لم يعد يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية إلا ثلاثة أيام يخرج بعدها المصريون ليقولوا كلمتهم ويختاروا رئيسهم بعد معركة انتخابية توافرت لها كل مظاهر النزاهة والشفافية. ماراثون انتخابي رائع تابع الشعب خلاله تغطية محايدة غير مسبوقة من الإعلام الرسمي للدولة ومواقف تحترم من الحكومة بعدما أكد المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء من أول لحظة الالتزام بالحياد الكامل بين المرشحين.. لم نسمع تصريحا واحدا من أي وزير يدعم أيا من المرشحين المتنافسين المشير عبدالفتاح السيسي وحمدين صباحي.. ولم تُسخر أية وزارة أو جهة حكومية امكاناتها لخدمة أي منهما مما زاد من اهتمام الناس بمتابعة الانتخابات وترقب لحظة الحسم التي أصبحت علي الأبواب. ولعل الاقبال غير المسبوق من المصريين في الخارج للادلاء بأصواتهم حتي اضطرت اللجنة العليا للانتخابات إلي مد فترة التصويت يوما اضافيا لتصبح خمسة أيام.. لعل هذا الاقبال وما صاحبه من أجواء احتفالية وأغان وزغاريد ورقص أمام سفارات وقنصليات مصر في 124دولة والهتاف الذي دوي في أنحاء العالم «تحيا مصر» يكون «بشرة خير». أن ما نتوقعه وندعو إليه من اقبال علي التصويت في الداخل سيتحقق فعلا ليتأكد المجتمع الدولي أن ما حدث في 30 يونيو لم يكن انقلابا وإنما ثورة شعبية حماها الجيش لاسترداد مصر ممن حاولوا اختطافها بعدما سرقوا أحلام شعبها الذي خرج في 25 يناير يطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية فوجد نفسه في غفلة من الزمن أسير جماعة إرهابية لم يكن لها إلا هدف واحد هو اسقاط الدولة المصرية وإقامة دولة الخلافة الإسلامية ! «بشرة الخير» وجدناها أيضا في الأغنية الرائعة التي فاجأنا بها الفنان حسين الجسمي «كلمات أيمن بهجت قمر وألحان عمرو مصطفي» فألهب بها مشاعر المصريين وأصبحت حديث الناس في كل مكان حتي أعادتنا إلي الأيام الأولي لظهور أغنية «تسلم الأيادي» وما فعلته في شعب مصر الذي عاني كثيرا وتحمل فوق طاقته علي مدي أكثر من ثلاث سنوات وأصبح من حقه الآن أن يفرح. فرحتنا الكبري بعد ثلاثة أيام عندما نزحف بالملايين إلي صناديق الاقتراع نختار رئيسنا بإرادتنا.. «مصر محتاجة صوتك» تلك العبارة التي تنتهي بها الأفلام الدعائية القصيرة التي نشاهدها كل يوم من انتاج غرفة صناعة السينما ليست مجرد عبارة أو شعار يتردد قبل الانتخابات لكنها الحقيقة التي يجب أن ندركها جميعا.. مصر محتاجة كل صوت فعلا لأن كل صوت يفرق.. ونحن نريد أن يسجل التاريخ أن المصريين لم يتأخروا عندما احتاج إليهم الوطن وخرجوا يسجلون أعلي نسبة حضور انتخابي.. ربما يتصور البعض أن هذا حلم صعب المنال لكن هذا غير صحيح.. المصريون قادرون أن يحققوا المعجزة ويقدموا للعالم ملحمة تخرس كل الألسنة التي مازالت تدعي أن ما حدث في 30 يونيو كان انقلابا. تحملنا الكثير ولم يتبق إلا القليل.. ورغم احساسي بالاحباط في فترات سابقة إلا أنني الآن متفائل ومتأكد ان «اللي جاي أحلي» إن شاء الله.. مصر ستنهض من كبوتها بعد أن أخذت درسا لا ينسي من الأيام «السودة» التي عشناها تحت حكم الإخوان.. وبمجرد الانتهاء من استحقاقات خارطة المستقبل بانتخاب مجلس النواب وتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية المرتقبة سيعود الأمن والاستقرار.. رئيس جديد منتخب بأغلبية كبيرة إن شاء الله وبرلمان يعبر عن كل فئات وأطياف الشعب يأتي عبر انتخابات حرة ونزيهة ويتمتع بصلاحيات واسعة وحكومة قوية يراقبها البرلمان بجدية.. هذه الصورة الجديدة لنظام الحكم في مصر لابد أن تؤتي ثمارها بالقضاء علي الإرهاب والبلطجة والعنف وفوضي الشارع وإعادة الأمن والاستقرار لتعود عجلة الانتاج للدوران وتتدفق الاستثمارات. مصر علي أعتاب مرحلة جديدة في تاريخها وعندما تحرص علي الادلاء بصوتك في الانتخابات الرئاسية فإنك تصوت لمصلحة مصر ومستقبل مصر التي هي مصلحتك ومستقبلك ومستقبل أولادك فلا تتردد في الاقبال علي صناديق الاقتراع.. «مصر محتاجة صوتك».