استشهاد شخص وإصابة آخرين إثر قصف إسرائيلي على محيط مستشفى رفيق الحريري    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    رواية الشوك والقَرنفل.. السنوار الروائي رسم المشهد الأخير من حياته قبل 20 عاما    الفنانة نورهان: اشتغلت مدرسة إنجليزي بعد الاعتزال.. التمثيل كان يسرقني من الحياة    عاجل - "وزارة الموارد البشرية" ترد على شائعات زيادة 20٪ لمستفيدي الضمان الاجتماعي لشهر نوفمبر 2024    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    «سيدات طائرة الأهلي» يفزن على وادي دجلة في بطولة الدوري    كسر بالجمجمة ونزيف.. ننشر التقرير الطبي لسائق تعدى عليه 4 أشخاص في حلوان    عاجل - تمديد فترة تخفيض مخالفات المرور وإعفاء 50% من الغرامات لهذه المدة    بمستند رسمي..تعرف علي مواعيد قطارات «السكة الحديد» بالتوقيت الشتوي الجديد    مصرع شاب وإصابة 2 آخرين في حادث انقلاب سيارة بأسيوط    عاجل- كيفية الاستعلام عن موظف وافد برقم الإقامة وخطوات معرفة رقم الحدود عبر أبشر    ثقف نفسك| 10 خطوات هامة لمن يريد الزواج.. تعرف عليها    على الحجار عن «مش روميو وجولييت»: أشكر الجمهور.. ودعوات مجانية للمسرحية    محمد كيلاني داخل الاستوديو لتحضير أغنية جديدة    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    الصحة اللبنانية تدين تعرض إسرائيل لأكبر مرفقين طبيين في البلاد وتطالب بموقف دولي إنساني    3 مشروبات يتناولها الكثير باستمرار وتسبب مرض السكري.. احذر منها    اشتباكات عنيفة بين عناصر "حزب الله" والجيش الإسرائيلي في عيتا الشعب    وزير الدفاع الأمريكي: سنزود أوكرانيا بما تحتاجه لخوض حربها ضد روسيا    قصف مدفعي مكثف في عيتا الشعب جنوب لبنان    382 يومًا من العدوان.. شهداء ومصابين في تصعيد جديد للاحتلال على غزة    سامسونج تطلق إصدار خاص من هاتف Galaxy Z Fold 6    موقف كمال عبد الواحد من المشاركة بنهائي السوبر، والده يكشف حالته الصحية    حل سحري للإرهاق المزمن    نشرة التوك شو| حقيقة زيادة المرتبات الفترة المقبلة ومستجدات خطة التحول إلى الدعم النقدي    بعد منعه من السفر… «هشام قاسم»: السيسي أسوأ من حكم مصر    قائد القوات البحرية يكشف سبب طُول الحرب في أوكرانيا وغزة    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ما حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    النائب العام يبحث مع نظيرته الجنوب إفريقية آليات التعاون القضائي    «القابضة للمطارات»: مؤتمر المراقبين الجويين منصة للتعاون ومواجهة تحديات الملاحة    إسرائيل تتوعد: الهجوم على إيران سيكون كبيرًا وسيجبرها على الرد    كيفية تفادي النوبات القلبية في 8 خطوات..لايف ستايل    داخل الزراعات.. حبس سائق توكتوك حاول التح.رش بسيدة    عماد متعب: اللاعب بيحب المباريات الكبيرة وكنت موفقا جدا أمام الزمالك    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    متحدث الصحة: نعمل بجدية ومؤسسية على بناء الإنسان المصري    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    شيرين عبدالوهاب تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية (تفاصيل)    رانيا يوسف: إشمعنى كلب الهرم يتكرم وكلبي في فيلم أوراق التاروت ما حدش عايز يكرمه؟    