خيالة الهرم يبحثون عن السياح فى «عز الحر » بينما لجأ الكثيرون الي بيوتهم للاحتماء من اللهيب، لم يستطع آخرون أن يتمتعوا بنفس الرفاهية، وبخلاف الموظفين الذين يعتبر الشارع مجرد «ترانزيت»، لهم فإن هناك وجوها كثيرة تعانق الشمس طوال فترة عملها، لان أصحابها مضطرون للبقاء في الشارع طول الوقت بحكم عملهم. خيالة الاهرامات، المراكبية، جامعو القمامة، الباعة الجائلون، وعمال رصف الطرق، فئات لا تستطيع الهرب من مطاردة الشمس لان البديل للمرض المتوقع هو الجوع، الغريب أن الجوع هو المصير المحتوم في كل الاحوال لان الشوارع خلت من المارة. تعتبر الاهرامات المكان الاكثر سخونة، فالوضع بها «لايسر عدو ولاحبيب»، اختفي الزبائن، وقام اصحاب العربات بوضع الخيول تحت مظلات خوفا عليها من الموت نتيجة لتعرضها لاشعة الشمس. أكد محمد شعبان صاحب «كارتة» انه منذ الصباح لم يكسب جنيها واحدا مما يؤثر علي مصدر رزقه وهو وزملائه. واضاف انه رغم ارتفاع درجة الحرارة انه قرر العمل بحثا عن الرزق، وأكد أن الحيوانات نفسها تتأثر بإرتفاع درجات الحرارة مما يعوق حركتها ويجعلها تشعر بعدم إتزان وبعضها قد يفر من صاحبه هرباً من الأشعة الحارقة ليبحث عن أي مصدر لشرب المياه . شمسية لمراتي اضطر سامي محمد، محاسب، للنزول إلي الشارع ولكنه حرص علي اصطحاب « شمسية» كي يحتمي بها مع زوجته وطفلته التي لم تكمل العامين وقال : «لم نشهدارتفاع حرارة مثل هذه الايام من قبل، لدرجة ان طفلتي تظل تبكي ليلاً ونهاراً من شدة « الحر» وحين اضطررنا إلي الخروج، فضلت ان أشتري « شمسية» كي تخفف عن روسنا حرارة الجو نوعا ما» . اصيب كورنيش النيل هو الآخر بحالة من الركود، فقد اصطفت المراكب بجوار بعضها البعض وخلت صورة النيل المعتادة من الرحلات النيلية والموسيقي . وأكد عدد كبير من أصحاب المراكب النيلية أن درجة الحرارة أثرت بشكل كبير علي الرحلات اليومية، وأضافوا أن الخسائر تتضاعف يوماً بعد آخر منذ بدء الموجة الحارة ولكنها وصلت إلي ذروتها أمس واكدوا أنه إذا إستمرت درجات الحرارة فسوف تزداد الخسائر . « إما أن نموت من الجوع أو نموت من الحر» .. بهذه الكلمات بدأت بدرية محمد، زوجة أحد المراكبية حديثها إلينا لتروي معاناتها وأسرتها وتابعت : «الحر هيموتنا ونكاد ألا نتنفس لذلك هربنا من مراكبنا في النيل كي نحتمي تحت أي مظلة هنا ونتناول الطعام». وواصلت وهي تمسح العرق بمنديل : « الزبائن اختفوا منذ بداية الموجة الحارة وخاصة اليوم لا يوجد زبون واحد ولا نعلم كيف نعيش هذه الأيام، وجميع الناس بقوا في المنازل ولا احد يخرج، ونحن هنا بندعي ربنا يرزقنا « لقمة حلال» والجو يهدي لأن جلدنا « نشف» والأولاد كادوا أن يموتوا بسبب الشمس» . جامع القمامة وعلي الرغم من حالة الركود العامة في معظم المهن إلا أن البعض يغامرون بحياتهم، فهناك من اضطر للنزول إلي الشارع من أجل كسب « لقمة عيشه»، وهذا كان حال عم « محمود» جامع القمامة والذي أخذ ينحني بالأرض ويلتقط القمامة وهو يحمل فوق كاهليه أجولة مليئة بالقاذورات والمواد البلاستيكية في شدة « الحر» وقال : «أكل العيش مُر وعلي الرغم من مرضي وعدم قدرتي علي الحركة بشكل طبيعي وكبر سني إلا أنني اضطررت إلي النزول في عز النار والحر كي أكسب قوت يومي». «الليف باظ» « بلف من صباح ربنا ومبعتش ولا ليفة» .. هكذا شكا إلينا أحمد عبد الصمد، بائع الليف والذي استيقظ من شدة الحر مبكراً، وقرر أن يخرج ويواجه أشعة الشمس الحارقة بحثاُ عن رزقه، ويتساءل أحمد قائلاً : « هي الناس راحت فين ؟ .. في الأيام العادية كنت أبيع ب 50 جنيها ولكني اليوم لم أبع « ليفة» واحدة، إلي جانب ان حرارة الشمس أثرت علي « الليف» وجعلته يتلف وخسرت خسارة كبيرة وربنا يعوضني» .