حتي نستطيع فهم طبيعة وحدود المؤامرة الخسيسة التي تتعرض لها مصر الآن، والإلمام بأبعادها المختلفة والمتعددة محلياً واقليمياً ودولياً، لابد من الادراك الواعي بالاسباب والدوافع المحركة للأطراف والقوي المشاركة والمتورطة في المؤامرة، في سعيها للنيل من استقرار مصر وتهديد امنها القومي. وفي هذا السياق علينا الاعتراف بأن ثورة الثلاثين من يونيو قد اطاحت، دون تخطيط او قصد مسبق، بأهم وأخطر المخططات والمشروعات الأمريكية الاسرائيلية للمنطقة علي الاطلاق، في ذات اللحظة التي اطاحت فيها بالمعزول وجماعته عن سدة الحكم ومقعد الرئاسة في مصر. والمخطط أو المشروع الأخطر والأهم الذي نعنيه هو الشرق الاوسط الجديد، الذي يقوم علي اساس رسم خريطة جديدة للمنطقة العربية والشرق أوسطية، بما يتطلب تفكيك وتقسيم وإعادة تركيب الدول العربية والشرق اوسطية وهو ما تم في إطار التعامل مع العراق ثم سوريا، وكان الدور علي مصر، لولا رعاية الله لها ولطفه بها. وعلينا ان ندرك أن ما قامت به ثورة الثلاثين من يونيو، من الإطاحة بهذا المشروع هو أمر جد خطير، ولم يكن وارداً في حسبان الإدارة الأمريكية واسرائيل، وهو ما مثل خسارة فادحة وفشلا غير متوقع بالنسبة لهما، كما مثل ايضا خسارة وتبديدا لاحلام بقية الاطراف المشاركة في المخطط والمؤامرة وهم تركياوقطر وحماس. وإذا ما حاولنا حصر وتحديد خسائر هذه الاطراف نتيجة ثورة شعب مصر، فسنجد أن المعزول وجماعته خسروا حلمهم في الاستمرار في حكم مصر، بدعم أمريكي الي ماشاء الله كما كانوا يمنون انفسهم، وتركيا بقيادة اردوغان خسرت حلمها باعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية، وحماس خسرت ما وعدها المعزول به من ارض سيناء، اما قطر التي اصبحت الآن ومنذ فترة ليست بالقليلة، مجرد تابع وذيل أمريكي صغير كاره لمصر وكافة الدول العربية الكبيرة بالمنطقة، فقد كانت خسارتها كبيرة وضخمة، علي نفس قدر تبعيتها لأمريكا، وعلي قدر كراهيتها لضألة حجمها بين الدول. من أجل ذلك كله كانت المؤامرة علي مصر، وكانت الحملة التي تتعرض لها داخلياً وخارجياً، وكانت الحرب الشرسة التي تخوضها الان ضد جماعة الارهاب، والتي ستنتصر فيها بإذن الله.