شكراً لمريم وأسرتها وداعميها لأنهم رفضوا الظلم وثاروا ضد فساد قديم ومقيم ضرب المؤسسة التعليمية وبات يهدد كل الوطن.. فقط علينا الإنتباه لخطورة سعي البعض لتحويل «صِفر مريم» لمسألة طائفية وهي ليست كذلك لسببين.. أولهما أن هناك عشرات ممن تعرضوا لنفس الظلم وحصلوا علي ذات الصفر اللعين وخاصة الطالب أحمد عبد الناصر ابن الإسكندرية الذي كان أبوه الطبيب وأمه المحامية ينتظران تفوقه ليرث مهنة والده!!. أما السبب الثاني والأهم فهو أن الصفر الأكبر يليق بوزير التعليم وحكومته التي تتستر علي الفساد وتدفن رأسها في الرمال رافضة الإعتراف بالخطأ رغم أنه فضيلة!!.. غير أن أصل القضية أيها السادة أننا أمام مأساة وطن تم تخريبه وإفساده بصورة منظمة وممنهجة قبل ما يقرب من نصف قرن.. وبالتحديد منذ بدأ السادات مشروعه الكارثي، الذي أكمله تلميذه اللص البليد مبارك بإخلاص وإتقان يُحسد عليهما، لتغيير وجه وتوجهات مصر ففتح الباب واسعاً أمام فساد مؤسسي طال الحجر والبشر وصار أسلوب حياة وقاعدة راسخة من ثوابت عيشنا!!. سَلَمَ هذا المشروع أرض الوطن وأمنه القومي لأعدائنا التاريخيين وأهمل تنمية سيناء وقَهَرَ أهلها، وقدم عقل الوطن علي طبق من ذهب للجماعات التكفيرية المتطرفة والمتخلفة وخاصة الإخوان والسلفيين الوهابيين. ثم أكمل دائرة الفساد الجهنمية بانفتاح «السداح مداح» الذي سلم «القط مفتاح الكرار» فدمر القطاع العام وأنهي دور الدولة في تخطيط الإقتصاد الذي تم تسليم إدارته ومقدراته لحاشية من المغامرين واللصوص بتعليمات وإملاءات أمريكية سافرة وفاضحة كشف عنها الحكم التاريخي الذي أصدره مجلس الدولة في قضية بيع «عمر أفندي»!!.. نحنُ إذاً أمام مشروع متكامل لتخريب الوطن، وعليه فإنه لا يستقيم الحديث عن أي محاولة للإصلاح أو الإنقاذ دون إجراء محاكمة تاريخية عادلة لنظامي السادات ومبارك ورموزهما حتي نبدأ صفحة بيضاء علي طريق المستقبل.. والأكثر إيلاماً أن أخطر آثار هذا المشروع كانت تلك التي أصابت عقل وضمير وأخلاق الأمة والمؤسسات المُخوَّلَة برعايتها وأعني التعليم والثقافة.. وسأكتفي هنا بالحديث عن فساد التعليم وانهيار وتفسخ منظومته وتلك كارثة قومية تتجاوز الوزير الحالي وحكومته وإن كانت لا تُعفيهما من المسئولية تماماً.. إنها الكارثة التي لخصتها نبوءة الراحل جلال عامر بأنه « لو استمر الفساد علي هذا النحو فسيأتي اليوم الذي يصبح فيه العشرة الأوائل علي الثانوية العامة بالتعيين»!!. كما أوجزتها حلقة الاثنين الفائت من برنامج «البيت بيتك» الذي استضاف مسئولين كبيرين بتعليم الدقهلية كشفا عن فساد مهول وذكرا أسماء أشخاص فاسدين باللجنة المُخوَّلَة توزيع المراقبين علي لجان الثانوية.. وذكر أحدهما أن الأول علي الجمهورية عام 2014 هو نجل مساعد مدير أمن الدقهلية وأنه تم «تفصيل» لجنة علي مقاس ومزاج سيادته!!. وأشارا لوقائع تدليس ومحسوبية ورشوة في لجان المدارس التجريبية بالمحافظة لو ثبتت صحتها لوجب تقديم جميع المسئولين لمحاكمة عاجلة.. ولَدَيَ سؤال الضيفين لماذا لم يتظلما للوزارة أجابا بأنهما تقدما بشكاوي رسمية إلي ثلاثة لواءات بديوان الوزارة عَينَاهم بالإسم. وكدتُ أتساءل «وماذا يفعل السادة اللواءات بالديوان» لولا أني تذكرتُ أن نظام مبارك سَلَمَ كل الوزارات لأمن الدولة الذي أفسد كل شيء وحوَّل كبار المسئولين إلي مجرد مخبرين.. وأنا أعرف مخبراً كان مجرد موظف أمن بمديرية التعليم بسوهاج ثم قفز بسرعة الصاروخ إلي وكيل أول الوزارة!!.. ورغم فساده الصارخ ونهبه الملايين من المال العام حَظِي بحماية أمن الدولة والمحافظ وبعد الثورة نُقِلَ مُكرماً إلي ديوان الوزارة ولم يُحاسب حتي اللحظة لا هو ولا مَن حموه!!..