من المبكر الآن القفز إلي نتائج وصياغات محددة للمواد التي يحتويها الدستور الجديد الذي تجري عملية إعداده حاليا، حيث إن ذلك لن يكون صحيحا ولا متاحا ولا واقعيا قبل الانتهاء من جانب لجنة الخمسين إلي هذه الصياغات وتلك النتائج. ومادام أن ذلك لم يحدث بعد، ولا تزال المناقشات دائرة، والدراسات جارية، والاقتراحات مطروحة للبحث والتمحيص، فإن من السابق لأوانه القول أو الايحاء تلميحا أو تصريحا بأنه قد تقرر أن يحتوي الدستور الجديد علي نص يؤكد وجود، أو عدم وجود مجلس نيابي واحد، أو مجلسين أحدهما للشعب والآخر للشوري أو الشيوخ. وفي ذات السياق يصبح من الخطأ التصور بوجود خلافات شديدة، وانقسامات عنيفة، داخل اللجان المتخصصة حول قضية نسبة الخمسين بالمائة للعمال والفلاحين، وأيضا حول مسألة أو قضية الأخذ بنظام الانتخابات بالقائمة أو الانتخابات الفردية في الانتخابات البرلمانية القادمة، أو اللجوء إلي الاخذ بنظام خليط من الاثنين معا. ذلك بالقطع تصور غير صحيح، ومبالغة شديدة فيما هو قائم علي أرض الواقع، حيث إنه من الطبيعي بل الضروري أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة في اللجان حول هذه القضايا المهمة، وأن يكون هناك من يري ضرورة الإبقاء علي هذه، أو عدم الإبقاء علي تلك، وأن يكون هناك من يري ضرورة النص في الدستور علي أمر من الأمور، وأن يكون هناك من يري أن يترك هذا الأمر للقانون وليس للدستور. هذا هو تصوري لطبيعة العمل في لجنة الخمسين واللجان المتخصصة المنبثقة عنها، وهذا هو ما يتم في هذه المرحلة بالفعل، وبعد ذلك تأتي مرحلة التوصل إلي توافق عام داخل كل لجنة متخصصة حول ما أسند إليها وما كلفت به من مهام، ليتم عرضه علي لجنة الخمسين لمناقشته وإقراره كما هو أو بعد إدخال تعديل عليه، ليصبح بعد ذلك بندا من بنود الدستور ونصا من نصوصه. أقول ذلك مشيرا إلي ما نلاحظه في الفترة الأخيرة من تصور خاطيء لدي البعض حول انتهاء لجنة الخمسين من الفصل في بعض القضايا الأساسية محل الخلاف، والتوصل إلي صياغات محددة لها، وهو ما لم يحدث بعد.