لا ياأستاذ هيكل.. المهندس رشيد لم يكن كبش فداء لنظام مبارك.. وانما رشيد هو الذي آثر القفز من سفينة هذا النظام مبكرا بعد 28 يناير 2011.. وأنا هنا لا أطرح رأيا مختلفا عن رأي أبداه الاستاذ هيكل وانما أنا أتحدث عن معلومات حقيقية عرفتها في حينه وتأكدت من صحتها مثلما تعودت طوال حياتي الصحفية حرصا علي مصداقيتي التي أعتز بها. فعندما كلف الرئيس الاسبق حسني مبارك الفريق أحمد شفيق مساء يوم السبت 29 يناير 2011 بتشكيل الحكومة الجديدة بعد ان قدمت حكومة نظيف استقالتها قبلها بساعات تنفيذا لطلب مبارك، فان الرئيس الأسبق ليلتها لم يطلب من رئيس الوزراء المكلف ان يحتفظ بأي وزير سوي وزيرين فقط الاول هو أحمد ابوالغيط في ذات منصبه وزيرا للخارجية، والثاني هو أنس الفقي ولو في موقع وزاري آخر كوزير للشباب.. بينما ترك للفريق شفيق في البداية حرية اختيار باقي الوزراء.. غير ان رئيس الوزراء المكلف عندما عاد صباح اليوم التالي (30 يناير) ليقدم التشكيلة المقترحة لمبارك فوجئ به يطلب منه الاحتفاظ بكل من د. يوسف بطرس غالي وزيرا للمالية والمهندس رشيد محمد رشيد وزيرا للتجارة والصناعة وهو ما اعترض عليه الفريق شفيق وأيده في اعتراضه المرحوم عمر سليمان مدير المخابرات العامة الذي صار نائبا للرئيس الأسبق، وكان سبب اعتراض الفريق شفيق ان كلا من يوسف ورشيد من الوجوه المرفوضة جماهيريا وذلك من شأنه ان يثير استفزاز الرأي العام بدلا من تهدئته. غير ان مبارك رغم اعتراض شفيق اصر علي ان يتصل رئيس الوزراء المكلف بيوسف ورشيد ليعرض عليهما الاستمرار في الحكومة الجديدة.. وازاء اصرار مبارك اضطر الفريق شفيق للاتصال بهما، لكنهما رفضا عرض شفيق واعتذرا عن البقاء في الحكومة، بل ان رشيد ابلغ شفيق انه يستعد لمغادرة مصر ليعيش في الخارج بعض الوقت.. وعندما أبلغ شفيق مبارك ذلك سارع الرئيس الاسبق للاتصال بنفسه بكل من يوسف بطرس غالي ورشيد ليطلب منهما الاستمرار في حكومة شفيق غير ان كلاهما اصر من جانبه علي عدم الاشتراك في الحكومة ولم يستجيبا لطلب مبارك وهذه المعلومات سمعتها من الفريق شفيق شخصيا وتأكدت انها دقيقة وسليمة، مثلما سمع الاستاذ هيكل من الفريق شفيق في لقاء بمنزل الاخير، قصة تنحي مبارك وتأكد من صحتها ولذلك قال وقتها تليفزيونيا ان تنحي مبارك تم بسهولة وأسهل مما كنا نتصور.. وفي ضوء هذه المعلومات لا يمكن القول ان رشيد كان كبش فداء لمبارك ونظامه، بل كان مبارك حتي اللحظة الاخيرة يتمسك به ويصر علي وجوده وزيرا، انما رشيد ومعه يوسف بطرس هو الذي آثر الهروب من سفينة نظام كانت نهايته تقترب.. وكلاهما سافر الي خارج مصر، اولا رشيد ثم يوسف. أما فتح تحقيقات ضدهما فقد تم بعد تنحي مبارك وسقوط نظامه وقد طالت هذه التحقيقات آخرين غيرهما. يبقي القول أخيرا أنني أكتب ذلك للتاريخ فقط.