مازالت معركة قانون الخدمة المدنية تلقي بظلالها علي أروقة البرلمان، وترددت اصداؤها بين جنبات مجلس النواب بشكل ملفت لاسيما مع عدم نشر قرار المجلس برفض القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015، بخصوص الخدمة المدنية في الجريدة الرسمية، وذلك رغم رفض المجلس للقرار بقانون في جلسته المنعقدة يوم الاربعاء قبل الماضي بتاريخ 20 يناير 2016، أي منذ ما يزيد علي احد عشر يوما. حالة البلبلة التي صنعها عدم نشر قرار الرفض بالجريدة الرسمية ادخلت اعضاء البرلمان والخبراء في حسبة برما، خاصة مع استدعاء نص المادة 225 من الدستور، والتي تقضي بأنه: «تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ اصدارها، ويعمل بها بعد ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ نشرها، إلا اذا حددت لذلك ميعادا آخر». ولا تسري احكام القوانين إلا علي ما يقع من تاريخ العمل بها، وعلي هذا فإن العمل بقانون الخدمة المدنية لايزال ساريا ونافذا، حيث ان قرار رفض السلطة التشريعية للقانون لم نعمل به.. بل لم يعلن في الجريدة الرسمية من الأساس. المستشار أحمد سعد الدين أمين عام مجلس النواب قال في تصريح صحفي ان المجلس لم يخطر الحكومة برفض القانون، لانه لم يتسن له حتي الآن التصديق علي مضابط الجلسات التي اقر المجلس فيها رفض القانون لاخطار الحكومة بقرار الرفض وحيثيات الرفض من خلال تفاصيل المناقشات المثبتة في المضابط.. والتي لم يصدق عليها البرلمان حتي الآن. وهو ما فتح الباب أمام معركة دستورية جديدة، فالتصديق علي المضابط يتطلب الطرح للتصويت في جلسة المجلس، واول جلسة سيعقدها المجلس وفقا للدكتور علي عبدالعال رئيس المجلس ستكون يوم الاحد القادم بتاريخ 7 فبراير 2016، أي بعد ثمانية عشر 18 يوما بالضبط من قرار رفض المجلس للقانون، وهنا تتجلي المخالفة الدستورية الواضحة لنص المادة 225، القاضية بنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال 15 يوما من تاريخ اصدارها. ومن جديد يعود المجلس للمآزق الدستورية، فبعد نجاح اجتياز المادة 156 واقرار القرارات القوانين الصادرة في غيبة المجلس خلال 15 يوما من انعقاده، يصطدم البرلمان ب15 يوما جديدة ينبغي عليه، اخطار الحكومة برفض قانون الخدمة قبل انقضائها، الا ان عاقبة عدم النشر غير مبينة عما كان في نص المادة 156 التي افضت إلي زوال اثر القرارات بقوانين ما لم يقرها المجلس. ممااثار التساؤلات هل يعتبر انقضاء ال15 يوما دون نشر رفض البرلمان اسقاطا أو اغفالا لهذا النص، أم هي مجرد مواءمة سياسية اقتضتها الضرورة.. تحاشيا لحدوث حالة من الفراغ التشريعي فيما يتعلق بالجهاز الاداري للدولة، وتحديدا لصرف رواتب الموظفين بعد الرفض، عن شهر يناير 2016، أم هو مجرد تعطيل غير مقصود لسير العمل وفق المادة 225، خاصة بعد اعلان المجلس معاودة انعقاد بعد اكثر من 15 يوما، كما انه تم تساؤل اخر فحواه هل لو صدق المجلس علي مضابط الجلسات في مستهل جلساته القادمة، واخطر الحكومة سيتم النشر في الجريدة الرسمية وما يترتب عليه من اعتماد الرفض البرلماني للقانون علي الصعيد الدستوري والقانوني والعملي. من جانبه قال النائب مصطفي بكري عضو مجلس النواب، ان الحكومة والبرلمان معا مسئولان عن وضع الدولة في هذا المعترك، وذلك ان الحكومة اتاحت للنواب عرض مقترحاتهم لتعديل القانون في اللحظات الاخيرة، بينما كانت اعين النواب علي الشارع الذي كان يموج من سخطا ازاء هذا القانون، ولم تنظر لرغبة الدولة في هيكلة إصلاح جهازها الإداري، معربا عن اعتقاده ان السبب وراء تأخر الحكومة في اعلان رفض البرلمان لهذا القانون والعودة للعمل بالقانون القديم رقم 47 هو تجده الحكومة من حالة نزاع تشريعي في هذا الشأن الهام. فضلا عن كل هذا فهناك جولة جديدة لمعركة الخدمة المدنية، تلوح في الافق بين البرلمان والحكومة، هذه الجولة تكهنت بها اراء الخبراء وبعض التسريبات القائلة بأن مجلس الوزراء بصدد ادخال تعديلات ملموسة علي القانون، وذلك بالاستعانة بالمستشار مجدي العجاتي وزير الشئون القانونية ومجلس النواب الذي حضر مناقشات الرفض، واحاط باجماع النواب علي رغبة تعديل مواد بعينها، وسط توقعات يعرض هذه التعديلات علي المجلس خلال جلساته الاسبوع المقبل والامر الذي يهدد برفض برنامج الحكومة برمته حال رفض البرلمان لقانون الخدمة المدنية المعدل للمرة الثانية، سيما ان مجلس الوزراء يعقد علي هذا القانون لبناء برنامجه القائم علي الإصلاح والتطوير والهيكلة للجهاز الاداري للدولة، ما يعني ضرورة تعديل الحكومة والمصرة علي هذا القانون برنامجها نفس حال رفض الخدمة المدنية مرة أخري.