شريف سلامة: أتخوف من الأجزاء ولكن مسلسل كامل العدد الجزء الثالث مفاجأة    أبرز المشاهير الذين قاموا بأخطر استعراضات على المسرح (تقرير)    رئيس إنبي: لجنة المسابقات ستشهد نقلة نوعية بعد رحيل عامر حسين    ارتفاع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء تواصل الصعود التاريخي.. وعيار 21 يسجل أرقامًا غير مسبوقة    أبو هميلة: توجيهات الرئيس للحكومة بمراجعة شروط صندوق النقد الدولي لتخفيف الأعباء    الصفحة الرسمية للحوار الوطنى ترصد نقاط القوة والضعف للدعم النقدى    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    أبرز موافقات اجتماع مجلس مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأقصر    القصة الكاملة لتدمير القوات المصرية للمدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967    ابتعدوا عن 3.. تحذير مهم من محافظة الإسماعيلية بسبب حالة الطقس    "الذكاء الاصطناعي".. دير سيدة البشارة للأقباط الكاثوليك بالإسكندرية يختتم ندوته السنوية    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نخبة من الخبراء يؤكدون في ندوة نطمتها الأخبار
فحص مرشحي الرئاسة نفسيا خطر علي الأمن القومي
نشر في الأخبار يوم 17 - 04 - 2014

د. سعيد عبد العظيم ود.محمد غانم ود. رضوى سعيد ود. محمد شفيق خلال الندوة
د. رضوي سعيد : معظم الساسة لديهم قدرات تمثيلية قد تخدع لجنة الفحص
د.محمد شفيق : مرض أحد المرشحين نفسيا لا يعني عدم لياقته
د.محمد غانم : نتيجة الفحص قد تستخدم لابتزاز المرشح من منافسيه
د. سعيد عبد العظيم : دراسة تاريخ الشخص المرضي أهم من فحصه
د.يحيي الرخاوي : لا توجد اختبارات قاطعة لرصد أمراض الفص الأمامي للمخ
د.قدري حفني : الفكرة تفتح الباب لتشكيل سلطة تعلو علي كافة السلطات
فجر عدد من خبراء الطب النفسي مفاجأة من العيار الثقيل عندما قللوا في ندوة نظمتها «الأخبار» من جدوي خضوع مرشحي الرئاسة للفحص النفسي، وأكد الخبراء انه لايمكن الجزم بعدم لياقة شخص للترشح للرئاسة نفسيا حيث يمكن لبعض الساسة خداع لجنة الفحص بمايمتلكون من قدرات تمثيلية.
ورغم أن فكرة الفحص النفسي للمرشحين تحظي بتأييد البعض فإن رفض البعض الآخر أثار فضولنا ودفعنا لتنظيم هذه الندوة للوقوف علي أسباب رفضهم.
طرحنا عددا من ا لأسئلة للوصول الي إجابات شافية حول اسباب رفضهم والتعرف علي جدوي فحص مرشحي الرئاسة نفسيا من عدمه في ضمان توافر اللياقة الصحية لرئيس مصر .. وتطرقوا في حديثهم لنقد الواقع الحالي للطب النفسي وطالبوا بتفعيل دوره أسوة بالدول المتقدمة والي التفاصيل:
في البداية ما الدور الذي يمكن أن يؤديه الطب النفسي في تقييم المرشحين للرئاسة ؟
د.رضوي سعيد استشاري الطب النفسي والعلاج بالفنون بالقصر العيني : فكرة التقييم النفسي للمرشحين غير مجدية لأن معظم الساسة لديهم قدرات تمثيلية وسمات للتأثير علي الآخرين، ويمكن أن يستخدمها معظمهم لخداع الطبيب النفسي وإخفاء الحقائق عنه خاصة أن المرشح يعرف جيدا أن هذا الفحص لتقييمه، كما أن الظروف لا توفر مناخا مثاليا للكشف عليه فلا يمكن إجراء التقييم بدقة خلال ساعات قليلة، ولا يوجد شئ في العلم يوضح صحة هذا. ومن جانب آخر فإن فكرة تخويل الحكم علي المرشحين لمجموعة من الأطباء النفسيين كبديل عن الجمهور تعد كارثة لأن الطبيب نفسه قد يكون مريضا أو متحيزا لطرف بعينه، كما أن هناك بعض الأطباء النفسيين المعروفين والمشهورين الذين يحتكرون المناصب والسلطة طوال الوقت ولديهم توحد مع الكرسي وقد يكونون من ضمن المسئولين عن تقييم المرشحين، فبأي منطق يكون هؤلاء الأطباء هم المسئولين عن مهمة كهذه رغم أنهم هم أنفسهم يحتاجون لعلاج مجتمعي ويتطلب الأمر إقصاءهم من أداء هذه الأدوار.
