جاءت القمة 601 واقعية بالفعل.. لا الأهلي خاف ولا الزمالك غامر، ولم يتأثر الاثنان باغراق السوق الإعلامي بانطباعات أعطت ظهرها لخصوصية مباريات القمة مثلما يعطي جمهور الألتراس ظهره للملعب ولا يلتفت إليه إلا عندما يريد ان »يشتم« أو ينفعل مع هدف.. إلا ان هذه الواقعية تضررت من الخوف والخيال الجامح وقدر كبير من التردد داخل الملعب.. ويمكن رصد عشر حقائق قدمتها القمة السلبية »الصفرية«. الحقيقة الأولي أن الفريقين خرجا سعداء وراضيين بالتعادل لأنه كان نهاية هادئة لعاصفة هبت علي المباراة قبل ان تبدأ تتحدث في توقعات خادعة ومصير سييء محتوي للمهزوم.. لعب الطرفان بخوف شديد إلا ان خيال حسام حسن كان جامحا ومتأثرا بفريق برشلونة الأسباني معتقدا ان المهارات الفردية وسرعة اللاعبين الشباب سوف تفعل ما فعله برشلونة في ريال مدريد وبدون رأس حربة ولم يتوقف كثيرا عند فوارق الخبرة والمهارة عند المقارنة الخيالية.. والحقيقة الثانية التي أدت إلي هذه الواقعية ان الزمالك أدرك بعد مرور نصف الشوط الأول ان المباراة تحمل كل الاحتمالات وان وضعه الفني قبل اللقاء مباشرة كان سيئا مثل الأهلي بالضبط.. حيث تساوي معه في الافتقاد لرأس حربة متميز وضعف خط الهجوم لأن فاعلية هذا الخط ليس بكثرة الاسماء وانما بالكفاءة وهي غير متوافرة لديهما.. بل ان الظروف زادت سوءا في الزمالك بغياب لاعب مهم مثل حسين ياسر المحمدي كان مطلوبا في مثل هذه المباراة.. ويحسب للزمالك هذا العدد الكبير من الناشئين الذي لعب جيدا في الشوط الأول ونظم دفاعات صلبة في الشوط الثاني.. ويحسب للأهلي انه تجاوز الخوف من القمة بعد نصف ساعة ثم نسي هذا الخوف تماما في الشوط الثاني بفضل خبرة نجومه لكنه لم ينس الانطباع بأن التعادل نتيجة جيدة وفي نفس الوقت اصابه التردد عندما تقوقع الزمالك بين الاقتناع بالتعادل واغراءات الفوز أمام فريق يلعب في نصف ملعبه.. والحقيقة الثالثة ان شيكابالا غاب عن اللعب لأنه كان محروما من الكرة بفضل الرقابة المكثفة من لاعبي الأهلي والأهم بسبب انشغال زملائه بالدفاع وابتعادهم عنه حتي أصبح متفرجا علي المباراة هو وزميله أحمد جعفر فانفصل الاثنان عن الفريق وكان حسام حسن منطقيا في اخراج شيكابالا لانه لم يكن مستعدا ان يلعب ناقصا بوقوف المهاجمين الاثنين منفصلين عن الفريق ولم يكن واردا ان يخرج جعفر بعد ان نزل بديلا. والحقيقة الرابعة ان الأهلي استعاد بهذه المباراة روحه وثقته لأنه تعادل في مباراة ظهرت له مرعبة.. واحتفظ بأمل المنافسة علي البطولة رغم فارق ال6 نقاط.. وفي المقابل احتفظ الزمالك بفارق جيد في الصدارة وهو فارق يمنحه قدرة علي استيعاب التعثر في مباراتين في الدور الثاني. والحقيقة الخامسة ان الزمالك يبني فريقا جديدا وفي نفس الوقت ينافس علي اللقب وهي المعادلة الصعبة التي يحاول حسام حسن تركيبها واستمرارها صامدة.. وكان جريئا في الدفع بأكبر عدد من الناشئين