في ظل العولمة والإتصالات الحديثة التي قربت المسافات وأنهت عزلة المجتمعات عن بعضها البعض إلي حدٍ ذابت معها كثيرمن الخصوصيات الثقافية لبعضها الأمرالذي يتطلب معة إعادة النظر ودراسة مدي تأثير العالمية الإقتصاديةعلي المجتمعات وهل تفقد موروثها الثقافي أم انها تسعي جاهدةً في الحفاظ عليه وتطويره وتطويعه لكي يعبر عنها ويكون عنواناً لها؟ إن التراث الثقافي سواء المادي منة وغير المادي لأي مجتمع لايقتصر الأمرفية علي السعي نحو تأريخة وتسجيلة فقط وإنما يجب أن يسعي المجتمع نحو حمايتة من الذوبان وأيضاً تفعيلة لكي يكون لة أثرة الملموس نحو تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الإجتماعية والإقتصادية والثقافية وخدمة البيئة المحيطة لهذا التراث. ويساعد التراث الثقافي علي قيام صناعات متنوعة كصناعة السياحة علي وجة الخصوص حيث يسعي العديد من الناس والمؤسسات في أنحاء العالم إلي السياحة الثقافية. ولعل مفهوم التراث الذي يمثل امتداد السلف في الخلف وإستمرار ماورثة الأبناء والأحفاد عن الآباء والأجداد يعني فيما يعني أنة نقطة إنطلاق نحو المستقبل إلا أن البعض يضع التراث في نطاق ضيق ويجعل منة تلك الحوادث التاريخية بنصوصها المعروفة تاركاً أبعادة الشمولية وعناصرة المتنوعة التي تهتم برصد كافة مظاهر الحياة في المجتمع من سياسة وإقتصاد وعلم وآثار تشكل في مجملها نوعاً من التأثير علي أبناء الحاضر والمستقبل مثلما أثرت علي أبناء الماضي. إن رصد الحياة اليومية وصورالماضي والتحقيق في الجوانب المحيطة بالرمز التراثي الذي يمكن أن يجتمع حولة فئة من الناس لاشك في أنة يعطينا أبعاداً ذات دلالة ترفع من شأن هذا الموروث ليمثل مردود اقتصادي واجتماعي وسياسي فاعل في المجتمعات الحاضرة وتتحقق بة روابط طالما افتقدناها. وهذا المفهوم للتراث يحتاج إلي ثقافة مجتمعية تدرك مدي أهميتة والعمل علي رعايتة الرعاية التي تكفل أداء نتائج قيمة لدي المجتمع وتخطو بة خطوات واسعة نحو إستشراف المستقبل بدروس الماضي ويؤسس لتحقيق التنمية المستدامة. وقديقال أن الثقافة ليست بالضرورة هي الحضارة لكن ذلك لايمنع أن تكون هي الأساس في البناء الحضاري فإذا إنتشرت الثقافة في المجتمع بدأ بعد ذلك بناءة الحضاري علي نسق سليم قائم علي ركن أساسي يرفع هذا البناء. ومايكون من حضارة ظاهرة نتيجة التكوين الثقافي وأصبحت حقيقة واقعة فإنة يستفاد منها في المستقبل حيث تعتبرأحد الجوانب الأساسية من الثقافة والتاريخ وبهاتنمو الصلة المتعانقة بين الثقافة والحضارة فينشأ تبعاً لذلك الموروث أوالتراث الثقافي والحضاري. ومعلوم أن الثقافة هي من صناعة الإنسان التي يتم بها إصلاح المكان والثقافة تضم الحضارة لأنهاهي التي تصنع الحضارة وتوجهها فهي ليست زاداً من المعرفة أوالمعلومات فحسب وإنما هي منهج حياة وهي عقول تفكر بطريقة ما وهذة العقول يتم إفراز الإنتاج الثقافي بناء عليها. وتسعي بعض الدول العربية دون أن تكون مجتمعة نحو جمع وتوثيق تراثها فمنها ما يقتصر علي الجمع والتدوين والتوثيق وكافة مراحل الحفظ ومنها مايقوم بعد مرحلة الحفظ علي إعادة تأهيل الأثر أوالتراث وتنميتة مما يحتاج معة إلي