وتوضح د. رضوي لكي يتم الفحص النفسي بشكل صحيح وموضوعي فلابد من معرفة كل صغيرة وكبيرة من تاريخ الشخص منذ ولادته، لذا فإن الطبيب النفسي الذي سيتجرد أمامه المرشح يعد خطرا علي الأمن القومي إذا أجري الفحص بشكله الصحيح الذي نعرفه وقد يستهدف من أجهزة مخابرات دول أخري لأنه يمتلك أسرار الشخص الذي يحكم مصر ومفاتيح شخصيته ويستطيع التنبؤ بأفعاله.. وهذا الأمر يعد خطيراً جدا علي الوطن وأمنه.
مجال للشائعات
د.محمد غانم أستاذ الطب النفسي بكلية طب جامعة عين شمس : فكرة الفحص النفسي للمرشحين قد تبدو وجيهة وبراقة في الظاهر لأنها ستجنب الوطن العديد من المشاكل إذا استطعنا إقصاء من يعاني من أمراض نفسية، لكن هذا المقترح لا يصمد واقعيا لأسباب عديدة، يعد أبرزها أن الفحص النفسي يتم إجراؤه من خلال أكثر من لقاء بواسطة طبيب أو أكثر مع اللجوء لبعض الاختبارات التي تكشف عن الأمراض النفسية المقترحة وهي الاكتئاب والفصام والإعاقة الذهنية والتخلف العقلي.. ويكون آخر مرضين واضحين بشدة في الشخص المصاب بهما، أما مرضي الفصام والاكتئاب فيختلف علي تشخيصهما أكبر الأساتذة لأننا نعتمد علي خبراتنا وبعض الأعراض التي يختلف عليها الأطباء وليس لدينا الوسائل المؤكدة التي تجعلنا نتأكد من صحة التشخيص مثل الأمراض العضوية، كما أننا كأطباء نفسيين ليس لدينا قدرة تنبؤية قوية وصادقة للتأكد من احتمالات تعرض هذا المرشح لمرض نفسي في المستقبل.. ومن جانب آخر لا توجد أي دولة متقدمة قامت بمثل هذا الإجراء.. ويضيف د.غانم أن الأخطر من كل ذلك أن يتعرض المرشح للابتزاز من منافسيه إذا تسربت إليهم أي معلومات عن مرضه رغم سرية الفحوصات،كما أننا سنفتح المجال للشائعات بادعاء أشياء لا تمت للحقائق بصلة.. بالإضافة إلي احتمالية تعرض أعضاء اللجنة لضغوط من أجل إقرار نتائج بعينها هذا بخلاف انتماءات الأطباء التي قد تسهم في عدم موضوعيتهم.. لذا فكل هذه النقاط تجعل الفكرة غير قابلة للتطبيق المثالي الذي لا يضر بالمرشح والوطن.
