لا أتحدث عن خبراء العالم، وإنما عن خبرائنا المصريين، فقد راعني أن يقول الدكتور مصطفي كمال طلبه، خبير البيئة المصري العالمي، الذي كان لمدة 71 عاما مساعدا للأمين العام للأمم المتحدة، رئيسا للجنة الدولية للبيئة: »بقالي دلوقتي علي الأقل 01 سنوات أتحدث عن قضية تغير المناخ في كل حته في البلد، ومع ذلك لا يحدث شيء. لست من أنصار عمل استراتيجيات. وكتبت للأخ العزيز ماجد جورج وزير البيئة. قلت له لا اعتقد أن هناك مبررا لمزيد من الاستراتيجيات التي تعلن في مؤتمرات صحفية ثم تجلد ليتجمع فوقها التراب علي مكاتب المسئولين. عاوزين برامج محددة. احنا عارفين الاحتمالات الكثيرة التي ستحدث في مصر. تنقصنا أبحاث. إذن نمول برامج بحثية لحل المشكلات«. هذا ما قاله في حوار مع علياء حامد نشر في »الشروق« يوم 22 نوفمبر. ثم عاد وأكده في حوار مع سهير حلمي في الاهرام 3 ديسمبر. وقال انه طلب من الدكتور أحمد نظيف في حضور وزيرة التعاون الدولي فايزة أبوالنجا تكوين لجنة وزارية عليا برئاسته تضم الوزارات المعنية، بالاضافة الي لجنة فنية من العلماء في جميع التخصصات وليس المناخ والبيئة فقط، تجمع كل ما كتب عن مصر في الخارج والداخل وتحلله وتقدم النتائج لرئيس الوزراء لتحديد أولوياته. ولم يحدث شيء. وقال أن المهندس المصري العالمي الدكتور ممدوح حمزة طرح فكرة لحماية الدلتا، لكن لم يناقشها أحد. وتساءل لماذا لم نجمع أساتذة الهيدروليكا وحماية الشواطيء وعلوم المناخ والبيئة معا لبحث أفضل الوسائل.. هذه شكوي أكبر علماء البيئة عندنا.. انه منذ 01 سنوات ينبه ويحذر ويقترح، ولا أحد يجيب، وكأنه يؤذن في مالطه! وخلال الأيام الأخيرة من شهر اكتوبر وأوائل نوفمبر نشر »المصري اليوم« علي خمسة أيام ملخصا لدراسة مستفيضة عن آثار التغيرات المناخية علي مصر. علي خرائط الأقمار الصناعية لوكالة »ناسا« الامريكية. والتي تبين المناطق المعرضة للغرق من خليج »أبو قير« الي الاسكندرية حتي مطروح. بما يتفق مع ما قاله الدكتور مصطفي كمال طلبه وعلماء العالم. وقدم الدكتور خالد عوده مقترحات محددة لتلافي خطر الغرق. وضمن أستاذ الجيولوجيا بجامعة أسيوط، بدعم قوي من جامعته ورئيس جامعة أسيوط »أطلسا« يوضح كل شيء بالتفصيل. أرسلت الدراسة والأطلس الي جهات كثيرة ردت.. إلا الجهات المعنية.. لم ترد. وكأن العالم الجاد الذي اجتهد للتبصير بأبعاد وأخطار التغيرات المناخية علينا.. واجتهد في وضع حلول لحمايتنا.. هو الآخر يؤذن في مالطه! إن ما يؤكده الخبراء من الأخطار والتي سيسببها ارتفاع درجة الحرارة في الغلاف الجوي، وارتفاع منسوب مياه المحيطات والبحار نتيجة لذوبان جليد القطبين، ستكون مؤلمة بالنسبة لنا، فهم يتوقعون غرق اراض منخفضة أصلا. مما يفقدنا ما بين 21٪ و51٪ من أخصب أراضينا الزراعية في الدلتا. بما يترتب علي ذلك من تهجير ملايين السكان، يحتاجون لتوفير سكن ومرافق ومجالات عمل واعاشة. وأيضا نقل مئات المصانع. وانحسار في السياحة لغرق الشواطيء. ونقص في الغذاء قدره الدكتور نادر نور الدين أستاذ الأراضي والمياه بجامعة القاهرة ب03٪، فوق ما نعانيه حاليا من نقص يقارب 05٪ من احتياجاتنا. وما سيقتضيه ارتفاع الحرارة من استنباط أصناف من المحاصيل تتحمل الحرارة والملوحة المرتفعين. ونقص مياه النيل والمجاري المائية نتيجة للبخر الشديد. وكل ذلك وغيره يحتاج لوقت وأبحاث. من الخطأ البالغ تضييع الوقت دون اجرائها، خاصة وأن الأخطار والكوارث الطبيعية صارت تقع مسرعة بأكثر مما كان يقدر العلماء. فهل ستتحرك حكومتنا.. أم يستمر خبراؤنا يؤذنون في مالطه؟!