منذ ما يقرب من 3سنوات وتحديدا في 10 مارس 2011 نشرت في صحيفة «الأخبار» تقريرا كاملا بعنوان «الزلازل السياسية في العالم العربي : هل هي تمهيد للديمقراطية أم مؤامرة صهيو- أميركية لتقسيم العالم العربي والاسلامي؟ » . أوضحت في ذلك التقرير مخطط المستشرق الأميركي «الصهيوني» الشهير برنارد لويس الذي أعاد رسم خرائط الشرق الأوسط من جديد معتمدا علي الاختلافات الدينية والطائفية والعرقية كاساس لتقسيم الدول العربية وبعض الدول الاسلامية «ايران وتركيا وباكستان وأفغانستان « لتتحول الي دويلات صغيرة الحجم. وهو قال ان هذا هو السبيل لاطفاء النيران المشتعلة في المنطقة قبل أن تحرق الولاياتالمتحدة وأوروبا. هذا الموضوع الذي تأكد بعدها علي الأرض وشرح تفاصيله المحلل والمؤرخ والصحفي الأميركي من أصل ألماني فريدريك ويليام انجدال بعنوان « التدمير الخلاق نحو الشرق الأوسط الكبير». وبعد هذا التاريخ توالت التطورات الدراماتيكية في اليمن وليبيا وسورية والبحرين التي سبقها بالطبع ما جري في كل من تونس ومصر وماسبقهما في كل من العراق والسودان. واذا كان الواقع في العراق يؤكد تقسيمها الي ثلاث دويلات هي الكردية في الشمال والشيعية في الجنوب وبينهما السنية في الوسط فان السودان أصبحت دولتين معلنتين في الشمال والجنوب وهناك تطورات تنبيء بايجاد الدولة الثالثة في دارفور. أما في سورية فكل الشواهد تشير الي أن التقسيم أصبح جاهزا بعدما فقدت الدولة هناك أسسها وتخطي عدد الشهداء 125 ألفا والمصابين نحو ربع مليون انسان وتجهزت الأعلام الكردية الصفراء في الشمال والدرزية في الجنوب والعلوية علي ساحل اللاذقية.. ومنذ أيام أعلن رسميا عن انهاء الدولة المركزية في اليمن - التي أعلنت في 22 مايو 1990- وتحويل الدولة الي اتحاد فيدرالي يضم 6 أقاليم جديدة في مسعي لمواجهة التحديات التي تطوق اليمن أمنيًا واقتصاديًا. أي أن الدولة الاتحادية الجديدة ستخلف مسمي «الجمهورية «. وأبقي اليمنيون علي صنعاء عاصمة للدولة الاتحادية مع منح مدينة عدن امتيازًا خاصًا بمجلس تشريعي وسلطة تنفيذية مستقلة. فيما توزعت الأقاليم الستة علي النحو التالي: إقليم حضرموت، عاصمته مدينة المكلا، ويضم كلا من: المهرة، حضرموت، شبوة، سقطري، فيما يضم الإقليم الثاني كلا من: الجوف، مأرب، البيضاء ويسمي إقليم سبأ وعاصمته سبأ، أما الإقليم الثالث فأطلق عليه إقليم عدن وعاصمته عدن، ويضم كلا من: عدن، أبين، لحج والضالع ويضم الإقليم الرابع محافظتي تعز وإب ويسمي «إقليم الجند» وعاصمته «تعز»، أما الإقليم الخامس فيتكون من: صعدة، صنعاء، عمران وذمار، علي أن يسمي إقليم آزال وعاصمته صنعاء، ويضم الإقليم السادس كلاً من: الحديدة، ريمة، المحويت وحجة ويسمي إقليم تهامة وعاصمته الحديدة. الطريف أن الأسباب التي أعلن أنها أدت الي مثل هذا التقسيم الفيدرالي كانت الحروب والصراعات بين مختلف الأطراف الطائفية مثل الحوثيين «الشيعة « وآل الأحمر «الاخوان « والسلف والقبائل الأخري المتصارعة. لكن هذا التقسيم انما يمهد للقضاء علي الكيان اليمني بأكمله لكل ذي عينين تري وقلب يفهم. وهو تحديدا ما ورد في مخطط برنارد لويس. . هذا المخطط ذاته يتحقق اليوم علي الأرض في ليبيا التي تواجه خطر التقسيم ليس الي 3 دويلات فقط كما هو حادث اليوم علي الأرض دويلة برقة في الشرق وطرابلس في الغرب وفزان في الجنوب لكن الي ما هو أكثر من ذلك. وفي حال اعلان قبائل شرق ليبيا برقة دولة مستقلة عن السلطة المركزية ، ستقع البلاد في ورطة كبيرة فبرقة التي تمتد علي جزء كبير من شرق البلاد ستسيطر علي جزء كبير من ثروات البلاد (48٪ من آبار البترول) مما قد يؤدي الي تدمير الاقتصاد الليبي. وليس سكان اقليم برقة وحدهم الذين يؤيدون اقامة دويلة مستقلة في الشرق وانما أيضا سكان الجنوب في فزان ولهم ثقافتهم الخاصة بل ولغتهم الخاصة. فقط سكان الوسط والغرب في طرابلس هم الذين يعترضون علي فكرة الفيدرالية التي ستمزق الجسد الليبي خصوصا في ظل انتشار الميليشيات المسلحة والتي تمتلك احدث انواع الاسلحة، والتي استطاعت ان تجعل من مصراته والزنتان اقليمين مستقلين عن ليبيا بشكل غير معلن. ويأتي ذلك في وقت تظهر فيه بعض الجماعات الدينية المشددة كأنصار الشريعة والتي تطالب بضرورة إرساء الشريعة الإسلامية في جميع المدن الليبية في وقت يطالب فيه أغلب الليبيين المتدينين أنهم مع الدولة المدنية التي تمتلك دستوراً عادلا وتحتكم إلي القانون وتشريعاته. في ظل هذا المشهد المأساوي أتمني أن نكون في مصر قد عرفنا قيمة العقل والحكمة ومشيئة الله التي أنقذتنا حتي اللحظة الي حد بعيد من مثل هذا المصير المظلم. ولندع معا أن يحفظ الله مصر وطنا للعدل والحرية والأمن والأمان.