المؤكد أن حل مشكلة الشعب وفي مقدمتهم الشباب يأتي في أولويات الحكومة الجديدة.. لكن المسألة ليست كلاما.. بل يجب أن تكون حقيقة يلمسها الجميع علي أرض الواقع.. مثلا الإسكان.. هل يمكن أن تقدم الحكومة الشقة المناسبة للشاب في المكان المناسب وفي المساحة المناسبة وبسعر مناسب.. أعتقد انه يمكنها ذلك.. لأن وزارة الدفاع ووزارة الداخلية قدمت شققا لأفرادها بهذه المواصفات.. أما وزارة الإسكان فتفضلت بمنح الشباب مساكن في الصحراء المقطوعة من المرافق والمواصلات.. وفي نفس الوقت منحت رجال الأعمال مساحات من الأراضي في مناطق يختارونها بأنفسهم وبأسعار زهيدة تتيح لهم الفرصة لاستغلال الشعب.. هل تتصوروا ان في »مدينتي« شقة استديو علي مساحة 46 مترا مربعا يعني حجرة وصالة بأكثر من نصف مليون جنيه دون تشطيب.. من هو الشاب الذي يستطيع أن يدفع هذا المبلغ.. إلا إذا كان من الحرامية الكبار.. من يمكنه توفير نصف مليون جنيه مجرد ثمن شقة 46 مترا.. الموظف الذي يخرج علي المعاش بعد 04 سنة خدمة.. لا يجد في يده سوي 01 آلاف جنيه ويستدين من طوب الأرض حتي يمكنه أن يزوج ابنته ويسترها.. يا ناس حرام.. الأرض أرض مصر.. والرمل رمل مصر.. والأسمنت من جبال مصر.. والحديد من جبالها أيضا.. ولكن الجشع والطمع الذي دفع بنفر من رجال الأعمال يأكلون الناس.. ويتركونهم عضما تنهشه الكلاب والنمور والأسود والثعالب من رجال الأعمال.. فهم يمتصون الإنسان دما ولحما وعضما.. ولهذا جاءت انتفاضة شباب الفيس بوك.. لتطيح بالرءوس.. أعود إلي وزارة الإسكان والتعمير وعلي رأسها رجل مشهود له بالأمانة.. أطلب منه أن يفكر مليا قبل أن يتكلم.. وأن يخطط ويدبر الأمر قبل أن يلتقي بالشاشات والصحف.. وأن يقدم خطة وبرنامجا تنفيذيا يحقق الشقة المناسبة للشاب وفي المكان المناسب وبالسعر المناسب.. هذا ليس حلما.. فهو أستاذ تخطيط عمراني.. ويعرف كيف يحقق المستحيل.. ليس دوره فقط توفير المسكن للشاب.. إنما هي مسئولية يمكن أن تتحملها أيضا القوات المسلحة المصرية.. التي تقف دائما بجوار الجبهة الداخلية في أزماتها.. ولها تجربة مميزة في زهراء مدينة نصر وغيرها. أما الشباب العاطل فلهم الله.. لأن وزيرة القوي العاملة مستمرة في انتشارها علي الفضائيات والصحف.. لا تكل ولا تمل.. وكل يوم تخرج لنا نشرة توظيف لم يهتم بها أي شاب.. وتخرج علينا لتقول ان لديها 001 ألف وظيفة لا تجد عمالة مناسبة لهذه الوظائف.. لقد نسيت انها عصامية بدأت عاملة بالإعدادية.. وهذا ليس عيبا المهم ساعدتها الدولة لتصبح عاملة مجدة ومجتهدة وأصبحت نقابية.. وذاع صيتها في الأوساط العمالية حتي أصبحت من القيادات البارزة.. وأصبحت برلمانية ثم وزيرة.. لقد نسيت كل ذلك.. وانتهي بها المقام لتتهم الشباب بأنهم فشلة ولا يبحثون عن عمل وأنهم يحملون مؤهلات لا يحتاجها سوق العمل.. نسيت ان لديها ولدي الوزارات الأخري مراكز تأهيلية لمختلف الأعمال.. يمكنها تحويل تخصصات الشباب.. ألم تر أن هناك من يعمل من خريجي الطب جرسونات في الفنادق.. ألم تر أن من خريجي مختلف الكليات من يقف ليبيع الخبز والخضراوات وغيرها.. ألم تر أن من بين عمال النظافة من هم من خريجي الحقوق والآداب والتجارة. المسألة ليست إزاحة الهم بعيدا عني! المسألة إحساس بمشاكل الوطن.. ومن أولي مشاكله هذا الشباب العاطل الذي لا يجد فرصة عمل بينما أبناء الواسطة والحسوبية والرشوة يجدون فرص العمل بسهولة ويسر.. الحكومة متضامنة في المسئولية ليست القوي العاملة وحدها.. بل كل الوزارات.. واقترح ان تعود إلي وزارة القوي العاملة مسئولية توظيف الخريجين.. فقط علينا إعادة الدراسة. لقد تحدثت عن مشكلتين رئيسيتين من المشكلات المتعددة التي يعاني منها الشباب.. أرجو أن يكون لهما الأولوية القصوي.. وليس غريبا علي رئيس الحكومة الفريق طيار أحمد شفيق الجدية والحسم.. لقد أخذ علي عاتقه مواجهة جميع المشكلات.. وكلي أمل في أن يبدأ بإسكان الشباب.. وفرص العمل المناسبة للخريجين.