أليس المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ؟ هكذا قيل لي وهكذا كبرت. هكذا تعلمت وهكذا تربيت. هكذا ترعرعت في مصر كانت الأديان بها متأزره، والتربيه فيها سائدة، والاعراف بها رائده، والاخلاق لها قائده. ثم تقع الواقعة وتزلزل ركنات وجداني فلا اصدق.. أهذه مصر التي تغلغلت في جنبات قلبي سماحتها؟ .. أهذه مصر التي كنا نهب فيها واقفين إن دخل علينا أبائنا؟ أهذه مصر التي كنا نؤجل فيها أفراحنا إن كان لجارنا حزن علي عزيز عليه ؟ أهذه مصر التي كانت تكفي فيها نظره حاده من الأم حتي نرجع عن لغط نوينا عليه؟ .. مصر التي كان يستأنس لأخلاق أهلها الكرام كل من زارها ووقع في حب أرجائها؟ .. أين ذهبت ؟ . تأتي إليها الأفكار المتنجسه وتحلق في سمائها الهتافات المكفره .. ثم تهب علينا رياح الإثم عاتيه، من سحيق الدهر آتيه، ظاننه أنها علي قلوبنا آمره ! ويأتي معها السفهاء أتباعا فتهتز لمجيئهم أركان أفئدتنا.. يأتون من جحورهم المظلمة الداكنة ويحدثوننا عن دين جديد لا شأن لنا به، يمتهن الكهل قبل الرضيع ويختزل الإيمان في طقوس بربرية وحشية لا تعرف السموولا الإرتقاء، يأتون برجس لا تقبله قلوبنا المؤمنة ويجرؤون تسميته بالصحوة الدينيه!.. فإذا كانت تلك فعلا صحوه دينيه، أفلا يجب أن تصاحبها صحوه أخلاقية؟ .. أليس الدين هوالأخلاق؟ .. هكذا تعلمنا. . فأين هي إذن تلك الأخلاق؟ .. أين هي إذن تلك الأخلاق في زمن يهان فيه شيخ جليل ومفتي سابق وعالم تتسابق فروع المعرفة لتضع علي لسانه الكلمات الطاهره لتعزز إيماننا وتزهق أقوال المفسدين؟ .. اين هي اذن تلك الأخلاق عندما ترفع في وجه ذلك الشيخ المسن النعال والأحذية العفنة، وتعلو النفايات من أفواه شباب انتحلوا هويه المسلم فأذن لهم دخول صرح إسلامي ومصري شامخ يسمي بالأزهر الشريف؟ اين هي إذن تلك الأخلاق عندما تحرم علينا تهنئة الجار والصديق والزميل في عيده؟.. كيف وقد شبينا سويا لا أصافحه؟ كيف وقد عدونا سويا عبر السنين والأفراح والأحزان والأزمان لا أصافحه؟ كيف وقلبي لا يعرف له سوي التقدير والوئام والمحبه لا أصافحه؟ أين هي إذن تلك الأخلاق عندما تؤمر الفتاه بمعصيه المولي عز وجل لتأتي بالفحشاء جهرا ويسمي هذا الخزي بجهاد النكاح؟ كيف تؤوي تلك الفتيات الي مضجعها ليلا - إن كان لها مضجعا - وكيف تغزووجدانها المهلهل آيات الشقي والبؤس وفقدان الذات؟ أين هي إذن تلك الأخلاق عندما تهان براءه أطفالنا فلا يلعبون ولا يلهون ولا يتعلمون، بل يصطفوا مرتدون ثياب الموت والأكفان، في مشهد نزعت منه الرحمه بل نزعت منه الأدميه، ليكونوا جزءا مشينا من مؤامره علي الدين والوطن والمستقبل؟ أين هي إذن تلك الأخلاق عندما تسال السباب علي خير جند الأرض، وهموا الذين لا ينامون حتي ننام نحن ؟ كيف تنهال عليهم الألفاظ والنعات وهموا من يكافحون فيستبسلون فيأتون لنا بالأمان والسكينة؟.. كيف يغدقون بالشتائم وهم أولادنا وإخواننا وآبائنا ووأعمامنا؟ كيف وهم من سمعوا لندائنا وقاموا لنصره شعبنا؟ .. أين الأم التي هي مدرسه، إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق؟ .. فيا أيتها الأم المصرية عودي لأمومتك وأحسني التربيه، فلا يجئ يوم ينهرك فيه إبنك الذي وضعتين. ويا أيها الأب المصري لا تبخل علي ذريتك بتعلم الأخلاق، فهي لهم حاميه، ولدينهم واقيه.. ويا أيها الشعب الأبي عد إلي ما كنت عليه، ولا تتخلي عن مبادئ شرعتها الأديان كلها. . لا تبيع الغالي بالرخيص، ولا تقايض النفائس بالدنيس، وأثبت علي قواعد إيماننا.. فلا دين بلا أخلاق ولا إيمان بلا خلق.. »إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا«.