تتغير خطط النهوض بقطاع الزراعة بين الحين والآخر، ويتبدل الوزراء، ويبقي مشروع البتلو»محلك سر» لا يحدث فيه أي جديد، فقط يتحدث كل مسئول عن أن هذا المشروع هو الخطوة الأولي في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء، ويتم تخصيص ميزانيات معينة من أجل النهوض به وإعادة إحيائه وبعد فترة لا نجد فيه أي جديد. بدأ مشروع البتلو عام 1993 بقرض دوار ممول من المنحة الأمريكية ب بقيمة 50 مليون جنيه تقريباً، بالإضافة إلي 10 ملايين جنيه من مشروع السياسات الزراعية وتجاوز حجم القروض التي تم منحها للمربين المليار جنيه لعدد 44975 متعاقد. كما تم تسمين ما يجاوز المليون رأس منذ بدء المشروع، ومؤخرا أعلن د. صلاح هلال، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي أنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة تفعيل مشروع البتلو ليبدأ بمبلغ 10 آلاف رأس، بقيمة 30 مليون جنيه، حيث يتم وضع برنامج زمني تتوالي فيه تنفيذ مراحل المشروع ويشارك فيه التعاونيات الزراعية وقطاع الإنتاج الحيواني وبعض المشروعات التمويلية بالوزارة. ويؤكد بعض الخبراء أن المشروع صعب التحقيق وهو ما يتسبب في تأجيل تنفيذه من وزير لآخر، حيث إن الاعتمادات المالية المخصصة له لا تكفي لتنفيذه، فضلا عن ارتفاع التكلفة الإنتاجية للمشروع إلي أكثر من مليار جنيه، في الوقت الذي تقف فيه وزارة المالية عاجزة عن توفير المبلغ، بسبب الأزمة الاقتصادية، التي يمر بها الاقتصاد وتدني قيمة الجنيه». وقال د.جمال ظاظا، رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة، إنه تم تخصيص 320 مليون جنيه لإحياء وتطوير المشروع، ولتحسين السلالات المصرية من الجاموس والماعز، وإيجاد آلية لحل مشكلة الأعلاف بالتعاون مع وزارة التموين، مؤكدا أنه سيتم تطبيق المشروع في 15 محافظة، أهمها سوهاج وأسيوط والمنيا، لسد الفجوة من اللحوم الحمراء والحد من الاستيراد. وأشار ظاظا إلي أن الوزارة طالبت وزير التعاون الدولي بمنحها قروضا إضافية من أجل المشروع، إلي جانب موافقة الوزارة علي مشروع تقدمت به أعضاء رابطة الجاموس المصري، في الحصول علي أرض لزراعة الذرة الصفراء وتربية الماشية، مؤكدا أنه يتم الآن بحث آليات طرح المبالغ المالية للمشروع، الذي يقدم الدعم في صورة أعلاف للمربين بدلًا من ماشية، لمساعدة المربين في الحفاظ علي العجول، والتي يضطر المربون والمزارعون إلي ذبحها وهي صغيرة السن للتخلص من أعباء توفير الأعلاف التي تسجل أسعارا كبيرة في الأسواق، ليستطيع أغلب المربين توفير مبالغ شرائها. وتابع رئيس قطاع الإنتاج الحيواني أن المشروع الحالي يختلف عن مشروع البتلو السابق الذي أطلق عام 1993 بقيمة 107 ملايين جنيه، والذي كان يقدم للمربين عجول بتلو، عكس المشروع الحالي. فيما قال د.أسامة سليم رئيس قطاع الخدمات البيطرية، إن نجاح مشروع البتلو يتوقف علي شيء واحد فقط وهو تغذية الماشية بالشكل المناسب الذي يمكن من زيادة وزنها وبالتالي طرح كميات كبيرة من اللحوم، مؤكدا أن عدم توافر الكميات المناسبة من نخالة الأعلاف هي السبب الرئيسي في عدم فاعلية المشروع، حيث إن وزارة التموين هي التي تقوم الآن ببيع هذه النخالة في الأسواق بأسعار عالية وبالتالي لا يستطيع الفلاح شراءها بالكمية التي تساعد علي تربية العجول بالشكل الصحيح. وأضاف أن النخالة يجب قصر صرفها علي المربين والمؤمن عليهم بصدق الثروة الحيوانية والذي يوفر الحماية لنحو1.5 مليون رأس ماشية علي الأقل، حيث إن إدخال الحيازات الزراعية والجمعيات الزراعية في حصص النخالة يقلل الكميات الواردة للمربين الحقيقيين ويؤدي إلي تسرب كميات كبيرة للسوق السوداء. ومن جانبه قال د. سعد الحياني، رئيس الرابطة المصرية لمربي الجاموس، إن بداية مشروع البتلو كانت في الثمانينيات حين كان الدكتور يوسف والي وزيراً للزراعة، وكان التعاقد ثلاثيا بين الفلاح ووزارتي التموين والزراعة عن طريق بنك التنمية والائتمان الزراعي، حيث كان الفلاح يقوم بتسليم العجل إلي التموين التي كانت تتولي بيعه بأسعار مخفضة، وكان الفلاح يتم دعمه بالأعلاف، وتوقف المشروع في بداية التسعينيات لمدة سنتين بسبب الاتجاه نحو اقتصاد السوق الحر الذي لا يعترف بالدعم، وبعد ذلك تشكلت لجنة من قبل وزارة الزراعة لدراسة إحياء المشروع وبالفعل حصلت مصر علي منحتين من الولاياتالمتحدة الأولي 10 ملايين دولار والثانية 7 ملايين دولار أي حوالي 51 مليون جنيه تودع في البنك التجاري الدولي، ونتيجة عدم وجود فروع له في المحافظات تم التعاقد مع بنك التنمية ليكون مسئولا عن هذا الأمر. وأضاف منذ ذلك الحين والمشروع لم يتوقف ولكنه غير مؤثر في إنتاج اللحوم الحمراء في مصر والسبب في ذلك هو أن المنحة الأمريكية تضاعفت بنسبة 100 % ووصلت الآن إلي أكثر من 100 مليون جنيه ولكن في المقابل ارتفعت أسعار الماشية بنسبة 600 % ومن هنا لم تعد المنحة قادرة علي الوفاء بكل الالتزامات المالية للمشروع، موضحا أن العجل البتلو كان ثمنه في بداية المشروع 500 جنيه والآن وصل إلي 4000 جنيه، ويصل سعر العجل الكندوز وهو المرحلة الثانية من المشروع إلي 10 آلاف جنيه، ولذلك لم يعد إنتاج المشروع يمثل أكثر من 2 % من إنتاج الحيوانات المسمنة في مصر. وأضاف أن إنتاج المشروع الآن يبلغ من 45 إلي 50 ألف رأس سنويا، في الوقت الذي يصل فيه حجم الاستهلاك في مصر إلي 6 ملايين رأس ماشية سنويا، وهي بالطبع نسبة لا تقارن وتؤكد عدم تأثير المشروع في الناتج الإجمالي،.