هو أنا لقيت حاجة أحسن من كده وما عملتش وبعدين أكل العيش مر.. جيت مع أبويا واخواتي لمصر من بلدنا المراغية في سوهاج.. مفيش شغل في بلدنا والدنيا صعب علينا هناك.. القاهرة الرزق فيها واسع زي ما بيقول ابويا.. لأ بتعلم طبعا وفي سنة ستة دلوقتي بروح مدرسة الشهيد محمد الدرة.. ما اعرفش مين محمد الدرة يمكن صاحب المدرسة!! بأقف علي فرشة الدرة طول اجازة المدرسة.. اكتر من سنتين واقف علي الفرشة وفي عز الشمس.. العب فين يا عم طب منين ناكل لو لعبت.. ساعات العب كورة في المدرسة وبنعمل مسابقات جري.. بيع الدرة المشوي علي الفرشة دي آخر شغله اشتغلتها وكلها مكسب شريف. طبعا كل الناس تعرفني هنا حتي البياعين حواليا بينادوا عليا «واد يا ياسر» هات كوز درة.. علي الاقل الدرة اكل مضمون ونضيف وبيتشوي قدامك.. آه اشتغلت قبل كده وكل ما أشتغل مع حد يديني خمسة جنيه.. طب اعمل بيهم ايه ولو طلبت أكل يخصم اتنين جنيه من الخمسة يعني يتبقي تلاته بذمتك ينفعوا دلوقتي في ايه.. أبويا قال لأ احنا نشتغل عند نفسنا أحسن.. وبقيت اقف علي فرشة الدرة هنا.. واخويا التاني واقف علي فرشة الناحية التانية درة برضه. بأقف في عز الشمس ويطلع عيني وآخر النهار ابويا يقوم من النوم بعد العصر وياخد مني الفلوس ممكن ياخد 100 جنيه ما اعرفش بقي بيصرفهم في ايه. من النجمة باقوم الساعة خمسة الصبح أروح الجيزة عشان اشتري الدرة.. بنشتري بالكوز.. يعني كوز الدرة يقف عليا باتنين جنيه إلا ربع.. ويتشوي علي الفحم وفي الحر والبرد زي ما أنت شايف وابيعه باتنين جنيه.. يعني اكسب في الاربع اكواز جنيه واحد.. باخد تاكسي من الجيزة أنقل فيه الدرة ياخد مني عشرين جنيه وساعات أربعين.. الزباين يموتوا في الفصال يعني عايزين الكوز بجنيه.. طب اكسب ايه.. واحلف لهم كده يخسر لكن تقول ايه في ناس تشحت مني كوز ببلاش اعتبره زكاة. لسه مدي واحد والله جنيه ونص شكله صعب عليا. باشتغل كل يوم.. اكتر أيام باكسب فيها ايام الجمعة والاحد.. يمكن عشان الإجازات والناس بتخرج كتير تلاقي الدرة تاكله عشان دا لسه ارخص حاجة لغاية دلوقتي.. ربنا بيخلي في ناس فقيرة وناس اغنيا عشان الغني يعطف علي الفقير.. وإحنا فقرا وربنا بيعطينا ساعات تلاقي حد يقولك شوف الواد بتاع الدرة دا «يع».. عندي أخت غير أخويا اسمها «لمياء» دي الكبيرة بتحفظ قرآن في الكتاتيب وهي اللي كانت بتشيلني وانا صغير.. مش عارف لما اكبر ح اشتغل ايه.. المهم دلوقتي انا باكسب وخلاص وبدرس وبشتغل في عطلة المدارس والمستقبل بإيد ربنا. د. محمود عطية