ليس هناك ما يقال في مواجهة تلك الصدمات التي تتعرض لها السياحة .. صناعة الأمل في مصر وكل بلاد الدنيا سوي الدعاء لله بأن يرفع سخطه وغضبه حتي تواصل هذه الصناعة دورها في دعم اقتصادنا الوطني وحل جانب كبير من مشاكلنا الاجتماعية التي تتمثل في متطلبات توفير فرص العمل والقضاء علي البطالة. بالطبع فإن أحدا لا يمكنه أن يمنع القدر خاصة ما يتعلق منها بالكوارث الطبيعية.. ولكن المهم في هذه الحالة هو سرعة التحرك والمعالجة القائمة علي العلم والإجراءات الصحيحة والحرص علي الالتزام بالطريق الصحيح لأن غير ذلك يعني السقوط في هوة الاخطاء التي تعطي الفرصة لتوجيه طعنات النقد التي لا يكون من نتيجتها سوي مزيد من التردي والخسائر. بالطبع إن حادثة التهجم لبعض أسماك القرش المتوحشة الشاردة في مياه شرم الشيخ درة السياحة المصرية شئ وارد وهو أمر يمكن ان يحدث في أي بلد في العالم وهو قد حدث بالفعل وليس أدل علي ذلك من أنه كان موضوع مجموعة من الأفلام السينمائية التي تناولت هذه القضية تحت أسم »الفك المفترس«.. لا جدال ان مثل هذه الحوادث في منطقتنا وعلي شواطئنا تعد من الأحداث الغريبة النادرة. وعلي هذا الاساس فقد كان من الضروري سرعة التحرك لدراسة ملابساتها والأسباب التي قد تكون وراء بروزها. لم يكن مناسبا أبدا ولا صحيحا الإسراع العشوائي في تفسير ما حدث وأن يكون لدينا إيمان بأهمية التروي في تناولنا لمثل هذه الحوادث الطارئة وغير العادية والمتمثل في مهاجمة أسماك قرش متوحشة دخيلة علي مياهنا.. للسياح الذين يذوبون عشقا في شرم الشيخ وشواطئها ومياهها.
كان من الضروري ان تكون معلوماتنا عن ضبط هذا »القرش« المفترس قائمة علي أسس علمية تستند إلي نتائج تشريحية لجسم المتهم الذي تم اقتناصه واثبات انه بالقرائن العلمية مرتكب هذه الجريمة البشعة. لم يكن أبدا من المفيد ودون التأكد من أن الذي تم القبض عليه هو هذا المتهم المجرم الذي أشاع الرعب في سكينة شرم الشيخ.. وتم الاعلان والجزم بانه هو الهدف المنشود. لم يكن هناك سبب أبدا في الاقدام علي السماح بفتح الشواطئ بمنطقة الحادث في شرم الشيخ قبل التأكد من صحة المعلومات المتوافرة. إن مثل هذه الخطوة كانت ستلقي الاحترام والتقدير من كل السياح ومنظمي الرحلات السياحية في إطار من الحرص علي حياة ضيوفنا من السياح. كان من نتيجة ذلك ان تطور الأمر من اصابة أربع سياح إلي جانب تعرض سائحة خامسة للقتل بصدمة نهش جسدها. بعض الذين يمارسون مسئولية العمل السياحي والفندقي من خلال مشروعاتهم في البحر الأحمر وجنوب سيناء. يؤكدون ان ما حدث ظاهرة غير عادية. قالوا ان أسماك القرش موجودة في مياه هذه المنطقة ولكن ليست أبدا من هذه الفصيلة المفترسة التي تهاجم الإنسان. وفي هذا المجال أوضح لي المهندس أحمد بلبع رئيس جمعية المستثمرين في البحر الأحمر وصاحب العديد من المشروعات الفندقية انه من المؤكد ان هناك أسبابا غير عادية قد حدثت أدت إلي وجود هذا القرش الهائج المتعطش للدماء. قال أن هناك مؤشرات قد تكون قد أدت إلي وجود مثل هذا القرش. أولا: القاء النفايات خاصة تلك التي تتعلق بالخراف النافقة التي القيت من إحدي السفن في خليج العقبة والتي كانت متجهة إلي ميناء العقبة الأردني في فترة ما قبل عيد الأضحي. ثانيا: الصيد الجائر الذي أدي إلي نضوب المنطقة من الاحياء المائية التي كانت تتغذي عليها هذه القروش. ثالثا: عمليات صيد القروش التي تقوم بها بعض السفن وآخرها ضبط مركب يمني وفي حوزته عشرات القروش التي تم اصطيادها بطريقة تؤدي إلي تعطش بعضها إلي الدماء في حالة افلاتها من القنص. رابعا: أن تكون بعض العوامل الناتجة عن طبيعة أرض البحر الأحمر قد تعرضت إلي تغيرات أدت إلي هياج هذه الحيوانات المائية. وفي النهاية أكد لي أنه من الممكن محاربة تفشي ظاهرة هذه »القروش« المفترسة بالاكثار من وجود الدرافيل في هذه المنطقة باعتبار أن ذلك يساهم في درء هذا الخطر نظرا لقدرة هذه الدرافيل علي ذلك.
علي كل حال فإنه يجب أن يكون ما حدث بمثابة تجربة مريرة تتطلب منا حكمة التحرك للمعالجة وهو ما تمثل في هذا القرار الذي صدر بأن يتم الاستعانة بعدد من الخبراء العالميين في علوم البحار لبحث ما حدث وايجاد الحلول العلمية السليمة لمواجهتها.