ويشير د.غانم إلي أن قانون الانتخابات ينص في هذا الشأن علي ألا يكون المرشح مصابا بمرض بدني أو ذهني يؤثر علي أدائه لمهام رئيس الجمهورية ويصف هذه العبارة بأنها فضفاضة من الممكن أن يفهمها ويطبقها كل فرد طبقا لأهوائه.. ويقول: الأهم من وجود المرض هو إمكانية علاجه لأن كل البشر معرضون للمرض.. فعلي سبيل المثال هناك أشخاص أصيبوا بأمراض وهم يحكمون دولا عظيمة مثل لينكولن وليندون جونسون، فقد عاني كل منهما من الاكتئاب أثناء حكمهما لأمريكا، وأيضا كان جورج بوش الابن مدمنا للكوكايين والكحول.. وفي مصر أصيب عبد الناصر بالسكر أثناء حكمه لمصر كما أصيب أنور السادات بأزمة قلبية عندما علم بموت عبد الناصر لذا فإن العبرة ليست بالإصابة بالمرض بل في كيفية التعامل معه وإمكانية الشفاء منه أو التحكم فيه، ويجب أن تضع اللجنة في اعتبارها مثل هذه الأمور وإلا سنحرم البلد من الكفاءات وذوي الخبرة لأن الخبرات تكتسب عبر السنوات، فمن النادر أن يخلو الأشخاص في السن المتاحة للترشح من أي أمراض. ويوضح أهمية الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة في حالة شعور الرئيس بعدم قدرته علي أداء مهامه بسبب أي شئ يعانيه حيث يجب عليه الاعتراف بذلك ومواجهة مشكلته بشفافية، فعلي سبيل المثال أصيبت رئيسة وزراء فنلندا بالاكتئاب فاعتذرت عن منصبها حتي شفيت وعادت مرة أخري وتقبل الشعب موقفها وقدره.. رغم أنه من الممكن أن يدير الدول المتقدمة شخص معاق ويستطيع إتخاذ قرارات صحيحة لأن الحكم في هذه الدول حكم مؤسسات ويعد الرئيس فيه فردا ضمن الذين يتخذون القرار.
منظور عالمي
د. سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسي بالقصر العيني : لابد أن ننظر لفكرة فحص مرشحي الرئاسة بمنظور عالمي، وما إذا كانت هناك سوابق لهذا الإجراء من خلال تجارب الدول الأخري لأننا نبدأ في أي بحث علمي من حيث انتهي الآخرون رغم مسئوليتنا نحو الإبتكار والتجديد.. ولكننا لم نلحظ قيام أي دولة بذلك الإجراء، لكن الولايات المتحدة تخضع المسئولين الذين سيتولون مناصب حساسة لجهاز كشف الكذب حتي يتم الكشف عما يخفيه المسئول لأنه قد يقول شيئا في الظاهر لكنه يخفي شيئا آخر.
الأخبار : هل يعطي قياس وظائف الفص الأمامي للمخ الذي تم الإعلان عنه دلالات كاشفة لمدي صلاحية المرشح الرئاسي نفسيا ؟
د.سعيد : فيما يخص فحص الفص الأمامي للمخ «prefrontal cortex « لتقييم الوظائف التنفيذية والقدرة علي حل المشاكل فإنه يفتقد الدقة ويفتقر إلي الأساس العلمي، لأن المخ يعمل كوحدة متكاملة يتم التنسيق بين أجزائها المختلفة لتشكل أداء الفرد وأسلوبه وقدراته، ولا يعمل كأجزاء منفصلة بذاتها كما أنه يمكن اختزال عمله في أي جزء مهما كانت أهميته، لأن الوظائف العليا المختلفة كالتفكير والإدراك والعواطف والإرادة والقدرة علي تحمل الضغوط والمرونة وإتخاذ القرار المناسب مرتبطة بعمل المخ بكافة أجزائه لأن أي قرار سيصدر لابد أن يحتكم للذاكرة والخبرات السابقة المختزنة في باقي أجزاء المخ ولهذا يعد هذا التفكير غير علمي أو دقيق.
