أول تعليق لمحافظة القليوبية بشأن إقامة طابور الصباح للطلاب بالشارع ببنها    مبادرة بداية تقدم أكثر من 9.3 مليون خدمة مجانية    رئيس صندوق الإسكان تكشف حقيقة طرح شقق ب«الايجار التمليكي»    وزير الخارجية يؤكد استمرار جهود مصر في مساري الوساطة وإنفاذ المساعدات لغزة    خبير شؤون إسرائيلية يكشف تفاصيل جديدة بشأن الوحدة 8200 بجيش الاحتلال (فيديو)    برشلونة يهزم فياريال بخماسية ويواصل صدارته للدوري الإسباني    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة باريس الدولية للإسكواش    محافظ الغربية يتابع نتائج الحملات التفتيشية على الأسواق والمحال التجارية بسمنود    كان حتة مني.. إسماعيل الليثي يروي مأساة فقدان نجله من الطابق العاشر    انطلاق الحفل الفني في مهرجان الغردقة السينمائي بعزف منفرد وعروض الشو الروسي    جوري بكر عن دورها في برغم القانون: كنت خايفة لما قرأت السيناريو    بين الدراما والسينما.. 4 أعمال تنتظرها نسرين أمين    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت 82 مليونا و359 ألف خدمة مجانية خلال 52 يوما    محافظ أسوان يكشف مفاجأة بشأن الإصابات بالمستشفيات.. 200 فقط    وزير الخارجية يشارك بالحوار التفاعلى لقمة المستقبل المعنى بتحول الحوكمة    نتنياهو للكنيست: حوالى نصف المحتجزين أحياء حسب المعلومات المتوفرة لدينا    مياه الفيوم تكرم 59 من أبناء العاملين المتفوقين دراسيا    عبد الرحيم علي عن تشكيل حكومة يمينية متطرفة بفرنسا: "ولادة متعثرة".. وإسناد الداخلية ل"برونو روتايو" مغازلة واضحة للجبهة الوطنية    ورجعنا المدرسة    رئيس جامعة بنها يستقبل وفدا من حزب حماة الوطن    زيزو مع ابنته.. نجوم الأهلي والزمالك مع أبنائهم أول يوم مدرسة (صور)    "صعود أول 3 فرق".. اتحاد الكرة يعلن جدول وشروط دوري المحترفين    بلدية المحلة تتعادل سلبيا مع أبو قير للأسمدة استعدادا لدوري المحترفين    الوكرة يفوز على الريان 2-0 وحمدى فتحى يصنع ويُسقط تريزيجيه.. فيديو    وزير الصحة يكشف أهم المخالفات ب"الحوض المرصود" ويفسخ التعاقد مع شركة الأمن    رئيس جامعة أسيوط يستجيب لأسرة مواطن مصاب بورم في المخ    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    استبعاد مديري مدرستين بمنطقة بحر البقر في بورسعيد    العربية للتصنيع تحتفل بأبناء العاملين والعاملات من المتفوقين بالثانوية العامة    دون مصطفى محمد.. تشكيل نانت الرسمي لمواجهة أنجيه في الدوري الفرنسي    "اليوم" يرصد انطلاق العام الدراسي الجديد في معظم مدارس الجمهورية    "لما تتكلم عن الزمالك اتكلم باحترام".. نجم الأبيض السابق يوجه رسالة نارية لأحمد بلال    يسرا تحيي ذكرى وفاة هشام سليم: يفوت الوقت وأنت في قلوبنا    عاجل| مصر تحذر المواطنين من السفر إلى إقليم أرض الصومال    سفير الصين: 282 مليار دولار حجم التجارة مع أفريقيا بزيادة 26 ضعفا منذ 2000    مواعيد مباريات اليوم الأحد 22/9/2024 في مختلف المسابقات والقنوات الناقلة    الجنايات