كنا نقول علي سبيل التندر أن أرخص ما في بلدنا هو البني ادم وها هي الايام تثبت لنا صحة هذه المقولة .. تاريخ طويل مخضب بالدماء التي اهدرت علي قضبان السكك الحديدية وأصبح مجموع الضحايا بالآلاف وبعد أن كان الناس يضبطون ساعاتهم علي مواعيد القطار تحول هذا المرفق الهام الي خراب والقطارات تحولت الي علب من الصلب القاتل، القضبان متآكلة واعترف وزير النقل أن أكثر من 80٪ من عربات السكك الحديدية غير صالحة للاستعمال وأن خطة تطوير المزلقانات تمضي ببطء السلحفاة ،فلا داعي للاستعجال مهما سقط من ضحايا ابرياء أوقعهم حظهم العاثر في طريق مزلقان بدائي يغلق بحبل مهتريء ويحرسه خفير غافل يتقاضي جنيهات قليلة لا تقيم أود أسرته ويكلف بحراسة المزلقان لساعات طويلة وهو كبش الفداء وأول من يحاكم عند الحوادث لأن الصغار يحاسبون قبل الكبار ولا أظن أننا نسينا حادث الأطفال الخمسين الذين ماتوا دهسا تحت عجلات القطار وتتوالي الحوادث بشكل مرعب حتي نادي البعض بإلغاء السكك الحديدية لحين إصلاحها وحتي تصبح وسيلة آدمية يطمئن إليها الناس كما كانوا من قبل وما دمنا موعودين بوزراء نقل يواصلون إهمالهم للسكك الحديدية -رغم أننا ثاني دول العالم التي تستخدمها - وحجتهم الدائمة هي ضعف الامكانيات المادية ،ولكن حياة الناس أهم من أي عذر والسماح لقطار بالسفر وبه عيوب فنية جريمة ترقي إلي القتل العمد في رأيي ..والأفضل أن نمنع بسطاء الناس من المخاطرة بحياتهم في قطارات الموت ليموتوا حرقا أو دهسا تحت عجلاتها ..صحيح أنه مرفق خرب وميراث من الإهمال الطويل ولكن الاستمرار في نفس السياسة جريمة في حق هذا الشعب الطيب الذي أصبح يقطع طريق القطار او المترو أو الشارع بعد كل حادث ..ونحن نلتمس العذر لأهالي الضحايا ولكنه سلوك مرفوض وعندما تباطأ إسعاف المصابين أو استخراج الأشلاء ما بين القضبان بل قام المواطنون بعملية الإنقاذ ونقلوا الجرحي وتبرعوا بدمائهم لانقاذهم، لماذا يتفوق الجهد الأهلي علي الواجب الحكومي المتقاعس؟وتكتفي الحكومة بصرف تعويض لأسر الضحايا وهل يعوض المال انسانا قتله الاهمال ؟!