس علي توسيع تعاونهم الاستخباراتي مع اسرائيل في سوريا. ويري علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني «احد الداعين إلي تحسين العلاقات مع موسكو» أن توجه ايران شرقا وتحديدا نحو روسيا أولا يعد خيارا استراتيجيا للبلاد. الا ان علاقات ايران مع القوي الدولية اصبحت اكثر غموضا بسبب التغيرات التي جرت في المنطقة. وتعد روسيا حليفا استراتيجيا في دعم الرئيس السوري بشار.. كما تعد ايضا شريكا محتملا في تشكيل سوق الغاز العالمي حيث تحوي الدولتان اكبر احتياطيات في العالم.. ورغم ان روسيا تعاقدت مع ايران لإمدادها بمفاعل بوشهر - المحطة النووية الايرانية الوحيدة المنتجة - وتجري مباحثات لدعمها بثماني محطات اخري، الا انها لم توقف اجراء احالة ايران إلي مجلس الأمن في 2006 ولا حتي العقوبات اللاحقة.. وفي 2005 تولي لاريجاني منصب امين عام المجلس الأعلي للأمن القومي وبدأ في السعي للاندفاع نحو موسكو املا في مساعدتها لوقف احالة ايران لمجلس الأمن والعقوبات الأممية. لم يفلح نهج لاريجاني في «التوجه نحو موسكو».. وكشف مصدر قريب من آية الله علي خامئني قائد الثورة الايرانية ان الأخير شعر بخيبة امل من لاريجاني عندما ساندت روسيا عقوبات الأممالمتحدة وربما كان هذا هو السبب في استبداله بسعيد جاليلي في اكتوبر 2007. بعد 10 سنوات، رسخت الاتفاقية النووية التي تم التوصل إليها في جنيف، العلاقات بين ايرانوروسيا، مما حدا بموسكو ان تعتزم دعم ايران بأنظمة الدفاع الصاروخية «اس 300» التي كانت محظورة بموجب العقوبات الأممية كما توشك الشركات الروسية علي الفوز بعقود في ايران. ايضا، وتقف طهرانوموسكو علي نفس الجانب بشأن سوريا لدعم الرئيس الأسد سواء بخبراء من فيلق الحرس الثوري الايراني او ضربات جوية روسية وتواجد محدود للقوات الروسية علي الأرض.. الا انه حتي في سوريا يوجد خلاف واحد مهم جدا بين ايرانوروسيا يتمثل في علاقة موسكو القوية بإسرائيل التي تقول طهران إنها لن تعترف بها ابدا. وعندما بدأت روسيا استهداف جماعات مناهضة للاسد في سبتمبر، ثارت المخاوف من غضب اسرائيلي تجاه موسكو بعدما شنت تل ابيب هجمات في سوريا علي الجانب الآخر من النزاع، معربة عن قلقها بشأن تحالف الأسد مع جماعة حزب الله اللبنانية التي خاضت حربا ضدها في 2006. وقال يوشي البير المحلل السابق بالموساد الاسرائيلي ان هناك تنسيقا ناجح بين روسيا واسرائيل بشأن سوريا يتمثل في احداث «تنمية استراتيجية كبيرة بالشرق الأوسط». وقال البير انه عندما بدأت القوات الجوية الروسية الترتيب مع العلويين في سوريا، اسرع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلي موسكو للقاء بوتين.. واتفق نتنياهو علي التنسيق بين الجيشين الروسي والاسرائيلي، مشيرا إلي ان اسرائيل سوف تمنع نقل الأسلحة إلي حزب الله.. وكان ابرز تعاون بين روسيا واسرائيل هو اختراق الطائرات الروسية للأراضي التي تحتلها اسرائيل في الجولان. وتحدث البير في كتابه Periphery او «المحيط الخارجي» الذي نشر في العام الماضي عن المصالح التي طال انتظارها جراء اتاحة دور اكبر لإيران علي رقعة الشطرنج الإقليمية.. وجاء في كتاب البير ان اسرائيل سعت طويلا لإقامة تحالفات مع قوي اقليمية بينها ايران قبل ثورة 1979.. واستدعي الأمر وقتها لمناقشات بالموساد بشأن التخطيط لقتل آية الله خوميني. وفي كتابه الصادر حديثا NO End to Conflict او «صراع بلا نهاية» الذي يركز علي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني في محاولة لاستعادة محورية القضية التي يشعر انه تم اهمالها، ومن خلالها يتطلع إلي علاقات متنامية لاسرائيل مع الدول العربية بحيث تتولد في اطار مخاوف مشتركة من ايران. وذكر البير ان اسرائيل لم تشهد ابدا مثل هذه الدرجة من التعاون الاستراتيجي مع جيرانها العرب. واضاف ان العرب لم يمارسوا اي ضغط بشأن القضية الفلسطينية التي اصبحت اقل الحاحا. ومثل لاريجاني يتطلع البير إلي روسيا ويخطط لإصدار كتابه التالي حول عودة العلاقات بين تل ابيب وموسكو إلي الحقبة السوفيتية، الا ان رؤساءه السابقين في الموساد نصحوه بالكتابة في هذا الشأن فقط في احد روايات الخيال الادبي.