في مؤسسة الدبلوماسية المصرية مثقفون كبار تعرفت بهم اثناء زياراتي الي الخارج، واثناء عضويتي لمجلس ادارة المعهد الدبلوماسي تفقدت مكتبته النادرة بدقة، وتوقفت طويلا امام عدد من المكتبات الخاصة التي اهداها السفراء بعد تقاعدهم، اهمها علي الاطلاق مكتبة الدكتور محمود فوزي الموجودة في المعهد وفيها من المراجع والدوريات العربية والانجليزية والفرنسية ما يدخل في النوادر الثقافية بالنسبة للدبلوماسي تعني عمق الرؤية، وقد بدأ تكوين احمد ابوالغيط من البيت الذي انجبه، عرفت اسم والده اللواء طيار علي ابوالغيط عندما عملت كمراسل حربي للأخبار باعتباره من كبار واقدم ضباط الطيران، شارك في حرب فلسطين وفي تطوير سلاح الجو واورث هذا الابن روحا وطنية ورغبة في دخول احدي الكليات العسكرية لكن الاب لم يوافق لأسباب ربما لا يعلمها الابن حتي الآن، في البيت مكتبة والي جانب الكتب العامة وجد الابن مجموعة نادرة من المراجع العسكرية في ترجمة خاصة كانت توزع علي ضباط الجيش فقط وليس للتداول العام، معظمها حول التاريخ العسكري خاصة الحرب العالمية الثانية، وحروب الجيش في فلسطين، هذه الكتب عرفتها في مكتبات بعض الوحدات العسكرية وفي مكتبتي عدد منها لذلك اعرف قيمتها وما يمكن ان تكون قد تركته من اثر عميق في روح احمد ابوالغيط الذي قرأها وهو دون الخامسة عشرة، يقول انها كتابات تركت اثرها علي فهمه للامور خاصة مع تفتح وعيه علي الصراع المصري الاسرائيلي، يقول انه كان يلاحظ عدم وجود كتابات خاصة باستراتيجية الشرق الاوسط من خبراء مصريين باستثناء محمد حسنين هيكل ومحمد حافظ اسماعيل، ويشاء القدر ان يعمل ابوالغيط في بداية عمله الدبلوماسي مع الاخير الذي كان مستشارا للرئيس السادات، كان في المكتبة مجلدات عن تاريخ العالم والاعمال الادبية الكبري ولكن الروح الوطنية التي اتسم بها هذا الجيل كان مصدرها الظروف العامة وما تفرضه القضية الفلسطينية والتطلع الي الاستقلال، اضافة الي مكانة الوالد العسكرية وروحه الوطنية الصارمة، بعد دراسة لم تكتمل في الفنية العسكرية، ثم في كلية التجارة التي تخرج فيها في يوليو 4691.. ذروة سنوات المد القومي والصعود بالآمال الوطنية، تقدم الي امتحان الخارجية الذي يتميز بالجدية والنزاهة ولا مجال فيه للمحسوبية، التكوين الثقافي هو الذي ساعده علي اجتيازه وبدء رحلته في العمل الدبلوماسي الي ان تولي وزارة الخارجية في السنوات السبع الاخيرة من حكم الرئيس السابق وهي سنوات صعبة انتهت بما نمر به الآن، وفيها الكثير مما يجب التوقف عنده، ولكن من خلال مذكرات احمد ابوالغيط يمكن القول انه رغم كل شيء كانت هناك دولة اسسها راسخة، وهذه الدولة تترنح الآن ولن يتم انقاذها الا بمعجزة، مذكرات احمد ابوالغيط دفاع عن جوهر الدولة المصرية، تلك قيمتها الاولي.