»لن أغسل هذا البالطو.. سأظل فخورا بدم الشهداء عليه«.. كان هذا هو القرار الذي اتخذه الطبيب محمود عقب يوم الجمعة قبل الماضية، التي سماها المتظاهرون بميدان التحرير ب »جمعة الغضب«، لكن - مؤخرا- قرر ألا يكون هذا البالطو ملكا له وحده، ووضعه في مقدمة ميدان التحرير من ناحية عبد المنعم رياض ليشاهده كل من يدخل الميدان. لا يمكن لمن زار الميدان أمس ألا يتوقف عند هذا المشهد الذي ذرفت معه دموع كل الحاضرين، الذين حاول أحدهم أن يقبل هذا البالطو. وبعفوية الإنسان المصري البسيط، قال: »هذا الدم غال علينا جميعا.. فأصحابه لا يقلون عن شهداء حرب أكتوبر«. ومن بالطو الطبيب إلي ملابس الشهداء، حيث نظم المتظاهرون معرضا علي أحد جوانب الميدان لملابس الشهداء، كما وضعوا صورا لهم، وحرصوا علي أن يضموا لأسمائهم اللواء محمد البطران شهيد الواجب الذي توفي أثناء تأمين أحد سجون الفيوم لمنع المساجين من الفرار. »الشهداء الذين ضحوا بدمائهم لا يمكن ان نصفهم بأنهم يبيعون أنفسهم من أجل بضعة دولارات ووجبة كنتاكي«.. جاءت هذه العبارة علي لسان أحد الزائرين وهو يشاهد هذه الصور. وبينما أنا أسير في الميدان كانت هناك لقطة معبرة جدا، حيث التف محمد وخالد حول وجبة إفطار مكونة من البيض والبصل ورغيف خبز، وكتبوا لافتة مكونة من كلمة واحدة هي »كنتاكي«، كإشارة إلي اتهام جهات ما بتوزيع وجبات كنتاكي علي المتظاهرين. وكتب مصطفي شحاتة نفس الكلمة علي كرتونة بلح يقوم بتوزيعها علي رواد الميدان، الذين قالوا له: »من فضلك أعطنا وجبة كنتاكي«. وعلي جانب آخر من الميدان كان المهندس الزراعي محمد أحمد الزناتي يسير ومعه طالب بكلية الزراعة وهما يحملان ثمرتي فلفل أحمر وأصفر كبيرتين، وقال الزناتي: »بالذمة ده فلفلنا«. وحمل الزناتي السياسة الزراعية مسئولية هذه الثمرات المتضخمة والتي تسبب مرض السرطان، لمعاملتها بجرعات عالية من هرمون »هيومك أسك«. وأضاف: »لابد من محاكمة المسئولين عن انهيار الزراعة المصرية«.