تعاقب "ديلر العجوزة" بالسجن المؤبد    مسؤول أمني إسرائيلي كبير: الوضع الحالي في الضفة الغربية يقترب من نقطة الغليان    رئيس جامعة حلوان يشارك في مؤتمر دولي بفرنسا لتعزيز التعاون الأكاديمي    ب 6 ملايين و669 ألف جنيه.. افتتاح مدرسة كفر الدير الإعدادية بالشرقية    وجعت قلبنا كلنا يا حبيبي.. أول تعليق من زوجة إسماعيل الليثي على رحيل ابنها    التعليم العالي: بحوث الإلكترونيات يطور منظومة تصوير بانورامي ثلاثي الأبعاد    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    ضبط فتاة زعمت تعدى 5 أشخاص عليها لزيادة نسب المشاهدات    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 150 مواطنا بقافلة طبية بالأقصر    المنوفية تستعد لتدشين المبادرة الرئاسية "صحة وطن"    بالبالونات والشيكولاتة، مدرسة ابتدائية بالغربية تستقبل التلاميذ في أول أيام العام الدراسي (بث مباشر)    لليوم ال22 .."البترول" تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر سبتمبر2024    متصلة تشتكي: ابني طلب يحط إيده على منطقة حساسة.. وداعية ينصح    طالب يسأل والمحافظ يجيب في طابور الصباح.. «سأجعل مدارس بورسعيد كلها دولية»    بداية فصل الخريف: تقلبات جوية وتوقعات الطقس في مصر    انتظام الطلاب داخل مدارس المنيا في أول يوم دراسة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    حرب غزة.. إصابة طفل برصاص الاحتلال في قراوة بني حسان غرب سلفيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس دفاعا عن عبدالناصر.. ولكن!
نشر في الأخبار يوم 13 - 02 - 2011

لماذا يصر البعض علي ابتذال هذه اللحظة العظيمة الفارقة، ليس فقط في تاريخ مصر، ولكن في تاريخ العرب، بل تجاوزت اصداؤها المنطقة إلي العالم؟
هؤلاء الذين لم يدخروا وسعا في تحويل اللحظة بكل روعتها الي مناسبة لتصفية حسابات ، عبر اجترار أكاذيب، وادعاء بطولات!
يراهنون علي ضعف ذاكرة المصريين، وكأن الأمس قد مضي عليه دهر يكفي لأن ننسي لونهم الحقيقي، ومواقفهم التي كرست الظلم والكبت والتخلف والفساد حتي اشتعلت نار الثورة .
الذين مارسوا الكذب باحتراف، وزيفوا الواقع وكأنه لا يدور تحت عيون من يخاطبونهم ، وهم لا يملكون من أدوات المهنة أو التأهيل أو الوعي ما يجعلهم جديرين بصياغة العقول، بل علي العكس يقدمون بضاعة فاسدة تضلل الرأي العام !
أولئك المتلونون كالحرباء، احرار في الانقلاب علي أنفسهم، ومواقفهم بين عشية وضحاها، لكن لماذا يجترئون علي التاريخ؟
لماذا يتم استدعاء جمال عبدالناصر وتجربته لاجراء مقارنة ليس هذا محلها أو مناسبتها؟!

أحدهم تمترس خلف اسم الصحيفة التي يترأس تحريرها، واستعار »اللوجو« الخاص بها ليوقع مقالا فاض سما، يقارن بين »الوهم« الذي عاشه المصريون في »الحقبة الناصرية«، وما وصفه ب»العصر الحالي«، ولم يترك شيئا لم يشكك فيه: بداية من العدوان الثلاثي، ودور مصر العربي والافريقي، وحتي مؤامرة 76 و.. و.. ولم يكتشف المصريون انهم عاشوا الوهم طويلا إلا بعد وفاة عبدالناصر!!
