تحتفل مصر في 25 أبريل من كل عام بعيد تحرير سيناء ،اليوم الذي استردت فيه أرض الفيروز،اليوم الذي تطهرت فيه من دنس الاحتلال، اليوم الذي رفع فيه الرئيس الراحل انور السادات علم مصر فوق ارضها الطاهرة. بقيت طابا التي استردت بالتحكيم الدولي في 15 مارس 1989 لتكتمل عودة كامل التراب الوطني عندما رفع الرئيس الأسبق حسني مبارك العلم خفاقا علي ارض طابا المحررة دبلوماسيا وقضائيا بالحق التاريخي المصري . في مثل هذا اليوم الخالد استعيد المشاهد التي لا تفارق ذاكرتي منذ ان حطت أقدامنا في الطائرة الحربية التي اقلتنا إلي مطار جنوبسيناء لحضور احتفالية رفع العلم علي ارض سيناء، وفد مكون من كبار الفنانين الذين سبقونا بطائرة اخري فكان من حظهم اللحاق بالاحتفالية وقت حدوثها ،شاء حظي ان اكون في الطائرة التي اقلت وفد المثقفين والاعلاميين برئاسة د. سمير سرحان رحمه الله ،كان وقتها رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة،ضم الوفد المؤرخ حسن امام عمر والناقد جلال العشري والناقد احمد عبد الحميد وآخرين ممن نتذكرهم بالرحمة، فرحتنا بشوق الوصول لمكان الاحتفالية طغي علي الطنين المزعج الصادر من الطائرة غير المبطنة من الداخل، نسينا الحرارة الشديدة المنبعثة من داخلها، نسينا الدوخة والدوار والتعب عندما نزلنا منها، من الفرحة استرددنا العافية لا شعوريا، في طريقنا إلي مكان الاحتفال اعترض الباص الذي يقلنا مدرعة اسرائيلية صوبت رشاشها نحونا، اتصالات بين ضابط الامن الذي يرافقنا باللاسلكي والجانب الاسرائيلي اسفرت عن طائرة هليكوبتر اسرائيلية حلقت فوق المدرعة وانزلت خطافا قبض علي المدرعة وارتفع بها محلقا لفتح الطريق، وقتها وصلتنا اصوات الطلقات التي يطلقها الجندي الاسرائيلي الموتور من رشاش المدرعة في الهواء، لحظات من اللوثة والخبل اصابت الإسرائيليين الذين جن جنونهم لرفضهم الخروج من سيناء أو التفريط في شبر ممن احتلوه بالغدر والخسة، الجنون دفعهم لحرق المستعمرات التي سكنوها، وحرث وحرق الارض التي زرعوها، وحرث الاسفلت وتخريبه، وخلع وتدمير مواسير المياه، وتحطيم اعمدة الانارة، وتحطيم السيارات التي تركوها وراءهم وصرفوا ثمنها من التأمين عند عودتهم لفلسطين المحتلة، أما السيارات التي لم يحطموها فباعوها لأهل سيناء وصرفوا ثمنها من التأمين ايضا بزعم انها سرقت منهم ! للأسف وصلنا بسبب تلك المدرعة الاسرائيلية اللعينة إلي الساحة التي أعدت للاحتفالية بعد رفع العلم ومغادرة الرئيس الراحل انور السادات وكبار رجالات الدولة للمكان، اسفل علم مصر الشامخ الذي يرفرف خفاقا في العلا تجمعنا لالتقاط الصور التذكارية، ثلاثة ايام قضيناها علي ارض سيناء، انتقلنا من جنوبها لشمالها، شاهدنا مستعمرة « ياميت» التي هدموا كل ما بها وحولوها لتراب باستثناء المعبد اليهودي الذي تركوه علي حاله واقفا بين الاطلال، كانت الثقافة الجماهيرية قد اعدت برنامجا فنيا ثقافيا متكاملا للمشاركة في احتفالات تحرير سيناء، فقرات البرنامج الذي شاركت فيه فرق الفنون الشعبية امتدت لثلاث ليالي عادت فيها الفرحة للجميع، وارتفعت فيها زغاريد الانتصار، لا أنسي يومها ما رأيته من ابتسامات وضحكات لجنود وضباط قوات الطواريء الدولية التي شكلت لتنفيذ عملية مراقبة كل ما ورد في بنود اتفاقية « كامب ديفيد»، صفقوا لفنونا الشعبية بحرارة، انضموا في الساحة المفتوحة للرقص مع فنانينا وفناناتنا بالفرق الشعبية بملابسهم الميري، مازلت احتفظ بالصور التي تعيدني للحظات السعادة والشعور بالعزة والكرامة، سيناء التي استعدناها من دنس الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني سوف تطهرها قواتنا المسلحة من دنس الارهاب البائس بالكامل لتبقي بعد ذلك قضية تنميتها وإعمارها التي تغافلنا عنها سنوات وسنوات .