قرار وزاري بتعيين مصطفى عبده مديراً لتعليم القليوبية    أصل الحكاية| «جامع القائد إبراهيم» أيقونة إسلامية في قلب الإسكندرية    سيتي بنك يتوقع صعود أسعار الذهب إلى 3,000 دولار خلال 6 أشهر    إم جي 2024.. مزيج من الأناقة والتكنولوجيا بأسعار تنافسية في السوق المصري    مجهولون يشعلون النار في صندوق اقتراع بولاية أمريكية    بوتين: قلوبنا تنزف دماً من مشاهد القتلى من النساء والأطفال في قطاع غزة    البنتاجون: مقتل السنوار فرصة يجب انتهازها    مع تفاقم الحرب.. باريس تحتضن المؤتمر الدولي لدعم لبنان    جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت    إعلام عبري: إصابة 22 جنديًا خلال ال 24 ساعة الماضية    الأهلي يرفع رصيد بطولاته للرقم 153    الخطيب يهنئ لاعبي الأهلي وجهازهم الفني والإداري والطبي بكأس السوبر المصري    رضا عبدالعال يدافع عن شيكابالا بعد خسارة الزمالك بطولة السوبر المصري    أشرف داري: فخور باللعب للأهلي.. وأتمنى وضع بصمتي في البطولات القادمة    أول رد فعل ل جوميز مع لاعبي الزمالك بعد خسارة السوبر المصري (خاص)    السوبر المصري| إمام عاشور: شخصية البطل وراء تتويج الأهلي بالكأس الغالية    وسام أبو علي: السوبر المصري هدية من الأهلي إلى فلسطين    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والصغرى بالقاهرة 18    حبس 4 عاطلين لسرقتهم سيارة بالشروق    مناشدة عاجلة من الداخلية للأجانب بالبلاد    أحمد الغندور «الدحيح» يفتتح الدورة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي    أحمد زاهر يحتفل بتتويج الأهلي بكأس السوبر: «رجالة الأهلي جامدين»    عروض أفلام وحوار محمود حميدة، تعرف على فعاليات اليوم في مهرجان الجونة السينمائي    ارقصوا على قبري.. سعاد صالح توجه رسالة نارية لفنان شهير    نشرة التوك شو| تكليفات رئاسية بتوطين علاجات الأورام وأصداء تصريحات مديرة صندوق النقد    الاستثماري يرتفع وعز يتراجع.. سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 25 أكتوبر 2024    عاجل.. قرار عاجل في الأهلي بشأن كهربا بعد التتويج بكأس السوبر المصري    مصدر مسؤول: مصر أكدت للوفد الاسرائيلي رفضها للعملية العسكرية الجارية بشمال غزة    ملخص وأهداف مباراة فناربخشة ضد مانشستر يونايتد في الدوري الأوروبي    ارتفاع جماعي.. سعر الدولار الرسمي مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 25 أكتوبر 2024    مصرع سائق وإصابة شقيقه فى حادث إنقلاب سيارة بالمراغة شمال سوهاج    الأرصاد السعودية تحذر من أمطار تضرب عددا من مناطق المملكة لمدة 5 أيام    تحريات لكشف ملابسات مقتل عامل باطلاق النار عليه في العمرانية    تجديد الثقة فى المهندس ناصر حسن وكيلًا لتعليم الغربية    خالد قبيصى مديرا لمديرية التربية والتعليم بالفيوم    تأخير الساعة 60 دقيقة.. موعد تفعيل التوقيت الشتوي 2024    مي فاورق تختتم ليالى مهرجان الموسيقى العربية بروائع الأغانى التراثية    عمرو الفقي يعلن التعاقد مع متسابقي برنامج "كاستنج" للمشاركة في أعمال درامية    بهاء سلطان يطرح أغنية «أنا من غيرك» من فيلم «الهوى سلطان» (فيديو)    محمد حفظي ل "كاستنج": الممثل اللي فاهم "سيناريو" بيعرف يختار أدوار جذابة    بعد مشاركته في حفل دبي.. شريف منير يستعيد ذكرياته مع عمرو دياب: «والله زمان»    بالصور.. الاتحاد العام لشباب العمال بالأقصر ينظم ندوة تثقيفية حول "الشمول المالي"    رولز رويس 2024.. قمة الفخامة البريطانية تتجسد في سيارات الأحلام وأسعارها في مصر    الآلاف يحتفلون بالليلة الختامية لمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي | صور    أخبار × 24 ساعة.. وزير الصحة: عدد سكان مصر يصل 107 ملايين نسمة خلال أيام    طريقة عمل