أسعدني حظي الصحفي كثيرا بأن أكون ضمن عدد كبير من الصحفيين الذين دخلوا سيناء بعد حرب أكتوبر المجيد وبعد أتفاق كامب ديفيد ..حيث شاهدت عودة سيناء بجميع مراحلها خاصة السلمية وفض الأشتباك وأيضا الأتفاقات الدولية والتحكيم في عودة طابا إلينا. ومنذ أن خطوت في مهام صحفية في أرض الفيروز أدركت أنني وقعت في عشق هذا الجزء الغالي والعزيز علي قلبي وقلوب كل المصريين ولم أكن أتصور أن هناك جزءا في بلادي سيكون عندي في غلاوة الأسكندرية التي ولدت فيها وأمضيت شبابي الي أن جئت للتعليم الجامعي والعمل بالقاهرة ..زرت سيناء أيام خروج الأسرائيليين من مستعمرة ياميت التي رفض السادات أن يدفع لهم ملايين الدولارات ثمنا للخروج لأيمانه بحق مصر في هذا الجزء السيناوي وشاهدت المجندات وأيضا الجنود الأسرائيليين وهم يدمرون كل حجرات المنازل البيضاء الصغيرة وحضانات الأطفال في هذه المستعمرة وأحزنني كثيرا أن أراهم ينزعون الزهور البلدية الحمراء ويتركون مكانها أرض بور خربه وكم أحزنني رؤية فصول وحمامات الحضانات وقد تحولت الي قطع صغيرة من السيراميك بجانب السخانات الشمسية والبوتاجازات التي أحرقوها تماما ..هذا المشهد تكرر مرة أخري وراقبتهم وهم يدمرون ويكسرون القوارب والشماسي وحتي زجاج بهو فندق طابا عندما صدر حكم المحكمة الدولية بأحقية مصر التاريخية في هذا الجزء الغالي لمصرنا ولن أنسي المجندات الأسرائيليات وهن يتمرغن في التراب باكيات عند أنسحابهن من طابا ثم سجلت بعض المآسي الأخري في بداية عودة سيناء الينا تتمثل في زواج كثير من الاسرائيليات من أبناء القبائل السيناوية بهدف إنجاب أبناء ينتمون لإسرائيل في سيناء . ثم رأيت فيما بعد مجموعات من السياح الأسرائيليين يجيئون برا إلي سيناء وهم يحملون معهم كل شيء حتي الخيام لإعاشتهم علي شواطئ سيناء ماعدا الجراكن الكبري لملئها بالبنزين المصري الرخيص جدا بالنسبة لسعره في بلادهم وعندما يتحدثون معنا كانوا يقولون إن سيناء هي وطن لهم منذ جدهم موسي ..هذا جانب كان يداعب القلب كلما ذهبت لسيناء في معظم المناسبات الأحتفالية ومتابعة المشروعات التي أقوم بتغطيتها صحفيا وهنا أتذكر رحلة صحفية كبري وكانت الأولي من نوعها في أول الثمانينات جمعتنا في خمس حافلات كبري للاعلاميين بمناسبة افتتاح كلية التربية بالعريش وكان اللقاء بيننا وبين الشباب السيناوي العائد من تحت مظلة الأحتلال الأسرائيلي ويعلم الله وحده كم شاركنا جميعا في محاولات كبري لإعادة الروح المصرية الأصيلة اليهم حيث نشأوا علي بعض الأخلاقيات الغير سوية ..أنني أشعر بالحنين دائما الي رمال سيناء وأرض الفيروز وأتمني أن تنجح كل المحاولات التنموية لرفعة هذا الجزء الغالي لمصرنا وأن يشعروا أنهم جزء حميم من أهل وطنهم وأن مصر لا ولن تفرط في حبة رمل أو ابن علي أرض سيناء لأنها جزء غال علي قلب كل المصريين.