عبدالمنصف اسماعىل تحت عنوان شركاء في »التنمية والاستثمار« تم عقد المؤتمر الثالث للقمة العربية والافريقية في دولة الكويت »العربية« يومي 91، 02/11/3102 وعنوان حديثنا هذا هو »التنمية والاستثمار.. بين المنح.. والاقراض.. والاقتراض«. ومناسبة هذا الحديث علي هامش هذه القمة المتميزة هي اعلان أمير دولة الكويت عن تخصيص »مليار دولار« كقرض للدول الافريقية بفائدة ميسرة علي مدي خمس سنوات ومليار دولار اخري للاستثمار الكويتي في الدول الافريقية وذلك بالاضافة الي اقتراح رئيس جمهورية مصر العربية انشاء »شبكة عربية افريقية للتنمية« مع استعداد مصر لاستضافة هذه الشبكة في حالة الموافقة علي انشائها. ما يهمنا في هذا الشأن هو قضية التنمية والاستثمار وكيف تتم التنمية بمعناها الشامل بالاستثمار وكيف يتم الاستثمار من خلال »المنح« او »الاقراض« او »الاقتراض«. وهنا اذكر انني كنت في لقاء خاص مع احد القيادات المصرفية وعلي هامش ذلك اللقاء الخاص سألته كمواطن عادي: لماذا لا تستثمر البنوك الان اموالها بالدرجة الاولي في انشاء مشروعات انتاجية وخدمية تنموية في الصناعة والزراعة والتقنيات الحديثة مستفيدة في ذلك من تجربة رائد الاقتصاد المصري الحديث طلعت حرب حينما انشأ بنك مصر بدلا من الاعتماد علي ودائع العملاء في الحسابات الجارية بدون ارباح للعملاء!! مع ودائعهم او ودائع بعضهم الادخارية باربح زهيدة او نحو ذلك لاقراض المقترضين من العملاء البسطاء او رجال الاعمال بارباح او فوائد مبالغ فيها ومحددة سلفا ليكون الفرق بين فوائد العملاء وفوائد البنوك كبيرا ثم تتباهي البنوك بانها حققت »نموا« في استثماراتها بمليارات الجنيهات لكي يفهم المواطن العادي وغير العادي ان هذه هي التنمية والحقيقة ان هذه المليارات في ارباح البنوك لم تتحقق من خلالها اية تنمية وانما هي من دماء عملاء البنوك العاديين الذين لاخبرة لهم في الاستثمار كما انها مبرر لعملاء البنوك من رجال الاعمال المحترفين لرفع اسعار ما قد ينتجونه من سلع او خدمات تمتص هي الاخري دماء كل المستفيدين او المحتاجين الي استخدام هذه السلع او الخدمات من المواطنين العاديين والذين يعجزون عادة عن التمتع بهذه السلع او الخدمات في حياتهم فيلجأ منتجوها الي تصديرها خارج البلاد ولا عزاء لأهل وابناء البلاد؟! والعجيب انه برغم ان سؤالي لذلك »المصرفي« كان طويلا وواضحا في نفس الوقت الا ان الاجابة كانت »اعجب« حيث قال ان »البنوك لا تستطيع في هذا الزمان ان تفعل ما فعله طلعت حرب«!! ولانني »مواطن عادي« في ذلك الحوار!! فانني لم اعلق علي هذه الاجابة بشيء الي ان جاءت مناسبة التعليق في هذا الحديث علي هامش عنوان القمة الثالثة للدول العربية والافريقية »شركاء.. في التنمية والاستثمار«!! ولان مساحة حديثنا هذا قد اوشكت علي الانتهاء فانني اوجز تعليقي علي عنوان الحديث نفسه: »التنمية والاستثمار.. بين المنح والاقراض والاقتراض« بشرحه شرحا برقيا موجزا : اولا: فيما يتعلق بالتنمية الشاملة علي مستوي الفرد والمجتمع فإن العنصر الرئيسي في التنمية هو الانسان.. والانسان الجاد في حياته يستطيع ان يؤدي رسالته في الحياة بالتنمية التي ينشدها علي مستواه الشخصي او الرسمي الفردي او الجماعي بما لديه هو من طاقات شخصية مادية معنوية مهما كانت بسيطة ويستثمر هذه الطاقات والامكانيات الذاتية دون حاجة الي منحة او قرض حتي وان كانت المنحة لاترد وان كان القرض ميسرا او بدون فوائد!! ثانيا: انه اذا كان لابد في الاستثمار لتحقيق التنمية المنشودة من الاقتراض فليكن الاقتراض بشروط ميسرة علي النحو الذي اعلنه أمير دولة الكويت باعتباره ممثلا لدولته مانحة القرض.. اما اذا كان هناك من يعرض علي المستثمر الصغير او الكبير تقديم »منحة« لا ترد فان هذه المنحة لا يجب قبولها الا اذا كان من يقدمها حسن النية وصادقا في العطاء بلا مقابل الا رغبته هو في التعاون علي البر والتقوي . ثالثا: فيما يتعلق بالمقرضين لأموالهم فانه لا ينبغي ان يكون الاقراض منهم مجرد »حرفة« وانما الاصل في استثمار اموالهم هو استثمارها بمعرفتهم في مشروعات تنموية في المجالات التي تحتاج اليها بلادهم اولا وكل البشر بعد ذلك ثانيا دون مبالغة في اسعار ما تنتجه هذه المشروعات من سلع او خدمات ودون مبالغة في انفاق اموال باهظة في الدعاية لتسويق منتجاتهم.. »وللدعاية والاعلان حديث آخر!!« ومن فائض ارباح تلك المشروعات يمكن اقراض من يحتاجون الي قروض ولكن بشروط ميسرة جدا وبفرض استخدام المقترضين لهذه القروض في مشروعات تنموية انتاجية او خدمية مفيدة للبلاد والعباد وليست للانفاق فيما لا فائدة فيه الا ما لا نود ان نذكره!! رابعا: وفيما يتعلق بالمنح التي لا ترد فان المانح سواء كان شخصا طبيعيا او اعتباريا يجب ان يكون حسن النية فيما يمنحه للمحتاج الي منحته احتياجا حقيقيا لمواجهة كارثة معينة او للخروج من ضائقة مالية اوحتي للاستثمار في مشروعات تنموية.. والله دائما وراء القصد الي كل ما فيه الخير لكل البشر!!