ثم ينتقل إلي ما وصفه ب»العصر الحالي«، وهو يقصد بالطبع »عصر مبارك« الذي انتهي، لكن قلمه خانه فلم يلحظ فروق التوقيت وراح يعدد مظاهر الوهم خلال حكم الرجل الذي جاء به من المجهول، بداية من دولة المؤسسات وسيادة القانون فإذا بهما يتبخران في لحظة، أما الأمن الذي لا يغمض له جفن فإذا به »في سبات عميق«، وبالنسبة للحزب الحاكم المسيطر علي الحياة السياسية »فإذا به خواء وسراب«، والنظام الأقوي من أن يهتز ازاء الأزمات العالمية فإذا به يتخبط أمام أزمة داخلية و.. و...
لكن الختام كان فوق الخيال، فالكاتب الذي اختبأ وراء اسم صحيفته أكد أن الوقت حان للتصحيح، الذي سيبدأ من الإعلام والصحافة، وأكبر دليل علي اننا علي الطريق الصحيح هكذا يقول بالحرف الواحد أننا بدأنا التغيير الكامل في وجود المؤسسات والهيئات التي كانت تضللنا!
ثم يواصل رهانه الخاسر علي بلاهتنا، بل إصابة كل مصر بالزهايمر بقوله: »اندهش كثيرون من اللغة الجديدة، اتهمونا باننا نبحث عن دور العهد الجديد، ونسوا أن من عاش الوهم مرة لن يحيا به أو يصدقه مستقبلا«!!
عشرات علامات التعجب لا تكفي لمواجهة هذا القدر من البراعة الفاجرة في ممارسة الدعارة الإعلامية بيانا عيانا، جهارا نهارا!.
نموذج يعبر عن تيار قفز كالفئران من السفينة الغارقة، محاولا اللحاق بقطار التغيير الذي تحرك فجأة، ولم يدخر نجوم هذا التيار وسعا في محاولات تدميره لكن ما إن بدأ في الانطلاق حتي اتخذوا قرارهم بحجز مقعد ولو في آخر عرباته!

وبينما كانت الجماهير العربية من المحيط إلي الخليج تؤازر وتدعم ثورة 52 يناير، إذا بأشباه الكٌتاب يساندون نظراءهم في مصر، علي صفحات جرائد تحرر بأقلام حبرها من نفط، لم تغفر نظمهم الرجعية ثأرها القديم من عبدالناصر، الذي كشف فسادهم وظلمهم أمام شعوبهم المنهوبة، فانبروا هم أيضا يقارنون بين مبارك وعبدالناصر!
يشيرون إلي أن مبارك له أخطاء، لكن بالمقابل »له من الانجازات المشرقة أضعاف مضاعفة من عبدالناصر وزمرته«، ولا بأس من أن ينعت عبدالناصر بأنه صاحب »الخطايا الكارثية«!
ولا اعرف لماذا لا يستثمر مثل هؤلاء الاشقاء شجاعتهم في تصحيح مسار أنظمتهم ورفع الظلم عن شعوبهم المنهوبة المغلوبة علي أمرها، ويدعون أمر مصر لأهلها ؟
لا أقول ذلك دفاعا عن عبدالناصر الذي فشلت كل محاولات الاغتيال المعنوي له ولتجربته خلال أكثر من أربعة عقود، لكن الأيام والتجارب تؤكد كل يوم أن دور عبدالناصر جاء في سياق تاريخي، وكان لها ثمارا، تماما كما كان له سلبيات لا يمكن انكارها، والرجل نفسه لم يدع الكمال، بل قام بممارسة النقد الذاتي بشجاعة لم ينكرها عليه حتي ألد اعدائه، لكن بعض بني جلدته تبجح وانكر وكذب وافتري!
الذين أصابهم عمي البصيرة قبل البصر، تعاموا وهم يقارنون بين ثورة عبدالناصر وتجربته، وحكم مبارك وممارسته عن فروق التوقيت، عن عصر ثورات التحرر الوطني، والصراع مع الاستعمارين القديم والجديد، وخيانة الأشقاء التي كشفت عنها الوثائق حين تلاقت مصالح المستعمر مع الرجعية العربية، وبرغم كل ذلك كان هناك سعي لنشر العدالة الاجتماعية، ومحاولة بناء تنظيم سياسي علي أساس جبهوي يلائم ظروف المرحلة ، ثم إن ذلك كان يحدث في ظل زعامة كاريزمية لا ينكر سوي جاحد انها كانت تعبيرا صادقا عن مصالح الغلابة الذين تحملوا طويلا الجور والظلم والتهميش وسلب أبسط الحقوق الإنسانية.
