لكن الواقع يؤكد إهدار هذه الأموال في مشروعات "تافهة" ولم تفد الدولة في شيء، ولم تساعد الاقتصاد المصري علي النحو المطلوب، رغم مزاعم مسئولي الحكومة أن المنح والقروض تذهب لمشروعات تنموية ضخمة لم تضح ملامحها بعد.. فأين ذهبت هذه الأموال؟ د. حمدي حسن نائب الإخوان المسلمين بمجلس الشعب يؤكد أن هناك معلومات تؤكد حصول مصر علي منح وقروض من الدول الأجنبية يهدر منها 25% علي الخبراء الذين يفرضون علي مصر مقابل الحصول علي هذه القروض وهو ما يؤثر بالسلب في الاقتصاد المصري مثل اشتراط الخصخصة وفرض عادات وتقاليد تسيء إلي المجتمع المصري تحت دعاوي تحرر المرأة علي الطريقة الغربية ومحاربة الختان. وأوضح أن البنك الدولي لا يقوم بمنح مصر أي قروض تخدم عملية التنمية لأنه البنك ذاته الذي وقف ضد المصالح المصرية أثناء إنشاء السد العالي ورفض تمويلها واشترط وقتها التفتيش علي ميزانية مصر وعدم توقيع مصر علي اتفاقية دولية للحصول علي منح أو قروض إلا بعد موافقة البنك الدولي، وعلي الجانب الآخر نجده يوافق علي تمويل المشروع الصهيوني الخاص بشق قناة البحرين التي تخدم المصالح الإسرائيلية. وأضاف النائب أن المعونات المسمومة التي تقدم للحكومة المصرية ليس لها هدف سوي إغراق السوق المصرية بالسلع الترفيهية والتي تزيد من حجم التضخم وتجعل المصانع المصرية تفشل في مواجهة المنافسة الخارجية مع انهيار قيمة العملة المحلية وهروب الاستثمار. ويفجر عضو مجلس الشعب قنبلة من العيار الثقيل في مجال التعليم قائلا: لا أحد ينكر حجم الفساد الذي لحق بالتعليم المصري نتيجة المنح والقروض الأجنبية المشبوهة التي أدت إلي تغيير المناهج التعليمية في مصر من خلال خبراء الغرب تحت مسمي "تطوير التعليم" والكارثة من وجهة نظر النائب هي إلغاء المقررات الدراسية وتقليل الأحداث التاريخية والدينية لطمس التاريخ الإسلامي والعربي وإلغاء المواد الخاصة بتدريس التربية الوطنية ومحو الرموز التاريخية. وأوضح أن السواد الأعظم الذي حل بالمصريين هو خصخصة كل شيء بمباركة البنك الدولي والتي كان آخرها تحويل حياة الفلاح البسيط لعذاب بعد قرار خصخصة مياه الترع. يشير صلاح عبد العاطي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إلي أن هناك العديد من المعلومات التي تكشف جميع المنح والقروض التي حصلت عليها مصر من مختلف دول العالم خلال الفترة ما بين عامي 4002 /9002 من خلال الاتفاقيات في مجال التعاون الدولي لدعم العلاقات الدولية، فعاما 2004/ 2005 شهدا توقيع عدد من الاتفاقيات بقيمة إجمالية بلغت ما يعادل 2114 مليون دولار منها مليون دولار "1553" وتمت الموافقة علي عدد 44 اتفاقية من جملة هذه الاتفاقيات كما بلغ إجمالي حجم التمويل من خلال هذه الاتفاقات ما قيمته 1795 مليون دولار حيث بلغ حجم المنح منها 1408 ملايين دولار بنسبة 4.78% من إجمالي التمويل بينما بلغ حجم القروض 387 مليون دولار بنسبة 6.21% من إجمالي التمويل والمقدمة من دول مثل "الولاياتالمتحدةالأمريكية - اليابان - كندا - الاتحاد الأوروبي - الصندوق الدولي - البنك الإسلامي للتنمية - صندوق الأوبك - صندوق الكويت" في حين بلغت القروض والمنح عامي 2005/ 2006 1762 مليون دولار من الولاياتالمتحدةواليابانوكندا وكوريا والصين ومنظمات التمويل الدولية والعربية. وقد شهد عاما 2006/ 2007 توقيع 44 اتفاقية دولية نتج عنها 2006 ملايين دولار، وفي حين بلغت الاتفاقيات التي وقعت عامي 2007/ 2008 ما يعادل 1260 مليون دولار. إن حجم المعونة التي حصلت عليها مصر من المنح والقروض خلال عامي 2008/2009 بلغت 1658 مليون دولار. ويوضح أنه وفق المعلومات حول الجهات المستفيدة من المنح والقروض فإنها تنفق في مجال "التعليم، الصحة القطاع المصرفي، القطاع العقاري، النقل، الضمان الاجتماعي، المرأة، البيئة، الكهرباء، الإسكان، القطاع الخاص، الموارد المائية، الاستثمار، الزراعة، الثقافة". يشير د. سمير مرقص أستاذ المالية بالجامعة الأمريكية إلي أن المنح والقروض التي تحصل عليها مصر لا تتم إلا بعد عرضها علي مجلس الشعب.. وأن شروط الدول المانحة تتمثل في صرف هذه الأموال في الغرض الذي حصلت عليه من أجله.. نافيا أن تكون مصر قد تعرضت لضغوط من أجل الحصول علي هذه القروض وأن الهدف من وجود الخبراء الأجانب داخل القطاعات هو التأكد من صرف هذه الأموال في المكان المخصص له. من جانبه أكد النائب تيمور عبد الغني عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب إن المنح التي أتيحت لمصر من منظمات التمويل الأجنبي مشروطة بما يمس السيادة