ويضيف أن اختزال أسئلة القياس النفسي لتقييم عمل الفص الأمامي فقط وعدم خضوع القياس لمعايير الضبط «validity and reliability « المتفق عليها محليا ودوليا يزيد من احتمالات عدم مصداقية تطبيق القياس مما يؤدي إلي نتائج غير دقيقة وربما غير علمية، ولهذه الأسباب لم يخضع مرشحو الرئاسة في أي دولة أخري لهذه الإختبارات.
د.يحيي الرخاوي أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة : فكرة الفحص النفسي سليمة، لكن المسألة صعبة جدا، فبأي وسيلة سيتم الكشف علي المرشحين خاصة أن مثل هذا الكشف يحتاج إلي ملاحظة مستمرة لمدة ليست قصيرة، فمقابلة واحدة لا تكفي، فإن المحكمة حين تحيل إلينا متهما في جريمة ما وتطلب تحديد مسئوليته الجنائية، أي توفّر «الركن المعنوي للجريمة» أي الدرجة الكافية من «التمييز» و»الإرادة» و»الوعي» في وقت ارتكاب جريمة ما، نحتاج للوفاء بمطلبها بطريقة علمية وأخلاقية وقانونية وإيمانية أن يوضع المتهم تحت الملاحظة في مكان معد لذلك - مستشفي عادة- ولمدة تكفي لملاحظة سلوكه تصل إلي 24 ساعة في اليوم، مع إثبات الملاحظات المناسبة من معظم من حوله، ثم فحص المتهم - الذي لم يصنَّف مريضا بعد - المرة تلو الأخري قبل أن نصدر حكما بسلامته أو عدمها وقت ارتكاب الجريمة.
أما عن الاستعانة بالاختبارات النفسية فلا يوجد اختبار يمكن الاعتماد علي مصداقيته بدرجة كافية في مشاكل الطب النفسي الشرعية حتي الآن وإن كانت تساعد في بعض الأحوال لكنها أضعف وأكثر اهتزازا بالنسبة للشخص العادي، فما بالك بمرشح ليكون رئيسا لنا ولمدة أربع سنوات قابلة للتكرار، كما أن هذه الاختبارات أعجز طبعا من أن تكشف عن مدي تحيزه للعولمة المفترسة أو للسلفية المتجمدة أو لعشيرته الخاصة أو لأسرته الحميمة، هذا إذا اعتبرنا مثل هذا التحيز مرضا أصلا.
تعقيدات المخ البشري
ويوضح د.يحيي حقيقة قياس وظائف الفص الأمامي للمخ قائلا: إن المخ البشري في حدود علمي أكثر تعقيدًا وتكثيفًا وتداخلا ويحتوي علي اشتباكات لا نعرف منها وعن طبيعتها إلا أقلها، كما أن الاتجاه الأحدث في العلم المعرفي العصبي يتعامل مع المخ ككل متعدد المستويات والوظائف قادر علي أن يعيد بناء نفسه باستمرار حتي من خلال ما يسمي العلاج النفسي، لذلك فإنه لا توجد اختبارات مهما بلغت دقتها ومهما كانت مهارة الكمبيوتر، يمكن أن نتعرف من خلالها بدرجة كافية علي الضرر الموجود في الفص الأمامي باعتبار هذا الفص - كما هو منشور- هو المسئول عن كل النواحي المعرفية وحل المشكلات والمرونة في التفكير ومعالجة المعلومات لنتعرف هل يوجد نوع من الإعاقة تجعل المرشح غير قادر علي أداء مهامه كما قالت لجنة الانتخابات لذا فإن كل هذه أمور تحتاج نقاشا علميا طويلا، خاصة أن ثورة العلم المعرفي العصبي الأحدث قد كشفت مدي تواضع المعلومات التي لدي العلماء والباحثين عن طبيعة ما يسمي الوعي ومستوياته والإدراك وعلاقته بالوجدان والتفكير والأخلاق وعلاقة كل ذلك بعمل مستويات المخ المتكاملة طول الوقت.
