بدون شك نحن سعداء بسرعة تشكيل الحكومة الجديدة خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها مصر.. ولكن ملاحظاتنا البسيطة عليها أمر ضروري علي رأسها هذا العدد الكبير من الوزراء السابقين الذين أعاد المهندس إبراهيم محلب الاستعانة بهم رغم فشلهم الواضح في إدارة ملفات وزاراتهم وهو يعلم نفسه أن الحكومة السابقة لم تحقق طموحات المواطن في أي عمل قامت به. وعلي سبيل المثال لا الحصر كيف يعيد اختيار د. محمد عبد المطلب لوزارة الري وهو يعلم أنه فشل في إدارة ملف سد النهضة ولم يعالج قضية التعدي البالغ علي أراضي الدولة في الشهور السابقة.. كان من المفترض أن يذهب الوزير مع الوزارة السابقة خاصة أنه قدم ملفا بمخالفات مالية وإدارية للمرشح للوزارة د. قطب وكان يجب علي المهندس محلب أن يسأله عما فعله إزاء هذه المخالفات بصفته الوزير المسئول عن مخالفات مساعديه ولماذا غض النظر عنها.. ولماذا انتظر حتي تم ترشيحه وزيرا في الحكومة.. وفي رأيي كان عليه أن يتخذ قرارا بعدم ترشيحه للاثنين قطب وعبد المطلب.. فهناك الكثير من الكفاءات في وزارة الري يمكن أن تحل محلهما. كذلك في ملف الثقافة.. التقي محلب مع عدة شخصيات رشحت لحقيبة الثقافة وخرجت الأخبار خبرا تلو الأخر عن ترشيح أسماء جديدة ثم وقع الاختيار علي د. محمد صابر عرب في نهاية الأمر.. وكان السؤال المحير هو.. لماذا خضع المهندس إبراهيم محلب لأهواء الناس الذين تدخلوا في اختياراته بشكل فج؟. وعلي العموم رب ضارة نافعة فقد أدي الاختلاف إلي إعادة تعيين عرب في مكانه للمرة الثالثة وكأن مصر نضب معينها من المثقفين القادرين علي الأداء في حقيبة الثقافة وذكرونا بعصر مبارك حينما كانت الوجوه هي هي وحينما كان التغيير يتم في حدود بسيطة جدا وكان الوزير يستمر في مكانه لأكثر من عشرين عاما متصلة ! وهناك أيضا ملف وزارة العدل الذي حدث عليه جدل لم ينقطع إلا باختيار شخصية حدث عليها توافق.. وهناك ملف وزارة العدالة الانتقالية وإسناد شئون مجلس النواب إليها.. فهل المستشار أمين المهدي يتحمل أعباء جديدة عليه وهي وزارة لم نر لها حسا أو صوتا حتي الآن. والسؤال الذي شغل الملايين خلال تشكيل الحكومة.. هل من حق القوي السياسية أن تتدخل في التشكيل.. وهل من الواجب أن يعمل محلب حسابا لها.. وهل كان هذا صحيحا أن يخضع رئيس الحكومة للضغوط ؟ بالطبع.. هذه آفة خطيرة ورثناها بعد 25 يناير 2011 الذي لا أحبذ تسميتها بالثورة فقد جرت علينا متاعب ومصاعب سنأخذ وقتا طويلا حتي نتخلص منها.. فقد تعودنا مع انتهاء عهد مبارك أن نسمح للضغوط أن تسيطر علينا وتملي إرادتها وتتدخل في كل شئ ! كانت أقصي أمانينا أن يأتي رئيس الحكومة بوجوه جديدة في الوزارات الخدمية التي تلتصق بالمواطن لكنه لم يفعل ولكن نعرف أن المهندس محلب رجل نشيط سوف يتابع أداء وزرائه بطريقة مختلفة عن سابقيه فهو يعلم حجم التحديات التي تواجهها الحكومة وأن البلد مقبل علي فترة عصيبة تحتاج إلي تضافر جهود الجميع خاصة أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية علي الأبواب والوضع لا يتحمل مزيدا من التجارب وأعتقد أن هذا هو ما دعا محلب للإبقاء علي 20 وزيرا من الحكومة السابقة فيما يشبه التعديل الوزاري وليس تغييرا وزاريا. نأمل للحكومة الجديدة أن تعالج مشاكلنا العويصة التي نشأت في ظل الفوضي بعد 25 يناير بالحسم وعدم تأجيلها في إدعاء غريب هو مراعاة البعد الاجتماعي وهو قول حق يراد به باطل.. وأري أن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم بدأ نهجا جديدا نرجو أن يستمر في جولاته المفاجئة للأوضاع الأمنية في الشارع.. وعودة الأمان والاستقرار للشارع هو بداية صحيحة ومطلوبة تؤكد نجاح الحكومة الجديدة بغض النظر عن ملاحظاتنا .