توقفت طويلا أمام الملاحظات التي وجهها الجهاز المركزي للمحاسبات متهما الحكومة بعدم دقة دراسات الجدوي بشأن المنح الخارجية! النتيجة المنطقية أن ما يصلنا من قروض ومنح لا يتم استخدام الكثير منه بالكفاءة المطلوبة، لسبب لا يجب أن يثير الدهشة، بقدر ما يجب ان يدفع الي المساءلة لمن اسند الي »جهة ما« مهمة اعداد دراسات جدوي لمشروع، فتمت العملية علي نحو معيب ماليا أو فنيا، ثم ان الحساب لابد ان يمتد الي من قام باعداد وتقديم دراسات الجدوي دون المستوي الذي يوفر جميع الضمانات لاستخدام القرض أو المنحة علي النحو الأمثل. جهاز المحاسبات لا يدخر جهدا في كشف المستور وتوجيه النقد الي حد ان يقول للغولة ان »عينها حمرا«، وأن يشير الي الاعور بانه »اعور في عينه«، والمطلوب ان يسلط الاعلام الاضواء علي كل ما من شأنه أن يضبط الايقاع، وأن يتلقف البرلمان ولجانه المعنية تقارير الجهاز ليدرسها، ولتكن الاساس الذي تنطلق من قاعدته عمليات المساءلة البرلمانية لمن يثبت أنه أخطأ أو اساء استخدام سلطته، أو تقاعس عن اداء مهامه. الواقع أن ما يحدث شيء يجب أن يزعج أي مواطن أو مسئول، حين يكون مصير العديد من تقارير الجهاز الإهمال، أو الادراج المغلقة، بعد أن يستثمرها بعض محترفي البحث عن »الشو الاعلامي«، وفي اعقاب »الفرقعة« التي يسعي لاحداثها هؤلاء تهدأ الأمور، في انتظار تقرير جديد و»شو« أكثر سخونة! توصيات تقرير »المركزي للمحاسبات« لا يجب التعامل معها بمنطق »تسديد الخانات« علي الاقل حين تتعلق بمليارات اتاحتها القروض والمنح، ليتم ضخها فيما يعود بالفائدة علي الوطن والمواطن، بدلا من ان يساء استخدامها أو لا يتم استثمارها بالكفاءة الواجبة. كل دولار أو دينار أو يورو يصل الي مصر، ولا ينفق علي الوجه الأمثل جريمة يجب ألا تمر دون عقاب.