المصرية، كما أن استفادة القطاع الخدمي منها محدودة جدًا وذلك بسبب تضارب الخطط في العديد من الوزارات مما أدي إلي إهدار نحو 15 مليار جنيه فضلا عن الأخطاء التي شابت عمليات الاستخدام الفعلي طبقًا لتقرير الجهاز المركزي وهو ما زاد من أعباء الدين العام حتي وصل إلي 100 مليار جنيه بما يمثل 45% من موارد الموازنة العامة للدولة. وكشف عبد الغني عن أن حجم التمويل الأجنبي بلغ نحو 22.466 مليار دولار بما يعادل أكثر من 115 مليار جنيه جاءت من منظمات التمويل الدولية والإقليمية، مشيرًا إلي أن استفادة مصر من إجمالي هذه المنح ضعيف وتمثل في 7.48% فقط و54.8% من القروض، مؤكدا أنه في تقرير مصرفي لمركز المعلومات الأمريكي فإن تصدرت مصر قائمة الدول الأكثر اقتراضًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مما يكشف ربط السيادة المصرية بالخارج من خلال الرضوخ لتعليمات جهات التمويل. وأوضح أن هذه المنح والمعونات لم تحقق استفادات ملموسة سواء للاقتصاد القومي أو المواطن بل كبدت الدولة العديد من الخسائر منها تبديد القطاع العام وتنفيذ سياسات مالية مخططة تستهدف بيع مصر للأجانب وهو ما حدث في أغلب شركات القطاع العام عن طريق فرض أجندة الخصخصة لكل ما هو مصري حتي الشوارع والمدن العمرانية الجديدة وهو ما أكده التقرير الأمريكي بالإشارة إلي نجاح البنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية في إقناع مصر بالاقتراض بكثافة خلال السنوات الخمس السابقة بحيث تضغط هذه المؤسسات لفرض أجندات تروج للتحرر الاقتصادي الكامل قبل حدوث تنمية فعلية في الدول النامية وهو ما ينتج عنه نقل ثروات الدول الفقيرة إلي الشركات الأجنبية تحت مسمي خدمة القطاع الخاص ودفع التنمية وخلق وظائف جديدة رغم أنها في الحقيقة ترمي إلي هدف واحد هو بيع الممتلكات القومية لرجال الأعمال والشركات الغربية هذا بالإضافة إلي المعونة الأمريكية والأوروبية التي تعود بالنفع علي الدول المانحة لتلك المعونات حيث تستفيد أكثر من 2000 شركة أمريكية من خلال تصريف منتجاتها بأسعار باهظة في مصر علاوة علي قيام نحو 200 شركة بتنفيذ مشروعات المعونة والإشراف عليها بمبالغ ضخمة لأجور مستشاريها. في السياق ذاته كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات العديد من المخالفات التي شابت استخدام المنح والقروض الخارجية مما أدي إلي عدم الاستفادة منها قرض البنك الدولي للإنشاء والتعمير المبرم في 12/5/2005 بقيمة 120 مليون دولار لتمويل مشروع تطوير وإدارة الري المتكامل حيث توقف السحب من قيمة القرض حتي نهاية 2007 أكثر من 5% فقط، بالإضافة إلي وجود تأخير ملحوظ في استكمال خطة عمل المشروع وخطة التوريد وبدء عمل الاستشاريين وإعداد الخرائط المطلوبة وكذلك استكمال الاتفاقيات بين وزارة الموارد المائية والري ووزارة الزراعة بشأن تطوير أنظمة الري داخل مناطق المشروع مما يحمل الدولة أعباء ارتباط علي المبالغ غير المسحوبة من القرض ولم تتوقف خسائر المنح والقروض عند عهد حكومة د. نظيف فقط بل إنها أيضا شملت الفترات السابقة، وكشف التقرير عن توقف السحب من قرض الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي المبرم في عام 2002 بقيمة 17 مليون دينار كويتي لتمويل مشروع تزويد 240 قرية محرومة من مياه الشرب وبلغ حجم السحب من القرض 7.6 %. وبالنسبة للقروض الثلاثة المبرمة مع كل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق الأوبك للتنمية الدولية والبنك الإسلامي للتنمية بمبالغ 3 ملايين دولار و7.3 مليار دينار علي الترتيب للمساهمة في تمويل مشروع مركز أمراض الكبد الذي يتبع كلية طب القاهرة ويهدف إلي إنشاء مركز طبي متكامل لرعاية المصابين بأمراض الكبد، فقد تبين من المتابعة عدم الدقة في إعداد دراسة الجدوي للمشروع وتوقف السحب من القروض الثلاثة رغم مرور أكثر من 8 سنوات علي اتفاقيات القروض وتم إلغاء خطة إنشاء مركز أمراض الكبد واستخدام تلك القروض في تطوير المعهد للكبد والأمراض المتوطنة التابع لوزارة الصحة علي الرغم من الإجراءات التي تم اتخاذها لإنشاء مركز أمراض الكبد والمتمثلة في تخصيص موقع للمشروع وصدور تراخيص البناء وإجراء مناقصة لتنفيذ المرحلة الأولي من المشروع. في غضون ذلك، قررت الحكومة الاستغناء عن المنح التي تقدمها الدول الأوروبية لمصر، وذلك خلال عشر سنوات بعد تقدم وزيرة التعاون الدولي اقتراحًا بذلك أمام مجلس الشعب، وتمت الموافقة عليه نهائيًا. الاموال التي تمنح لنامن الدول القروض الدولية لاتسئل عليها لان له لببان وشبابيك كثيرة