سلطة الأطباء
د.قدري حفني أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس : علي الرغم من أن إجراءات شغل أي وظيفة تشمل القيام بفحوصات وتحاليل للتأكد من الصحة البدنية والنفسية لمن سيشغل العمل حتي يستطيع إنجاز عمله بكفاءة إلا أن هذه الإجراءات لم يتم تنفيذها علي من سيشغل منصب رئيس الجمهورية قبل ذلك، ومع ذلك فإنني أفضل عدم تطبيقها علي مرشحي الرئاسة لأن فكرة إسناد تصفية قائمة المرشحين إلي أهل الاختصاص في الطب البدني و النفسي يفتح الباب لتشكيل سلطة يتمتع بها فريق من الأطباء تعلو علي كافة السلطات أشبه بسلطة رجال الدين في الدولة الدينية؛ و إن ارتدت عباءة علمية.
كلمة مطاطة
د.محمد شفيق أخصائي الطب النفسي بمستشفي شبرا العام : أرفض أن تحدد لجنة ما صلاحية المرشح الرئاسي من عدمه لأننا ومعظم دول العالم نستخدم النظام الديمقراطي والذي يشمل تعريفه أن القرار يكون للشعب والغالبية العظمي, وعلي قدر الوعي الذي يصل إليه الشعب يكون ممثلوه، ورغم أن التجربة الديمقراطية تحسن وتجود من نفسها دائما وتستفيد من أخطائها إلا أننا نفعل عكس ذلك، لأن ما نقوم به الآن من تكليف لجنة طبية بفحص مرشحي الرئاسة ما هو إلا زيادة وسائل نقفز من خلالها علي الحكم الشعبي.. فعلي سبيل المثال اختارت الأغلبية الرئيس المعزول محمد مرسي في وقت من الأوقات، ونفس الأغلبية اكتشفت خطأ تصورها بعد عام.. فإذا اكتشفت اللجنة الطبية في ذلك الوقت مرضا يستدعي استبعاد مرسي بسبب عدم لياقته الصحية ونحت اختيار إرادة الشعب جانبا فإن هذا لم يكن سيصبح مفيدا للتجربة الديمقراطية التي اكتملت عندما اختبر الناخبون مرشحهم وشاهدوا عواقبها واستفادوا من أخطائهم.. ونفس التجربة مرت بها الشعوب في أوروبا والدول المتقدمة عندما انتخب الشعب الألماني هتلر الذي أقام أكبر مذابح في العالم، ولكن الشعب تعلم مما حدث وأصبح واعيا ألا يكرر هذه التجربة مرة أخري.
العلاج بالفنون
الأخبار : ما الدور الإيجابي للطب والأطباء النفسيين الذي يمكن تقديمه لدعم المرحلة الراهنة ؟
د.رضوي سعيد : يجب أن يكون لمدارس الطب النفسي في جامعات مصر بمختلف اتجاهاتها دور في تقليل الصراع الناتج عن اختلاف وجهات النظر ومناشدة الجميع أن يكفلوا حرية التعبير للجميع لأنها إحدي ممارسات الصحة النفسية وبالتالي البدنية، مادامت هذه الحرية تكفل احترام القانون والآخر مهما كانت توجهاته وذلك من خلال الدور البناء للطب النفسي.. بالإضافة إلي ضرورة رأب الصدع النفسي داخل المجتمع الذي حدث نتيجة التغيير المفاجئ في السلطة أكثر من مرة وعدم تقبل البعض لهذا الأمر مما أدي إلي صراع شعبي وشحن نفسي لم يتم حله حتي الآن رغم محاولات الحكومة للوصول إلي حل بشكل تشريعي من خلال إصدار القوانين مثل قانون التظاهر. وتوضح د.رضوي أن أبرز طرق علاج هذا الصراع هو العلاج بالفنون مثل ما تم استخدامه في فلسطين من العلاج بالمسرح «playback theatre «حتي تستطيع الأسر التعامل مع قتل ذويهم ومواجهة موجات العنف الشديدة التي يتعرضون لها والتي لا يقتصر تأثيرها علي الأداء اليومي بل تمتد إلي الإصابة بأمراض نفسية وأخري نفسجسمانية نتيجة الصدمة وأيضا تؤثر علي الذاكرة، وتؤدي إلي وجود خلل عام في السلوكيات مثل اللامبالاة وعدم الإكتراث، وقد لوحظ ذلك في بعض المظاهر السياسية في مصر.. فبعد الإقبال الشديد علي استفتاء 19 مارس أصبح أقل في الانتخابات التالية..وتشير إلي أن العلاج بالمسرح يساهم أيضا في زيادة تعاطف الناس مع المواطنين لأنه ينقل أحداث العنف التي تجري في البلد والمشاعر الحقيقية لمواطنيها بها.
