إقترب مني ليمسح السيارة أثناء توقفي في إشارة مرور.. تذكرت ملامحه التي تحمل بقايا طفل ..انه سمارة أو عكوة أو زتونة أو تأبيدة ! ربما لا أستطيع تمييزه ففي المظهر هم متشابهون لأن ملامحهم وملابسهم لا لون لها كحاضرهم ومستقبلهم ! وجهه أعادني إلي سنوات مضت، عندما دعيت إلي مسرحية عرائس بعنوان:"إحنا فين وانتوا فين؟"علي مسرح الهيئة القبطية الانجيلية في إطار مشروع أطفال في خطر، كانت مسرحية مختلفة في كل شئ، فقد نسج هؤلاء الأطفال أجزاء الحكاية التي عاشوها من قبل مثلما نسجوا خيوط العرائس التي صنعوها وحركوها بأنفسهم فنقلوا حياتهم بلا رتوش أو زيف، فعبروا عن واقعهم القاسي الذي جعل كل واحد منهم أحد أبطال مسرح الحياة..وخرجت صرخاتهم المكتومة بواسطة جراحة "البوح " في صورة "دراما " مما أتاح لهم الاعتراف بحرية دون الاستعانة بجلسات نفسية تحرجهم وتدفعهم للكذب. وجهوا من خلال المسرحية رسالة لكل فرد في المجتمع كان سببا في لجوئهم للشارع فكانت صرخة تحذير فهمتها فيما بعد عندما شاهدت وجوههم من خلال شاشات التليفزيون وهم يلقون زجاجات المولوتوف والحجارة ويشعلون الأحداث وتذكرت كلمات أغنيتهم في نهاية المسرحية : "مقدرش أحب بلاد بتكرهني ورافضاني ..أشوفها إزاي طريق للنور وآخدها إزاي في أحضاني .. علي الأسفلت تزرعني وفاكرة زرعها شيطاني.. لفين السكة واخدانا وفين إنتم وفين إحنا .. وليه في الموج بترمونا وليه سايبينا في المحنة..يا إما ايديكوا في إيدينا يا إما الموت يريحنا! " تذكرت أيضا ما قاله لي كريم الذي يبلغ من العمر 14 سنة عندما سألته عن أحلامه للمستقبل في إحدي الورش التدريبية لأطفال الشوارع، فأجابني بلا إكتراث : مابحلمش .. أصل مفيش فايدة !! أفقت علي كلاكسات السيارات حولي تنبهني لفتح الاشارة .. إنطلقت بسرعة وتركته ينتقل من سيارة إلي أخري، وأدركت أنهم ما زالوا »هم« و»نحن« في خطر ! مفتاح الفرج في مثل هذه الأيام من كل عام ..يهفو قلبي الي البيت العتيق وروحي تهيم في تلك المشاعر والذكريات التي أحسست بها منذ سبع سنوات عندما إختارني ربي من بين الملايين لأكون من ضيوفه بعد محنة مررت بها، لا أستطيع وصف شعوري وقتها، لم أكن أتوقع "الهدية "خاصة أنني تقدمت للحصول علي تأشيرة الحج قبلها بفترة قصيرة جدا، ومن كرم ربي أنه أهداني تأشيرتين إحداهما مجانية، فلم أتكلف وقتها سوي رسوم زهيدة تساوي مصاريف العمرة التي لم أستطع القيام بها لمرضي آنذاك فعوضني الله برحلة حج في نفس العام، وهكذا يسرها الله لي من أكبر شئ لأصغر شئ، فعندما طلبت العمرة أهداني الله الحج، وعندما طلبت الحج منحني الله تأشيرتين حتي عندما نسيت شمسيتي أثناء الحج أرسل الله لي من يهديني أخري وعشرات المواقف المماثلة التي سعدت بها وشعرت أن الله يسخر وييسر لي كل شئ ويفتح لي الأبواب والقلوب فتزلل الصعاب.. واذا أردتم معرفة سر هذه المنحة الالهية،فهي تكمن في مفتاحين : الإخلاص وصدق النية..فأخلص نيتك لله يفتح لك بابه وأبواب السماء كلها بإذن الله. أدب" أكاديمي"! إستأت كثيرا وأنا أتابع التصرفات الغريبة من إحدي المشاركات المصريات في كواليس أحد برامج اكتشاف المواهب العربية والذي يتابع يومياته ملايين المشاهدين حول العالم، فقد شاهدتها تضع علم مصر في غرفتها وكأنها سفيرة لبلدها ولكن كل تصرفاتها كانت لا تليق باسم مصر علي الاطلاق وحمدت الله أن مستواها الفني الضعيف جعلها تحصل علي أقل نسبة تصويت وتم استبعادها من أول أسبوع في المسابقة، حتي لا تستمر في تقديم صورة مستفزة وغير حقيقية عن الفتيات المصريات في مثل سنها، حتي أن سلوكها الصبياني السطحي و"استظرافها " كان يستفز زملاءها من البلاد الأخري . وبعد أن زاد عدد هذه البرامج بشكل ملحوظ، أدعو وزارة الخارجية وسفاراتنا في الخارج إلي متابعة المشاركين المصريين في مثل هذه البرامج وإمدادهم ببعض الارشادات والمعلومات وطرق التعامل والسلوكيات المقبولة وغير المقبولة لأنهم يكونون سفراء لمصر بشكل أو بآخر ولا يمثلون أنفسهم فقط، حتي وإن كان اشتراكهم بصفة خاصة، لأن الاساءة تكون عامة تطال إسم وسمعة مصر..... فالأدب فضلوه علي الفن! قصاقيص: إذا كان الأمس ضاع فبين يديك اليوم، وإذا كان اليوم سوف يجمع أوراقه ويرحل، فلديك الغد.. ولا تحزن علي الأمس فهو لن يعود، ولا تأسف علي اليوم فهو راحل، واحلم بشمس مضيئة في غد جميل. إن مشقة الطاعة تذهب ويبقي ثوابها.. وإن لذة المعصية تذهب ويبقي عقابها.. فأنظر أيهما تختار لنفسك .