خطوة شجاعة جريئة تلك التي إتخذها وزير الاعلام أنس الفقي تجاه القنوات الفضائية العابثة والمستهترة والتي لا تحترم الشعب المصري ولا تعرف قيم وأخلاق الإعلام، فقد أصدر أوامره بتوقف حوالي 71 قناة فضائية كما أنذر عشرات القنوات الأخري غير الملتزمة والتي تريد أن تلعب بعقل الشعب المصري ووجدانه. الخطوة هي خطوة مباركة ضرورية، وإن كانت متأخرة عن موعدها، فليس من المعقول أن نجد في يوم وليلة حوالي 002 قناة فضائية تبث للشعب المصري سموما حقيقية لتؤلب الشعب علي بعضه وتنشر روح التعصب المقيتة، ثم تبيع دواء غير معروف، والمفروض أن أي دواء لابد أن يكتبه الطبيب حسب حالة المريض وكذلك المفروض ألا يصرف الدواء بغير روشتة، أما الاعلان عن دواء غير معروف وذكر فوائده الكثيرة من أطباء مشعوذين وليسوا أطباء أساسا فهذا هو النصب والجهل بعينه والذي يؤدي الي انتشار الأمراض بل والموت. خطوة شجاعة يا عزيزي وزير الاعلام المصري، وهي الخطوة الأولي لاعادة تشكيل الاعلام المصري وتحديد رسالته السامية، فالاعلام سلاح خطير يستطيع أن يعمر ويدمر، يبني ويهدم، يحيي ويميت ومن هنا كان علينا حمايته والاهتمام به ورعايته والاهتمام بالعاملين به واختيارهم بدقة. ولم يكن من المعقول ان تترك الدولة ممثلة في وزير اعلامها أنس الفقي هذه الفضائيات المدمرة التي تحض علي الفتنة الطائفية وتمس الأديان والعقائد، وتثير النعرات الطائفية وتروج للشعوذة والخرافات ونحن في عصر العلم، كذلك لم يكن من المعقول أن نترك الفضائيات العاريات الفاضحات كلمات وصورة، لقد اكتشف رجل الشارع في مصر بتلقائيته وثقافته المحدودة هدف هذه القنوات الفضائية الفاسدة وكان يتعجب من جرأتها في اقتحام الاعلام المصري ونشر الإباحية والأخلاق والعادات والتقاليد الغريبة العجيبة علي المجتمع المصري، وكان هذا حديث الناس مع بعضهم. اذا كان هذا الاستثمار في مجال الاعلام يعرف الهدف السييء وتفتيت المجتمع ونشر الفتنة الطائفية، لا بين المسلمين والأقباط بل بين المسلمين بعضهم وبعض للترويج للفتنة بين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة وهكذا.. أقول اذا كان المستثمرون يعرفون هدفهم السييء هذا فلعنة الله علي هذا الاستثمار المكروه المشبوه الذي لا نريده، وهي جريمة يعاقب عليها القانون، بل هي جريمة أمن دولة. واذا كان المستثمرون الاعلاميون يقدمون مادتهم وخرافاتهم وشعوذتهم دون العلم بخطورتها وأثرها السييء علي المجتمع المصري بكل أفرادها فهو الجهل بعينه وخطورة أن يعمل في الاعلام مجموعة من الجهلة الذين لا هدف لهم إلا المادة والكسب الحرام، وهو عمل إجرامي أيضا. العجيب ان تقتحم هذه القنوات الفضائية الدينية فضاء مصر أم الدنيا وبلد الأزهر الشريف الذي ظل صامدا أكثر من الف عام ينشر علوم الدين ونور الهداية في مصر والعالم العربي وكل العالم الاسلامي، وهناك علماء كثيرون درسوا وتعلموا في الأزهر الشريف فكيف تنقلب الآية ويأتي بعض رجال الدين غير الفاهمين للاسلام والبعيدين عن فلسفة الوسطية التي ينادي بها الاسلام لينشروا جهلهم وخرافاتهم في مصر أم الدنيا ومقر الأزهر الشريف؟! إنها مصيبة فعلا ان ينتشر الدجالون والنصابون باسم الدين في بلد الأزهر، في مصر التي علمت العالم منذ آلاف السنين التدين ومعرفة الخالق عز وجل ونشرت نور الايمان، بل وهي التي فجرت مفهوم الضمير الانساني حتي أن المؤرخ »برستيد« عندما ألف كتابا عن مصر القديمة لم يجد عنوانا مناسبا له إلا: فجر الضمير. برافو أنس الفقي وهذه هي الخطوة الأولي لنشر الحب والسلام والثقافة والتدين الحقيقي بين الشعب المصري، وتذكيره بتاريخه العظيم في هذا المجال.