إذا ما أردنا وضع الأمور في نصابها الصحيح فلابد أن نقول بوضوح، إن المصالح وليس أي شيء آخر هي المرجعية والسبب وراء الموقف الأمريكي المناهض لما جري في مصر من متغيرات جسيمة ومهمة بعد الثلاثين من يونيو، الذي كان وبحق ثورة شعبية غير مسبوقة علي الإطلاق في تاريخ الشعوب والأمم. وفي هذا لابد أن يكون معلوما للجميع أن زلزال الثلاثين من يونيو الذي أطاح بالرئيس المعزول وجماعته عن كرسي الحكم ومركز السلطة في مصر، قد أطاح في ذات الوقت بالصفقة المصرية الأمريكية، التي كان المعزول وجماعته قد أبرموها مع إدارة أوباما والتي لعب فيها السيناتور ماكين والسفيرة آن باترسون الدور الأكبر. والصفقة التي تمت الإطاحة بها مع الإطاحة بالمعزول وجماعته كانت تنص علي، التأييد الكامل والقوي من جانب الولاياتالمتحدة لسيطرة المعزول وجماعته علي السلطة في مصر، مقابل الانخراط التام من جانب مصر تحت رئاسة وحكم الجماعة في مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يعبر عن الرؤية الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة، ويتضمن إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفقا لهذه الرؤية المحققة للمصالح الأمريكية وفي المقدمة منها الضمان الكامل لأمن وسلامة إسرائيل، وتأكيد سيطرتها علي المنطقة. وبمقتضي هذه الصفقة تم الاتفاق علي تحويل سيناء إلي مستوطنة للجماعات والتنظيمات المتطرفة. والإرهابية المسلحة، ومقرا لجميع أعضاء السلفية الجهادية والتكفير والهجرة وغيرهم، بالإضافة إلي المجموعات والجماعات المتطرفة التي كانت في السجون المصرية، وتم الإفراج عنها في عهد المعزول، لتنضم إلي إخوانهم وزملائهم في سيناء، ومدهم بالسلاح والعتاد ليكونوا قادرين علي تحدي سلطة الدولة المصرية، وشن الحرب عليها لكسر هيبتها وإنهاء وجودها هناك، تمهيدا لفصل سيناء عن الدولة وإعلانها إمارة إسلامية. وتضمنت الصفقة التي أطاحت بها ثورة الثلاثين من يونيو فور الإطاحة بالمعزول وجماعته، ان يتم فور التمكين من تحويل مسار سيناء، فسخ وإزالة خط الحدود القائم حاليا بين مصر وفلسطين في منطقة غزة، علي ان تقوم حماس بدفع مئات الآلاف من الفلسطينيين إلي سيناء للإقامة في الإمارة الإسلامية الجديدة، التي ستكون في هذه الحالة امتدادا طبيعيا للإمارة في غزة،..، أو الاكتفاء بنقل خط الحدود القائم حاليا إلي عمق سبعة كيلومترات في سيناء لتضاف هذه المساحة المقتطعة إلي غزة حتي تكون مهيأة لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين الراغبين في العودة إلي ديارهم،...، وبهذا كان مقررا ان يتم حل المشكلة علي حساب مصر.. وتغسل إسرائيل يدها من القضية الفلسطينية تحت رعاية الولاياتالمتحدة والمعزول وجماعته،...، ولكن مشيئة الله أتت بغير ذلك،...، وأتت رياح ثورة الثلاثين من يونيو العاتية بما لا تشتهي السفن الأمريكية.