[email protected] الميثاق العالمي لحقوق الانسان لم يفرق بين البشر فيما يتعلق بوجوب حصولهم علي هذه الحقوق ومساواتهم في التمتع بها.. لم يتضمن الميثاق بنودا تتصل ببلدان أو أعراق أو الوان او أديان البشر بل افترض انهم جميعا متساوون ما ينطبق علي احدهم ينطبق علي الآخر او هكذا نفهم من نصوص هذا الميثاق. والعالم الغربي هو رافع لواء الدفاع عن هذه الحقوق التي لا يختلف احد في ضرورة الدفاع عنها والاصرار علي أهمية عدم التفريق بين البشر في تطبيقها. . لكن يبدو ان النصوص شيء والتعامل معها خاصة في دول العالم الغربي شيء آخر. في الاسابيع القليلة الماضية ضرب الغرب مثلا للكيفية التي يتعامل بها مع هذه الحقوق.. محكمة عراقية اصدرت احكاما بالاعدام علي عدد من وزراء ومسئولي نظام حكم صدام حسين من بينهم طارق عزيز نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وسلطان شاكر وزير الدفاع. ثمة علامات استفهام كبيرة تدور حول مصداقية وعدالة هذه المحاكم وثمة اعتقاد واسع بأنها محاكمات سياسية آخر ما تهتم به هو العدالة. سبق لهذه المحاكم ان اصدرت احكاما طالت صدام حسين نفسه وعددا من اخوته ومسئولي نظامه وتم تنفيذ هذه الاحكام ومن بينها اعدام صدام يوم عيد الاضحي لكن اصواتا لم ترتفع في الغرب تشكيكا في نزاهة هذه المحاكمات او بعدم تنفيذ الاعدام.. لكن الحكم باعدام طارق عزيز اثار ثائرة عدد من دول الغرب في طليعتها فرنسا وايطاليا والفاتيكان.. الي هنا والامر قد يكون عاديا.. استيقظ ضمير الغرب وان يكن متأخرا فقرر ان يتحرك وكم تمني المؤمنون بحقوق الانسان ان يكون الامر كذلك. غير ان الامر اقتصر فقط علي طارق عزيز ولم يتعده الي من حوكموا معه في نفس القضية وبنفس التهمة وصدرعليهم نفس الحكم..لم تصدر كلمة واحدة حتي من باب النفاق تطالب بعدم تنفيذ الحكم فيهم كما طالبت بالنسبة لطارق عزيز. السبب وهنا المفارقة المحزنة ان طارق عزيز مسيحي وان الآخرين مسلمون.. بعد نحو اسبوعين من هذا الحكم تعرضت كنيسة سيدة النجاة في بغداد لعدوان ارهابي اجرامي راح ضحيته اكثر من 60 من المصلين معظمهم نتيجة تخبط قوات الامن العراقية في التعامل مع الموقف.. الجريمة ادانها الجميع الساسة ورجال الدين من مسلمين ومسيحيين ..الكتاب والمعلقون في المنطقة وخارجها.. والي هنا ايضا والامر طبيعي.. لكن ما تلا ذلك يقول ان الغرب يتعامل معنا ومع غيرنا ممن هم ليسوا من اهله علي اساس من اين موقعنا علي الخريطة وما هو لوننا وماهي معتقداتنا ويتحدد علي هذه الاسس ان كنا بشرا كالبشر. فرنسا سارعت بارسال طائرات لنقل المصابين الي مستشفياتها وابدت استعدادها لمنحهم واسرهم حق اللجوء اليها. الموقف نفسه اتخذته ايطاليا.. وللوهلة الاولي قد يبدو الموقف منطلقا من منطلق انساني .. لكن ذلك امر تحوطه الكثير من الشبهات. مبرر هذه الشبهات سؤال بريء.. كم مرة اقدمت هاتان الدولتان وغيرهما علي مثل هذا التصرف عندما تعرض مصلون في مساجد للسنة وحسينيات للشيعة لمثل هذه الهجمات من قبل نفس الاطراف التي يفترض انها قامت بالهجوم علي كنيسة سيدة النجاة؟.. يلحق بهذا السؤال سؤال اخر من الذي يغذي التطرف والتعصب ويبذر بذور الفتنة في بلادنا ثم يتهمنا.. يقول مثل عربي "رمتني بدائها وانسلت" .. في حالتنا هذه رمتنا بدائها ولم تنسل لأننا لا في العير ولا في النفير.