ماذا كان يقصد الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما قال إن الدستور المصري كتب بنوايا حسنة والدول لاتبني بالنوايا الحسنة فقط؟ خلال لقائه الشباب في أسبوع شباب الجامعات مطلع هذا الأسبوع، تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي عن الدستور.. قال: إن الدستور المصري كتب بنوايا حسنة والدول لا تبني بالنوايا الحسنة فقط. علي الفور التقط بعض السياسيين والذين يطلق عليهم النخبة هذه الرسالة علي أنها دعوة إلي تعديل الدستور.. لمنح صلاحيات أوسع وأكثر للرئيس.. أي تقليص الصلاحيات التي منحها الدستور لمجلس النواب، والتوسع في صلاحيات الرئيس. هؤلاء فسروا مقولة الرئيس علي انها رسالة لتعديل الدستور وبدأوا علي الفور في اطلاق حملات واسعة تدعو إلي تعديل الدستور دون الرجوع إلي الرئيس لاستبيان قصده، اذا كان لديهم لبس في فهم ما يقوله. اعتقد أن الرئيس لو اراد تعديل الدستور، لخرج علي الشعب مباشرة متحدثا معه مطالبا بتعديل الدستور. فالرئيس عبدالفتاح السيسي ليس بينه وبين الشعب حجاب، واعتاد علي مصارحة الشعب بكل شيء .. ولا يحتاج إلي جس نبض الشعب عن طريق كلمة يقولها.. ويلتقطها بعض السيارة للترويج لها. أري أن الرئيس لم يقصد تعديل الدستور ليحصل علي صلاحيات اوسع.. وأي صلاحيات اوسع من حب الناس وثقتهم فيه.. وانما كانت رسالة بأن الدستور يحتاج تطبيقه إلي وعي وإرادة من الشعب قبل المسئول.. فهي رسالة لاختيار برلمان قوي وجيد.. وليس رسالة لتعديل الدستور.. كما فعلها البعض.. أو كما فهمها البعض.. أو كما أراد أن يفهمها. ان هؤلاء الذين يحاولون العودة بنا للوراء، وكأن مصر لم تشهد ثورتين عظيمتين.. يزرعون الشك في نفوس الشعب، ويثيرون القلق بداخله.. هل هي عودة للفاشية ونظم الاستبداد؟ للأسف أن معظم من يتبني حملة تعديل الدستور هم من هللوا له، وشاركوا في حملات تؤيد وتدعم الدستور.. وتدعوا الشعب للتصويت عليه بنعم. وان تبدلت مواقفهم الآن لاسباب معلومة للكافة. الدستور خرج باجماع الشعب المصري، ومن قبله باجماع لجنة الدستور.. وبعد حوار مجتمعي واسع.. ومواده تعكس ارادة المصريين بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو.. واذا كان الدستور كتب بحسن نية.. فهل هذا يعيبه؟ لانه كان يجب أن يكتب بسوء نية. ان تبني منطق تغيير أو تعديل الدستور الآن غريب وشاذ.. خاصة أن الدستور لم يتم تطبيقه علي أرض الواقع. ان الدستور عندما يكتب لا ينظر إلي أشخاص.. فهو باق والأشخاص زائلون.. فاذا كان لدينا اليوم الرئيس عبدالفتاح السيسي.. فما أدرانا بمن يأتي بعده؟! منطق الدستور انه يستمر طويلا.. فالدول لا تضع كل يوم دستورا.. ولا تعدله تكرارا ومرارا.. لان هذا يعني عدم الاستقرار.. ويأتي رسالة سلبية تؤثر بشكل مباشر علي الاقتصاد والاستثمار وعلي ثقة الدول الأخري. ان من يدعو إلي تعديل الدستور اعتقادا منه أنه يرضي الرئيس، علي طريقة أحلامك أوامر.. ويتعلل بأن البرلمان سيعطل برنامجه ومشروعاته.. وكأنه عالم بالغيب.. عليه أن يراجع نفسه.. فبرامج الرئيس لن يعطلها برلمان، فهي قائمة بقوة الشعب لانها في مصلحة الشعب. ولا يستطيع أحد ان يعطلها.. علينا ان نختار نوابا يساهمون في بناء الوطن ويدفعونه للامام.. فهذه هذ الرسالة الحقيقية لكلمة الرئيس. واخيرا لاصحاب هذه المبادرة عليكم الانتظار حتي يطبق الدستور بالفعل ونري نتائجه ونحكم عليه.. ولا تتعجلوا أمورا قد تأتي بنتائج سلبية. أيها السادة أن أسلوبكم في ارضاء الرئيس والتقرب إليه لم يعد له مكان.. فهذه طريقة قديمة دفع الشعب ثمنا باهظا لها.. طريقة محفوظة علمها الشعب جيدا.. ولن تأتي نتائج ايجابية كما تتوقعون. عليكم تغيير أسلوبكم في ارضاء الرئيس ان قبل ذلك.. ولا تجعلوا أنفسكم أوصياء علي الشعب.. فعلاقة الرئيس خاصة عبدالفتاح السيسي بالشعب مباشرة لا تحتاج مطيبتية ومتزحلقين!.