د. عىد بن مسعود الجهنى وزير الاستثمار المهندس أسامة صالح أكد بتاريخ 27 أكتوبر 2013 ان (المستثمرين يواجهون صعوبات في الحصول علي الأراضي والتراخيص والمرافق في مصر، ومثل هذا الاعتراف الصريح هو الخطوة الأولي في خطي الألف ميل لإيجاد بعض الحلول وليس (كلها) علي الأقل لدفع عجلة الاستثمارات العربية والأجنبية في ارض الكنانة والدول العربية الأخري. انا اعرف المهندس أسامة صالح وتحدثت معه أكثر من مرة، اعرف انه يعمل ليل نهار لدعم سفينة الاستثمار في بلاده ولذلك فإن الرجل علي الجانب الآخر قال ان مشاكل المستثمرين في مصر في طريقها لان تجد لها حلولا ما لم يكن هناك تدخل قضائي بها، انه بخبرته ونظرته الواقعية حصن نفسه وهو يقول (ما لم يكن هناك تدخل قضائي بها).. أنا أقول ان الوزير قلبه علي دعم الاستثمارات ويتمني ان تحتضن مصر وغيرها من الدول العربية مئات المليارات من الدولارات لتضخ في عروق اقتصاداتنا العربية، ونحن معه قلبا وقالبا، لكن الاستثمارات تبحث عن استقرار سياسي وامني، وحماية قانونية صارمة فإذا توفرت هذه العناصر الهامة جاءت الاستثمارات مهرولة واذا لم تتوفر فإن الأموال حتي الوطنية منها ستهاجر بشكل أسرع من الطيور المهاجرة. لماذا؟ لأن الدول العربية تنادي بتشجيع الاستثمارات الأجنبية ، وعودة الأموال العربية المهاجرة .. وهذه أماني طيبة لكنها تصطدم بمعوقات شرسة جعلت الكثيرين (يفرون) الي الخارج مكرهين !! فأهل الخليج وغيرهم استثمروا مثلا في شركات عالمية ناهيك عن الاستثمارات الضخمة الأخري في الأوراق المالية والعقارات وغيرها ..الخ.. في ديارنا العربية في مقدمة المعوقات في وجه الاستثمار الأجنبي والوطني البيروقراطية (البغيضة) الطاردة للاستثمارات من القوانين والأنظمة واللوائح المعقدة التي عفي عليها الزمن، تمثل الوجه القبيح البعيد عن الاقتصاد الحر المفتوح يغذيها جهود وقصور رؤي بعض القائمين علي تطبيقها.. هذه القيود مدعومة بمعوقات اشد كراهية مدسوسة سرا وعلنا ضد الاستثمار، الفساد والرشاوي والإكراميات (تحت الطاولة وفوقها) مع غياب الشفافية حتي يحكم علي الاستثمار بالفناء والهجرة وسط غابة الروتين والتشريعات البالية تتنازع اختصاصات الاستثمار، فالوطن العربي يتميز بتعدد هيئات وجهات الاستثمار التي تتصارع علي تنازع اختصاصاته وسط بيروقراطية (عفنه) لا نظير لها تخصصت في خلق عقد لا حصر لها ضد الاستثمار!! تقف عقبة كأداء لا يمكن تجاوزها تدفن الاستثمار وأصحابه في الوحل.. لماذا حرمت الاستثمارات العربية من الحوافز والمزايا في وطنها الأم ؟ أهي القوانين والأنظمة واللوائح !! أم بيروقراطية الإدارة التي تصفع الأبواب في وجه حتي زيادات رأس مال بعض الشركات المساهمة مما قلل من فرص الاستثمار ومن ثم زادت هجرة السيولة النقدية إلي خارج الأوطان!! لتخلق قاعدة قوية لمشاريع تنموية ضخمة خارج الحدود أم انها غابة لا حدود لها من الكل!! ان معظم أموالنا هاجرت إلي الشرق والغرب اختلفت التقديرات بشأنها وظفت بشكل مباشر وغير مباشر في الأوراق المالية والودائع المصرفية والعقارات .. الخ قدرت مابين ترليون إلي 2400 مليار دولار، بل ان بعض التقديرات ترفعها إلي تقديرات فلكية اكبر حيث ترفعها إلي (4.2) ترليون دولار. هذا التباين في حجم الاستثمارات العربية في الخارج سببه غياب قاعدة المعلومات الحقيقية عن تلك الاستثمارات التي تحرص معظم الدول والمستثمرين علي إضفاء طابع السرية عليها، ولم يعرف عنها سوي النذر القليل وقد تأتي المعلومة من خارج الدول المستثمرة فمثلا يؤكد بعض المصرفيون في سويسرا ان حجم الأموال العربية في المصارف السويسرية لوحدها أكثر من (4000) مليار دولار ونري بعض الدول تحتفل بهجرة المستثمر اذا غادر احتفاء به كوداع الشاعر الجاهلي لمحبوبته (هريرة) . ودع هريرة ان الركب مرتحل فهل تطيق وداعا أيها الرجل وإذا كانت قيمة الاستثمارات السعودية في مصر من حيث قيمة رأس المال تبلغ حوالي (5) مليارات دولار تليها الإمارات بحوالي (4.8) مليار دولار ثم الكويت بحوالي (3.2) مليار دولار، فان ارض الكنانة اذا ما توفر لها الاستقرار السياسي والأمني وهو قادم ان شاء الله، فان الدول العربية وفي مقدمتها الدول ذات الموارد الطبيعية من بترول وغاز والتي لديها فوائض مالية كبيرة بسبب زيادة أسعار النفط بشكل مستمر منذ عام 2003 حتي اليوم ستضخ استثمارات كبيرة في مصر دعما للاقتصاد المصري وعوائد معقولة للدول والأفراد والمستثمرين. ان المهم لجلب الاستثمارات كبح جماح البيروقراطية والحجر علي الفساد الاقتصادي والإداري والمالي بكل إشكاله وإعادة النظر في بعض القرارات المعوقة من خلال تقديم دراسات علمية مقنعة، ولا شك ان سن القوانين والأنظمة واللوائح الواضحة المدروسة وتحكيم القضاء وتنفيذ أحكامه دون تلاعب او تأخير فيه تكريس للعدالة والمساواة !! ودعما للاقتصادات والتنمية .. وإذا كان المهندس أسامة صالح أكد ان الحكومة المصرية ستنظم مؤتمرا استثماريا اقتصاديا في أوائل شهر ديسمبر المقبل وستوقع مصر عقودا لبعض المشروعات الاستثمارية خلال المؤتمر مع عدد من دول الخليج، والمقصود برأينا بعض دول مجلس التعاون خاصة السعودية والإماراتوالكويت فإن هذه فرصة سانحة لتقديم رؤي مدروسة من خلال المؤتمر لأسباب هروب الاستثمارات الوطنية والأجنبية التي وقفت عقودا من الزمن سدا منيعا يمنع انسياب الاستثمارات الأجنبية.. اذا لم تذلل علي الأقل أهم العقبات، التي تواجه الاستثمار والمستثمرين كم يخسر العالم العربي من فرص وظيفية لمواطنيه؟ وكم يخسر اقتصاده ومصانعه ورجال أعماله والمستثمرين الذين (تصفد) الأبواب في وجوههم ؟ وهو يضع كل هذه العقبات التي تتفاوت من شدة الروتين (العفن) الي الفساد الشرس وما خفي كان أعظم!!