د. محمد الفقى أثناء حواره مع محررة »الأخبار« قانون الصكوك المالية الذي أقره مجلس الشوري أخيراً اثار عاصفة من المناقشات في أجهزة الإعلام لهذا حاورت »الأخبار«: د.محمد الفقي رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية وعضو مجلس الشوري الذي يعتقد أن الصكوك آداة من أدوات التمويل وتتميز عن الأدوات الأخري بمزايا منها أنها لا يترتب عليها زيادة في الدين العام المحلي أو الخارجي علي الاطلاق لأنها قائمة علي اساس المشاركة بين رأس مال والعمل في تحمل تكاليف الانتاج تطبيقاً للمادة 41 من الدستور كما تتميز الصكوك تبعاً لذلك بأنها لا يترتب عليها تخفيض تصنيف الائتمان لمصر ولا أي زيادة في التضخم ونرجو من الصكوك أن تجذب استثمارات تصل إلي 01 مليارات دولار لتساعد في تشغيل نسبة كبيرة من البطالة كما تساعد في زيادة نسبة كبيرة من الناتج المحلي الاجمالي وأجمل ما في الصكوك انها تفتح أبواباً كبيرة من الأمل أمام جموع المصريين بدلاً من رسائل اليأس والتخبط التي تبث في كل ساعة إلي المصريين وبناء علي خبرته الكبيرة وتوضيحه لمعاني الصكوك وفوائدها كان معه هذا الحوار. كيف تري الصكوك كأداة للتمويل؟ وهل يمكن أن تؤدي لبيع أصول الدولة أو استغلالها في غسل الأموال؟ نحن بكل تأكيد نرفض أي مساس بأصول الدولة ولذا فقد نص في أكثر من مادة في القانون علي منع جعل أصول الدولة سواء كانت عقارات أو منقولات محلاً للصكوك وبذلك أغلقت إلي الأبد الباب علي كل ما يثار من كلام حول قناة السويس أو نهر النيل أو الآثار فقناة السويس هي ملك للشعب المصري بكل أجياله والنيل هو شريان الحياة لا يستطيع أحد أن يقترب منه أو من آثار مصر وكل ما يثار حول هذه المسائل آخذه مأخذ السخرية.. أما عن غسيل الأموال فلا شك أننا لا نعمل في فراغ تشريعي حيث أن قوانين الدولة نظمت العقوبات الواقعة علي من يرتكب جريمة غسيل الأموال ولدينا وحدة ملحقة بالبنك المركزي تسمي بوحدة غسيل الأموال وكل ما يقال عن ربط الصكوك بغسيل الأموال هو كلام عار تماماً عن الصحة ولا يمت للواقع بصلة. الصكوك وحرمانيتها تذكرنا بالخلاف حول القرض الدولي هل تري دور للفقهاء هنا أم أن الأمر مسألة اقتصادية بحتة؟ قانون الصكوك هو قانون مصر كلها وليس قانونا لحزب بعينه أو تيار بذاته ولكنه قانون كل المصريين يشارك فيه الجميع علي السواء. وقد عقدنا حواراً مجتمعياً موسعاً دعونا فيه جميع الأحزاب السياسية وجميع مرشحي الرئاسة وجميع البنوك وجمعيات رجال الأعمال وشركات إدارة الأصول والأوراق المالية وعلماء الاقتصاد والشخصيات العامة ورجال الإعلام فالموضوع له أبعاد متعددة اقتصاديا وشرعيا وقانونيا وأمن قومي.. أما عن الأبعاد الفقهية فتتبين من خلال المناقشات في القاعة في الجلسة العامة ليس هناك أي اعتراض علي أي جانب من الجوانب الشرعية أو الفقهية فهي محل اتفاق بين الجميع. ضجة مفتعلة كيف تري الصكوك بعيداً عن الجدل الدائر؟ وهل توصلتم إلي موقف نهائي منها؟ الصكوك باب كبير من الأمل نبشر به الشعب المصري. وموضوع الصكوك يستحق كل اهتمام من الجميع ولذا أري من الجوانب الايجابية في هذه الضجة أنها لفتت الأنظار وبشدة إلي أهمية الصكوك وأري ان بعض الرافضين لم يقرأ مشروع القانون.. كما أري بعضهم يجهل الفكرة القائمة عليها وهذا ما تأكد لنا من خلال الحوار المجتمعي فسرعان ما كان موقف البعض يتغير من الرفض إلي القبول عندما تتبين لهم الحقيقة وبعضهم قال اذا كانت الصكوك كذلك فأنا من أشد المؤيدين لها، كما أري أن البعض ذهبت به المكايدات السياسية إلي مدي بعيد جعلته يرفض كل ما يقوله خصومه. وأنا طلبت من الجميع أن نخلع العباءة السياسية التي فرقتنا وان نرتدي عباءة الاقتصاد فإذا كانت السياسة فرقتنا فليجمعنا الاقتصاد. هل القرض يمكن أن يفيد مصر أم يتحول إلي عبء جديد »ديون مستحقة«؟ أري أن الصكوك حل عملي بديل للاقتراض من الخارج حل لا يخدش كرامتنا الوطنية حل لبناء اقتصاد وطني قائم علي المشاركة بين رأس المال والعملة في تحمل تكاليف الانتاج، حل تدريجي لمشكلة البطالة حل لمشكلة تردي البنية التحتية، حل لمشكلة ضعف الموارد المخصصة للاستثمارات في الموازنة العامة للدولة باختصار الصكوك ستنجح في مصر كما نجحت في العالم في بريطانيا، أمريكا، اليابان، الصين، ألمانيا، فرنسا، ماليزيا، بعض الدول الخليجية مثل تركيا.. إلخ. هل تمت الموافقة بمجلس الشوري علي مشروع قانون الصكوك؟ بالطبع فقد وافق المجلس بأغلبية منقطعة النظير علي مشروع قانون الصكوك حيث وافقت الأحزاب الليبرالية واليسارية والقومية فضلاً عن الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية علي مشروع القانون. وبالطبع وافق أكثر المستقلين وهي بشري نقدمها لأهل السياسة أتمني كما توافقنا علي مشروع الصكوك نستطيع أن نتوافق علي إعادة الاستقرار والأمن الي الشارع المصري وبناء مؤسسات الدولة . فاتورة الانهيار قرأنا للفقهاء رأيين في الصكوك البعض يراها تحمل شبه »ربا« إذا كانت الحاجة كما الآن والبعض يراها تجوز وقت الضرورة هل تري مبرراً لهذه الأقوال؟ استضفنا عددا كبيرا من علماء الشريعة وعلي رأسهم فضيلة المفتي الأسبق د.نصر فريد واصل والعالم الخبير الدولي د.حسن حامد حسان وغيرهم ولم يعترض أحدهم علي المشروع جملة وتفصيلاً شرعياً وفقهياً. قرض صندوق النقد الدولي أزمته تتفاقم وفاتورة انهيار الانتاج بسبب الانفلات الأمني ترتفع والبعض يري أنه حتي القرض لا يكفي لتحريك الأمور هل تعتقد أن قرض الصندوق الدولي سيحل الأزمة؟ قرض الصندوق الدولي أخذ أكبر من حجمه والمسألة أبسط من ذلك فالقرض له فوائده كما أن له عيوبه.. أما عن فوائده فهي الحصول علي حزمة تمويلية تساعد في الخروج من مأزق السيولة ومنها الحصول علي 3 شهادات صلاحية بكفاءة الاقتصاد المصري أمام المؤسسات الدولية والجهات التمويلية والمستثمرين وهذا هو ما في الموضوع ومن الممكن أن نوقع مع الصندوق ولا يلزمنا أحد بأن نأخذ كل المبالغ الموقعة عليها ربما نكتفي بالحصول علي بعض الأقساط ثم نستغني عن الباقي.. وكذلك تحسين التصنيف الائتماني لمصر وما يترتب علي ذلك من سهولة عمليات الاستيراد بالأجل.. وقد تري مصر أنها ليست بحاجة إلي المضي قدماً في اتمام القرض وفي كل الأحوال لا يستطيع أحد ان يفرض علي مصر أي شروط لا تناسب المصريين ولا تتوافق مع أهداف الثورة من العدالة الاجتماعية وعدم المساس بالفقراء والبسطاء ولن تحل أزمتنا إلا باستكمال بناء المؤسسات الديمقراطية والاستقرار السياسي والأمني مع الالتفات إلي العمل الجاد الصارم وفق رؤية مستقبلية وخطة تنفيذ بكل جدية حتي نخرج من المأزق السياسي والاقتصادي. ما هي ملاحظاتك علي النظام الحالي والتي وقع فيها الآخرون من القوي السياسية الأخري؟ أخطاء المعارضة منها عدم النزول إلي الشارع الحقيقي والاكتفاء بالمعارضة التليفزيونية والخطابية. إعطاء غطاء لبعض الممارسات العنيفة وعدم الرضا بنتائج الديمقراطية ورفض الحوار الوطني.. أما أخطاء النظام التي بنيت علي اجتهادات قانونية ثبت أنها غير دقيقة واداء غير مرض لبعض الوزراء في حكومة قنديل الأولي ولو اننا لاحظنا كثير الاستدراك في حكومة قنديل الثانية. ما هي رؤيتك للروشتة الواقعية للخروج من المأزق الذي تمر به البلاد؟ الجلوس فوراً علي مائدة حوار وطني حقيقي يستعد فيه جميع الاطراف للتنازل طلباً للتوافق، التزام القوي الموجودة علي الساحة السياسية لكل ما يتم الاتفاق عليه في الحوار الوطني واجراء انتخابات برلمانية تتوافر فيها كل ضمانات النزاهة والشفافية بعد الانتهاء من قوانين مجلس النواب والدوائر الانتخابية. أعلنت أنك ستطالب وزير الشئون القانونية بإعداد تشريع جديد لاستعادة الأموال المنهوبة.. ما ملامح التشريع؟ ولماذا الآن؟ تم تشكيل لجنة بقرار من المجلس العسكري في شهر 11 لاسترداد الأموال المنهوبة علي يد »مبارك« المخلوع وعائلته. قدمت قانونا بتشكيل لجنة جديدة تشمل استرداد الأموال المنهوبة سواء من مبارك أو غيره ونحن نري ان مشروع الحكومة قائم علي أساس شخصيات حكومية بمواقعها الوظيفية ونري ان تتوسع اللجنة لتشمل شخصيات من المجتمع المدني ومن السياسيين ومن الشخصيات العامة المهتمة بهذا الشأن وأري أن يعد تشريع كامل لاسترداد أموال مصر المنهوبة سواء في الداخل أو الخارج وأنا بدوري قد شاركت في أعمال الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية وطلبت تقديم ورقة لعرضها علي الجمعية بعنوان دور البرلمانيين في الدول الأورومتوسطية والبرلمان الأوروبي في مساعدة مصر في استرداد أموالها وستقوم الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية بمناقشتها في ابريل القادم.. حرصت اللجنة علي إزالة اللغط الدائر حول مشروع القانون وتم استحداث مادة تنص علي أن القانون لا يخل بأحكام الضوابط والأحكام التي تنظم تملك الأجانب للأراضي والعقارات المبنية طبقاً للقوانين السارية اي انه يستحيل ان يتخطي القانون أي قانون قائم حالياً أو في المستقبل تنظيم تملك الأجانب للأراضي أو العقارات المبنية. وما هي ملاحظاتك علي مجمع البحوث الاسلامية؟ اننا نعيش في دولة دستورية وقانونية والمجلس التشريعي له الحق في التشريع ولا نريد العودة إلي الوراء مشدداً علي انه تم الأخذ بكل الملاحظات الواردة من مجمع البحوث الاسلامية وان المشروع المطروح علي اللجنة ليس به ملاحظة واحدة.. وقال »الفقي« ان المجلس سيد قراره فيما يخص مشروعات القوانين وليس معينا بالقضايا الدستورية وان اللجنة النوعية تناقش الأمر وتطرحه علي المجلس وهو صاحب القرار في احالة مشروع القانون من عدمه إلي هيئة كبار العلماء. وأضاف أننا اتفقنا علي 4 ملاحظات وردت من مجمع البحوث الاسلامية وتم تفاديها تماماً وصار هذا المشروع بعيداً عن كل هذه الملاحظات من حيث ضبط تملك الأجانب وأصول الدولة. وأكد »الفقي« ان الأزهر في قلوبنا وفوق رؤوسنا كهيئة علمية وليس في الإسلام هيئة دينية ولكن هيئة علمية تعبر عن الإسلام الحنيف بوسطيته.. مشيراً الي انه سيخرج مشروع قانون الصكوك بمستوي عالمي وحتي نستفيد من كل التجارب العالمية في هذا الشأن ونتفادي السلبيات فيها والاستفادة من الحالة المصرية والتخوفات التي أثيرت حوله.