وتؤكد علي ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي ونشر الأعمال التي يمكن أن تكون رائدة في مجال الطب النفسي، خاصة أن هناك احتكارا لمدارس بعينها تسهم بشكل متواضع في النشر بالخارج ولهذا علاقة بالسيطرة علي المؤسسات، لذا يجب أن يكون هناك تضافر بين الأطباء النفسيين بحيث يتم إطلاق الشباب ومن لديهم أفكار إبداعية لأن هذا سيضعنا في مكانة أخري في دائرة الطب النفسي العالمي.. وتؤكد علي ضرورة زيادة الوعي بالطب النفسي لأننا مازلنا خاضعين لخرافات عديدة وأفكار غير حقيقية قد تؤدي إلي تدهور حالة المرضي النفسيين، ويأتي ذلك من خلال التوعية بالمعلومات عن الأمراض النفسية المختلفة ونسب علاجها، خاصة أن نسبة تتراوح بين 30 و 40 % من الذين يترددون علي عيادات الباطنة يعانون في الأساس من أمراض نفسية لأن معظم الأمراض العضوية تعد جزءا من مرض أكبر نفسي ويكون جهل الطبيب العادي بالطب النفسي سببا في إهدار موارد الدولة وصحة المريض نتيجة علاجه الخاطئ.
مفاهيم مغلوطة
د.سعيد عبد العظيم : يتطلب الوضع الحالي مجهودا ضخما من الأطباء النفسيين وعلماء الاجتماع لتطوير الفكر المجتمعي والربط الصحيح بين المفاهيم الطبية والنفسية والدينية خاصة أن مشكلة وصمة الطب النفسي هي مشكلة عالمية لأن كل الشعوب لديهم خوف من المرض النفسي، ولكن نسبة الخوف منه تختلف بإختلاف نسبة الجهل فهناك مجتمعات تحسن وعيها وتعتبر حاليا أن الذهاب للطبيب النفسي شئ حضاري ونوع من الرفاهية حتي يتخفف الشخص من أعبائه ويخرج مكنوناته ويحمي نفسه من الأمراض النفسية، في المقابل مازالت الكثير من المجتمعات تفتقر إلي الوعي الكافي للذهاب للطبيب النفسي الذي قد يحمي الشخص من بعض الأمراض العضوية علي الرغم من أن قدماء المصريين يعدون من أقدم الشعوب التي شخصت المرض النفسي وقامت بوصفه علي ورق البردي.. وأيضا تناول كثير من العلماء في الحضارة الإسلامية علاقة الطب النفسي بالأمراض العضوية مثل الفارابي وغيره، وهو ما يؤكد أن تاريخنا علي فهم ووعي بالمرض النفسي وأن الخلط بدأ في العصر الحديث لأننا بعدنا عن صحيح الدين في جميع المجالات.