ولن نقع في ذات الخطأ بالدخول في مقارنة لن تكون في صالح حكم مبارك وممارسات نظامه مع الحقبة الناصرية، فكل من علي أرض مصر، وحولها وعلي امتداد العالم شاهد حجم الفساد والاستبداد والظلم والمسخ لتاريخ مصر ودولها عربيا وإقليميا ودوليا.

وأخيرا، لا بأس من تذكير بعض من يٌٌحسبون علي النخبة في غفلة من الزمن بثلاثة مشاهد:
في اعقاب نكسة 76 لم يتأخر عبدالناصر ساعة في الاعتراف بحقيقة ما حدث، ومسئوليته، ثم تنحيه عن السلطة، ومشهد الجماهير بالملايين التي طالبته بالاستمرا لا يغبي عن ذاكرة مصر ر، بالمقابل نزلت الملايين إلي شوارع كل مدن تطالب مبارك بالتنحي، فإذا به يناور حتي آخر لحظة!
جنازة عبدالناصر التي تظل متفردة في التاريخ، فهي الأكبر والأضخم، فهل هي أيضا كانت من اعداد واخراج التنظيم السياسي، كما ادعي كذبا من انكروا دور الجماهير في المظاهرات العفوية التي انطلقت عقب التنحي، وهل كانت جماهير السودان في القمة العربية الأولي بالخرطوم مأجورة ومدفوعة من رجال التنظيم الطليعي لتكون في استقبال القائد المهزوم، بالمقابل عشنا معا ساعات الفرحة الغامرة ليس فقط في مصر ولكن في شوارع عربية عديدة عند اعلان عمر سليمان عن أن الرئيس »تخلي عن منصبه«
وأخيرا، فإنه مقابل مليارات بلا حصر حصدتها عائلة الرئيس وحاشيته واعوانه من ساسة ورجال أعمال و.. و.. ، فإن المشهد يختلف تماما بالنسبة لعبدالناصر الذي لم يستطع ألد خصوم الطعن علي ذمته المالية، أما كبار رجال نظامه، وأثناء قضية مراكز القوة في مايو 17 فلم يستطع الرئيس السادات وأعوانه اتهامهم في ذممهم، فاثناء تفتيش منازلهم ومكاتبهم ثبت أن بعضهم مدين للبنوك، وبعضهم لا يملك إلا الستر!
مرة أخري، وليست أخيرة، فإن هذه السطور ليست دفاعا عن عبدالناصر أو ثورته أو تجربته، وليست محاولة لا هالة التراب علي عصر مبارك، ردا علي من فتحوا أبواب المقارنة بينهما، ولكنها محاولة لتسليط الضوء علي أمور هي أقرب إلي الحقائق. ثم إن ميراث عبدالناصر، برغم كل شيء يظل جزءا من ثروة معنوية وأدبية يمثل استثمارها في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية احدي الركائز التي يمكن الاعتماد عليها في أي تحرك لاستعادة دور مصر الذي غاب طويلا بفعل فاعل، بمعني آخر فإن أي قدر من البراجماتية يدعونا إلي عدم وأد أو تلويث التجربة الناصرية، وخسارة رصيد تذكرناه أثناء أزمة مياه النيل لنستدعي صورة عبدالناصر ودوره في افريقيا.
لا أظن بأي حال أن هذه السطور كانت دفاعا عن عبدالناصر الشخص أو الرمز أو التجربة لكنها في الحساب الختامي محاولة للتصدي لمن يحترفون تشويه تاريخ مصر، لصالح أچندات شخصية، ولتصفية ثارات قديمة.
اتقوا الله في مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.