رغم ان المباراة حرجة.. وفي سنوات قادمة سوف يجني النادي ثمار ما يزرعه حسام.. وفي المقابل ظهرت حاجة الأهلي إلي الاسراع بالبناء من الآن لانه اذا تأخر سوف يعاني أكثر مما يعانيه حاليا، فالاحتياج ليس في لاعب أو بضعة لاعبين بل في جيل متكامل، وقد أظهرت القمة وما قبلها من مباريات ان طاقة اللاعبين الكبار فعلا تشرف علي النفاذ. والحقيقة السادسة ان الزمالك تفوق في معظم الشوط الأول عندما أراد ان يتفوق ويتوازن في الآداء.. وان الأهلي تفوق تماما في الشوط الثاني لأن حسام حسن كان قد اتخذ قرارا حاسما بالحفاظ علي التعادل فقدم فيه أداء دفاعيا لم يسبق ان قدمه من قبل، وكلما وجد ان حلول الأهلي الهجومية محدودة رغم الاستحواذ والسيطرة كلما تمسك بقراره.. ولو ان الزمالك في موقف مغاير بجدول الترتيب ما لجأ أبدا إلي هذا البناء الدفاعي الصريح الذي يبدو ان الجهاز الفني عمل عليه في برنامج الاعداد للمباراة.. والقمم السابقة تؤكد ذلك، حيث لعب الزمالك بتوازن أكبر وفتح حوارا مع الأهلي رغم انه كان وقتها أقل فنيا من الآن. والحقيقة السابعة.. ان الفريقين كانا سيئين وقدما واحدة من اسوأ مباريات القمة، وكانت نيتهما ألا يلعبا كرة قدم، بل يلعباها تجارة وسياسة.. سأل كل منهما نفسه ماذا أريد وماذا أفعل لأحقق ما أريد وأتجنب هزيمة وقعها شديد وتأثيرها ضار.. وهي واقعية كما أشرنا انفصلت عن الأجواء قبل المباراة والتي كانت خادعة وغير منطقية.. ومن المستحيل تقبل فكرة ان وجود شيكابالا مع الزمالك هو الفارق الذي لا يمكن مقاومته فحمل اللاعب فوق ما يحتمل من مسئولية وهو في أشد الظروف قسوة. والحقيقة الثامنة ان حسام غالي قدم أفضل أداء له منذ ان عاد إلي الأهلي.. إلا انه بمقاييس ظروف المباراة لم يكن وحده يستحق جائزة أحسن لاعب لأنه لم يتعرض لأية اختبارات حقيقية في الشوط الثاني بأكمله لغياب هجوم الزمالك، وفي الشوط الأول لم يمنع فرصا للزمالك مثلما فعل وائل جمعة مثلا.. بينما تعرض رباعي دفاع الزمالك محمود فتح الله وعمرو الصفتي ومحمد عبدالشافي وأحمد غانم لاختبارات عصيبة طوال الشوط الثاني ونجحا بامتياز لان الحارس عبدالواحد السيد لم تصله أي كرة خطيرة تترجم فرصة حقيقية. والحقيقة التاسعة ان الحكم النمساوي كان متواضعا وظهر لنا كما لو كان حكما مصريا.. ورغم ذلك ليس مقبولا استهلاك الوقت في »الرغي« عن عودة الحكام المصريين لإدارة مباريات القمم.. هذا مستحيل في وقت بدأت فيه الأندية الأخري تطالب بحكام أجانب حققت بهم نتائج ايجابية لأنهم في اسوأ الأحوال يخطئون بلا أعتراض. والحقيقة العاشرة ان هذه القمة الضعيفة لم تقدم فكرا ولا خططا واعتمدت بنسبة عالية علي تصرف اللاعبين في الملعب.. باستثناء مواجهة تكتيكية كانت واضحة بين الجهة اليسري للأهلي والجهة اليمني للزمالك.. بين سيد معوض مع بركات وأحمد غانم مع عمر جابر وسرعان، انفضت في الشوط الثاني بعد ان خاب الرهان عليها.