المزيد من التعاون للروابط المشتركة في هذاالمجال الذي قد يكون مدخلاً للم الشمل ورأب صدع الوحدة العربية. فمثلاً في مصر هناك مشروع جمع وتوثيق وتنمية المأثورات الشعبية المصرية وأرشفتها حتي لاتتعرض للسرقة لإن الإتفاقيات الدولية الخاصة بحق الملكية الفكرية لاتحمي تراث الشعوب إذا لم يتم حصرة وتسجيلة لأن التسارع الحادث في العالم والتغيير المستمر يمكن أن يقضي علي أي ذاتية أوخصوصية ينفرد بها مجتمع عن الآخر. من هنا قامت منظمة الأممالمتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو) باتخاذ خطوات جادة نحو حفظ وصون التراث غير المادي للإنسانية بعد أن كان تركيزها علي التراث المادي وتسجيل المواقع الأثرية في دول العالم بإعتبارها من تراث الإنسان الذي يأخذ صفة العموم. ولقد تم صدور اتفاقيتين بهذا الخصوص عن المنظمة كانت الأولي في عام2003م بشأن حماية التراث الثقافي غيرالمادي والثانية صدرت في عام 2005م بشأن حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبيرالثقافي وتعطي هذة الإتفاقيات الحق للشعوب في الإستفادة من تراثها. ولقد أقيمت في مصر عدة مؤتمرات حول توظيف مفردات التراث المصري في تصميم منتجات حديثة متطورةيمكن تطويرأهدافها لتكوين منتج متميز يعبر عن الهوية ولة قدرة تنافسية. ونظراً لتنامي البطالة وخاصة في العالم العربي وهو مايمثل أخطر المشاكل التي تواجهة حيث نجد أن متوسط البطالة بين شباب العرب يمثل نسبة نحو27٪ تقريباً ويزيد هذا المتوسط إلي نحو 50٪ بين النساء. وينتج هذا من ضعف الإهتمام بقيمة العمل المهني حيث يعتبر الكثير أن إمتهان مهنة معينة أوحرفة معينة هي من الأعمال الدنيا والغير مستقرة حيث نظرة المجتمع إليهامتدنية. وهذا يستدعي تكوين ثقافي ودرجة وعي عالية خصوصاً مع توافد العمالة الأجنبية بكثرة مما تحملة من ثقافات متنوعة قد تفرض نفسها أحياناً وتجد لها أثراً في الواقع خصوصاً مع إمتهانهم مهن وحرف تشكل سمتاً لهم فهذا منتج صيني وهذا منتج هندي.....الخ. لذلك فإن التراث الثقافي بكل أنواعة ومايتبعة من الإهتمام بالحرف الناتجة عنة يعالج أحد المشاكل المزمنة وهي البطالة. وقد كانت هناك تجربة بدأت في مصر نحو هذا الإتجاة حيث الصناعات التقليدية والحرف اليدوية هي أحد مظاهر التعبير عن الهوية الوطنية وهي جزء لايتجزأ من التراث الشعبي وتشكل أهم النشاطات الأساسية لدي المجتمع الإنساني ولهاصلة كبيرة بتاريخ وحضارة وثقافة الكثير من الشعوب وتشمل الصناعات التقليدية كل النشاطات الحرفية التي تمثل منتجاً يتميز بطابعة التراثي وكان أومازال يستخدم في إحياء تقاليد اجتماعية ويرتكز في تصنيعة علي المهارات اليدوية في كل مراحل إنتاجة. إننا مازلنا في حاجة إلي المزيد من الوعي الثقافي وإتساع نطاق مسئولية كل فرد منا في أن ينظر في محيطة لكي يستفيد منة ويساهم بإستفادتة في بناء ذاتة ووطنة فلانترك العمل والمثابرة ولاننتظر المنح والعطايا وإنما يسعي كل منا إلي وضع لبنة تساعد لي إتمام البناء وهذا يحتاج إلي تغيير نظرة المجتمع إلي الثقافة والتراث الثقافي الذي يساهم في تحسين المجتمعات المحلية ويساعد علي توثيق الصلة بين شعوب العالم.