كيكة قدرة قادر بخطوات بسيطة    رئيس جامعة الأزهر: نحرص على تذليل الصعاب لاستكمال بناء فرع دمياط الجديدة    سفير القاهرة فى لاهاى يستقبل ممثلى الاتحادات والجمعيات المصرية    أحوال الطقس في مصر.. طقس مائل للحرارة نهارا " درجات الحرارة "    محاكمة تاجر خردة لاتهامه بقتل جاره في الجيزة    أمين الفتوى: "حط إيدك على المصحف واحلف" تعتبر يمين منعقدة    خالد الجندي: عدم تنفيذ هذه الوصية سبب كل خلل أخلاقي في المجتمع    ضخ دماء جديدة.. ننشر حركة التغييرات الموسعة لوكلاء وزارة التعليم بالمحافظات    قومي المرأة يشارك في جلسة "الشمول المالي.. الأثر والتحديات والحلول"    قرار رسمي بسحب 3 أدوية من الصيدليات.. من بينها دواء شهير للصرع (مستند)    وقولوا للناس حسناً.. خالد الجندي يوضح أهمية الكلمة الطيبة في الحياة اليومية    بروتوكول تعاون بين جامعة حلوان و"الصحفيين" لتقديم الخدمات الصحية لأعضاء النقابة    بث مباشر.. انطلاق الحفل الختامي للمؤتمر العالمي للسكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الناصر العائد
نشر في الأخبار يوم 27 - 07 - 2015

خمس وأربعون سنة مضت علي رحيل جمال عبد الناصر، وهي فترة تساوي مرتين ونصفا مثل الفترة التي حكم فيها الرجل، ومع ذلك لا يكاد أحد يتذكر أسماء الذين حكموا مصر بعد عبد الناصر إلي السيسي، وإن تذكرهم فلا يتوقف عندهم كثيرا، فهم العابرون في الكلام العابر، وسنوات حكمهم أقرب إلي عمر البلد الضائع، بينما سنوات عبد الناصر الأقل جدا أقرب إلي معني السنوات الضوئية، وكل سنة فيها بألف مما يعدون.
وفي كل عام يمر علي مصر الحزينة، وبمناسبة وبدون مناسبة، تشتعل المناقشات من حول عبد الناصر بالذات، ويثور الجدال حاميا فوارا، وتتدافع أمواج الحنين لصوت وصورة عبد الناصر، وكأنه مات لتوه بالأمس، أو كأنه لم يمت بعد، فاسم الرجل محفورعميقا في وجدان المصريين، وقد رحل عن أيامهم مبكرا، رحل في أوان النضج، رحل في عمر الثانية والخمسين، ولم يكن المصريون يريدونه أن يرحل، كانوا يريدون استبقاءه خالدا معهم كالأهرامات، لكنها إرادة الله الذي استرد وديعته، وترك اسم ورسم عبد الناصر كوديعة لا تنفد في قلوب وأحلام المصريين، والذين أقاموا له وداعا بلا مثيل سبق أو لحق في مطلق التاريخ الإنساني، لم يكن المصريون وقتها يودعون رجلا حكمهم لمدة 18 سنة لا تزيد، بل كانوا يودعون أحلامهم في التقدم والنهوض ولمس حافة الشمس، وكان هتافهم التلقائي في الحشد المليوني الرهيب «ياناصر ياعود الفل / من بعدك هنشوف الذل».
وقد تحققت النبوءة بأكثر مما احتسب المصريون في هتافهم الوداعي، تأخرت النبوءة لثلاث سنوات، كان ظل عبد الناصر فيها ممدودا طاغيا علي مركز القرار، وكان الرئيس السادات يركع فيها لتمثال الزعيم النصفي، ولم يتغير فيها شئ جوهري مما تركه القائد، وإلي أن عبر الجيش المصري الذي أعاد عبد الناصر بناءه من نقطة الصفر، وحقق نصره الأسطوري في حرب أكتوبر 1973، بعدها بدأ الانكسار فالانهيار، وخانت السياسة نصر السلاح، وكان ما كان، وانتصر الذين «هبروا» علي الذين عبروا، وفتحت أبواب نهب البلد علي مصراعيها، وتجريف ركائزها الإنتاجية الكبري، ودفع أغلب المصريين إلي قيعان الفقر والبطالة والمسكنة، وإلي الهجرة الهائمة من التاريخ والجغرافيا، وتحويل «القطط السمان» في انفتاح السادات إلي أفيال تدهس الأخضر وتلتهم اليابس في أيام مبارك، ومع شفط ثروة البلد إلي جيوب وحلوق العائلة وحوارييها من مليارديرات المال الحرام، وإطاحة الاستقلال الوطني، وجعل 99% من أوراق مصر في يد أمريكا علي حد تعبير السادات، ثم زادها مبارك إلي مئة بالمئة، وجعل من نفسه وعائلته مجرد مفوض يحكم مصر بالوكالة عن الأمريكيين، و»أعظم كنز استراتيجي لإسرائيل» علي حد وصف الجنرال بنيامين بن أليعازر للمخلوع مبارك.
