عبر شارع شبرا الرئيسي اختزنت ذاكرتي مسيرة هيئة النقل العام بالقاهرة منذ عربات الاتوبيس الزوجية المنبعجة ابوابها بالمتشبثين والمتعلقين في رحلة عذاب الذهاب لاعمالهم، والترام العتيق الذي يحتل المسار الاوسط للشارع الحبيب إلي قلبي، وقد سارت عرباته متباطئة في تواليها، متشابكة في تقابلها، حتي خلا الشارع تماما لسيارات الاتوبيس بعدما احيل الترام إلي ذاكرة التاريخ بفعل مشروع مترو الانفاق الحضاري. وتعاملت مع اثمان تذاكر مواصلات النقل العام منذ كانت بقرشين للدرجة الثانية وثلاثة قروش للاولي، حتي تطورت الاشكال وانفجرت الاسعار نهاية بالاحمر الناري وتذكرته ذات الجنيه، بما يعني علي مدار وعيي ان ثمن التذكرة تضاعف خمسين مرة فيما لا يزيد علي ثلاثين سنة. المهم ان هوجة رفع اثمان التذاكر ارتبطت دائما بتغيير لون المركبات وعشنا ألوان الطيف ما بين الاحمر والازرق والابيض والاخضر، بحيث ارتبط ظهور احدها واختفاء الاخر بارتفاع السعر، ولاغضاضة في ذلك تبعا لارتفاع اسعار المركبات وصيانتها والتوسع في العربات تبعا للتوسع العمراني، فضلا عن زيادة اجور السائقين والكمسارية والاطقم الفنية للصيانة، كل ذلك لاغضاضة فيه رغم المبالغة في الزيادة في اسعار التذاكر. الغريب والغضاضة انه مع كل زيادة وظهور عربات جديدة بألوان جديدة يتم التعامل مع بواقي المركبات القديمة ذات الاسعار المنخفضة بطريقة الاهمال والوصول بها الي مرحلة التكهين وجعلها لا تصلح للاستخدام الآدمي، فلا نظافة ولا صيانة ولا اهتمام حتي في اختيار سائقيها ومحصيلها يبدو الأمر وكأن الهيئة تتعمد اختيار نوعيات تخاصم الحياة، والمضرور الاكبر في هذا الامر هو الراكب المحدود الدخل الذي لا يستطيع مجاراة المركبات الحديثة بألوانها الجديدة وتذاكرها المرتفعة، فهل تنظر الهيئة إلي التطوير والتحديث بمجرد تغيير اللون وزيادة السعر واغتيال وسيلة محدودي الدخل؟. سعيد الخولي