أيام ونحتفل بالإنجاز الإعجازي الذي حققناه في زمن قياسي وهو مشروع قناة السويس الجديدة، خمسة عشر يوما فقط ونهدي للعالم كله ممراً ملاحيا يسهم في تنمية التجارة بين الشرق والغرب.. نهديه مشروعا يسهم في البناء والتقارب بين الأمم.. ويستفيد منه الجميع. هذا المشروع الذي ظن العالم كله أنه لن يتحقق في المدة الزمنية القصيرة جدا والتي حددها القائد الرئيس عبدالفتاح السيسي يوم 6 أغسطس من العام الماضي، بعد أن أكد الخبراء أن هذا المشروع يحتاج مع كل التسهيلات الممكنة إلي خمس سنوات كحد أدني.. فإذا به يحدد سنة واحدة فقط لإنجازه. وبدأت خلية النحل تعمل ليل نهار تحت إشراف وقيادة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهيئة قناة السويس ترفع ملايين الأمتار من الرمال الجافة وتكرك ملايين أخري من الرمال المشبعة بالمياه.. وتدبش جانبي القناة.. وتعمق المجري ليسمح بمرور أكبر ناقلات الشحن في العالم.. وحفر الانفاق اللازمة لنقل المياه للري ونقل السيارات والأفراد للربط بين الوادي وسيناء الحبيبة.. عام كامل من الجهد والعرق شارك فيه أكثر من مليون مصري في ملحمة رائعة ذكرتنا بملحمة بناء السد العالي في ستينيات القرن الماضي. دروس مستفادة عديدة من مشروع القناة الجديدة لعل أولها أن توافر الإرادة السياسية لتنفيذ أي مشروع يسهم كثيرا في إنجازه.. وقد توافرت الإرادة السياسية في الرئيس السيسي الذي أصدر إشارة البدء وتابع التنفيذ لحظة بلحظة. وثانيها أن الإرادة الشعبية والاصطفاف خلف الزعيم في تنفيذ برامج التنمية يضمن لها النجاح.. وقد تحققت الإرادة الشعبية في الاستجابة الفورية لتوفير الأموال اللازمة لتنفيذ المشروع بأموال المصريين.. وسارع الشعب ليقدم مدخراته في أسبوع واحد والتي بلغت 64 مليار جنيه رغم أن المبلغ المطلوب كان 60 مليارا فقط.. وقد أكد الشعب بذلك أنه مؤمن بهذه القيادة التي لم تكتف بالسير بسرعة نحو تحقيق التنمية الشاملة لهذه الأمة بل تقفز قفزات سريعة لتعوض ما فات. وثالث هذه الدروس أن الشعب المصري أثبت أنه ليس شعباً كسولاً.. بل هو شعب بناء و«شغيل» إذا استنهضت همته انطلق كالمارد الجبار يبني ويعمر ويصنع حضارات.. وقد ظهر ذلك جليا في مواصلة العمل ليل نهار دون شكوي من تعب أو تكاسل في أداء العمل.. بل ضرب أروع الأمثلة في العزيمة والإصرار علي تحقيق الحلم. ورابع هذه الدروس أن التخطيط الجيد والمدروس لأي مشروع يحقق له النجاح ويبعد عنه شبح الفشل إذا التزم بالبحث العلمي واستعان بالخبراء من كل الهيئات وتضافرت الجهود لتنفيذ ما تم التخطيط له.. ولعل أبرز ما أسعدني كصحفي متخصص في شئون البيئة هو إصرار الرئيس علي إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي لهذا المشروع الضخم قبل البدء في التنفيذ مبروك لشعب مصر هذا الإنجاز.