ويشير إلي أن السبب في تهميش الطب النفسي هو المفاهيم المغلوطة لدي المسئولين مثل بقية الناس، واكبر مثال علي ذلك هو وضع مادة الطب النفسي في برامج كلية الطب نفسها حيث يتم تخصيص درجات ضئيلة جدا له، كما أنه مصنف ضمن علم ضخم هو أمراض الباطنة لذا فلا يهتم الطالب بالطب النفسي لقلة درجاته علي الرغم من أهمية المعرفة الجيدة به للوصول إلي التشخيص الصحيح، في حين أن دولا أخري أصغر من مصر تهتم بهذا العلم جيدا مثل الكويت التي خصصت له درجات عالية ومنفصلة عن أمراض الباطنة لوعي المسئولين فيها بمدي أهمية هذا المجال.
د. محمد غانم : يجب أن يكون للطب النفسي عدة أدوار خلال المرحلة الحالية أبرزها هو زيادة الوعي بلغة التسامح بين الناس وحثهم علي قبول الآخر الذي يعد إحدي عناصر الديمقراطية لأن الاختلاف يعد مصدر ثراء للجميع وللبلد.. ويشدد د.غانم علي ضرورة الاهتمام بتثقيف الأطباء قبل التخرج لأنهم يعدون أكبر سبب لوصمة الطب النفسي، فإذا سألت أحدهم عن الطب النفسي ينصحك بالبعد عنه لأن معظم أطبائه غير طبيعيين، خاصة أن الطالب يدخل كلية الطب بفكر محايد ودور المتخصصين في الطب النفسي إما أن يكسبه أو يخسره.
ومن جانب آخر يري ضرورة إجراء الأطباء النفسيين للبحوث التي تخدم وتمس مشاكل الناس حتي يكتسبون مصداقية عندهم، حيث أن بعض البحوث يتم إجراؤها في معامل وتحتوي علي مصطلحات علمية بعضنا لا يفهمها.. ويشير إلي بعض المشاكل التي يجب الاهتمام بها من قبل الطب النفسي وعلماء الاجتماع حتي يقتنع الناس بمدي أهمية ما يقومون به، وتعد أبرز هذه المشاكل في الوقت الحالي هي العشوائيات والبطالة والعنف وأطفال الشوارع.
د.قدري حفني: أبرز الأدوار الإيجابية التي من الممكن أن يقوم بها الطب النفسي خلال المرحلة الراهنة هو المساهمة في توفير الأجواء الفكرية اللازمة لإنجاز عدالة انتقالية حقيقية، من خلال تأكيد مفهوم أننا شعب واحد رغم تنوع عقائدنا و أفكارنا ومصالحنا القريبة و البعيدة؛ و التذكرة دائما بتلك اللحظات التي انصهرنا فيها جميعا ويشدد علي أهمية التوعية بضرورة قبول الأخر مهما تناقضت أفكاره معنا، وأن تبادل الكراهية لأسباب مختلفة لا يحول دون تعايشنا سويا مادامت لم تتحول هذه الكراهية إلي عنف.
د. محمد شفيق : دخول الطب النفسي في كافة المجالات أصبح من أهم الخطوات التي يجب أن نهتم بها لأن المجتمع كله قائم علي حالته النفسية التي يجب متابعتها بصفة دورية في العمل والمدرسة والمؤسسات وخلافه.. ويمثل القصور في هذا الجانب خسارة كبيرة ندفعها في كافة المجالات،ويؤكد علي ضرورة زيادة ميزانية الصحة لأنه كلما زادت الأموال المخصصة للصحة كلما زاد العائد البشري، خاصة أن معظم الدول تهتم بهذا الجانب لإيمانها بأن البشر هم الإستثمار الأكبر.
ويشير د.شفيق إلي ضرورة اهتمام الأطباء النفسيين بإجراء أبحاث مختلفة تخدم المجتمع في ظل البيئة الخصبة المتوفرة حاليا نتيجة التغيرات والصراعات والظروف الشديدة التي مر بها الشعب المصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.