وهكذا ضرب طوق المذلة من حول عنق المصريين، وبدت نبوءتهم في وداع عبد الناصر كأنها القدر الذي لا يرد ولا يرحم، وإلي أن صاحبتهم صورة عبد الناصر في رحلة خلاص بثورة 25 يناير 2011 وموجتها الأعظم في 30 يونيو 2013، وتحولت الآلاف من صور عبد الناصر في ميادين 25 يناير إلي ملايين الصور في 30 يونيو، كانت الصورة اختصارا بليغا مكثفا لمغزي الثورة الجديدة، قطعت قول كل خطيب، وكنست نقاشات وسخافات رذيلة، فلم تكن الثورة الجديدة ضد نظام حكم 23 يوليو كما تنعق أصوات البوم، ولسبب ظاهر غاية في البساطة، هو أن ثورة 23 يوليو انتهت بعد حرب أكتوبر 1973، وجري الانقلاب بالكامل علي مبادئها ومنجزاتها، وظل الانقلاب يحكم إلي أن قامت ثورة 25 يناير و30 يونيو، أي أن ثورة يناير قامت ضد الانقلاب علي ثورة يوليو، وهو ما يفسر سلوك الناس التلقائي برفع صور عبد الناصر بالذات، ليس عن رغبة في استعادة زمن مضي، فالماضي لا يعود، لكن عن رغبة في وصل ما انقطع مع حلم النهوض والتقدم ذاته، والأحلام لا تموت ولا تنقضي أعمارها، وإن تنوعت تطبيقاتها باختلاف الزمن وتصاريف الظروف، وهو ما يفسر الوهج الخاص لاسم وصورة جمال عبد الناصر، فقد تحولت الصورة إلي رمز، وتحول الاسم إلي حلم، انتهت تجربة حكم الرجل، لكن تبقي حلمه ومشروعه، وهو ذاته حلم ومشروع الثورة المصرية المتصلة فصولها إلي الآن، الثورة الباحثة عن عنوان، والتي انتقلت من مرحلة «الضباط الأحرار» إلي مرحلة «الناس الأحرار»، وتدفقت شعاراتها النلقائية عن العيش والحرية والاستقلال والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهي ذاتها عناوين مشروع عبد الناصر السبعة ( الاستقلال الوطني التوحيد العربي الديمقراطية للشعب الكفاية والعدل أولوية التصنيع والعلم والتكنولوجيا التجديد الحضاري العولمة البديلة أو باندونج الجديدة )، وقد لا يتسع المقال هنا لشروح ولا لتفاصيل، لكن الإلهام يظل هو ذاته، ويظل اسم عبد الناصر هو العنوان الأكمل والأوفي والأدق لمدرسة الوطنية المصرية وثوراتها المتعاقبة.
وهذه هي «العروة الوثقي» التي ربطت اسم عبد الناصر بالثورة المصرية الجديدة، وهي تفسر الحاضر بأكثر مما تفسر الماضي، فأعداء الثورة المصرية الراهنة هم بالأساس أعداء عبد الناصر، وقد تكونت ثرواتهم وتراكم نفوذهم في زمن الانقلاب علي ثورة عبد الناصر بالذات، ويكفي أن تنظر حولك، فالإخوان الذين ينتحلون صفة 25 يناير هم العدو الأول لعبد الناصر، والفلول الذين ينتحلون صفة 30 يونيو هم المنقلب الأول علي ثورة عبد الناصر، ولا أحد ينخدع بانتحال الصفات، فالإخوان والفلول هما قطبا الثورة المضادة من زمن عبدالناصر إلي الآن، والإخوان أمرهم مفهوم، أما طبقة مليارديرات النهب فهي «قرين» الإخوان والأمريكان، وهي صلب ما نسميه فلولا وهي أصول، تحكم طوق المذلة حول عنق البلد بالتحالف مع البيروقراطية الفاسدة، وتريد خنق ثورتها ولو بانتحال صفاتها، والتكفير بحلم عبد الناصر العائد من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.