ماذا لو استقر الحال وانتشر الأمن والأمان وعادت عجلة العمل والحياة للدوران وعاد كل عامل لمصنعه وكل تلميذ وطالب ومعلم لمدرسته وجامعته وكل مهندس وفلاح وموظف لأرضه ومهنته؟ هل هذا اقصي ما يرضينا ويكفينا ويدفعنا للقفز فوق الازمات التي انهكتنا وافقدتنا أجمل ما فينا من قدرة علي التسامح والتفاني والعطاء؟! حقيقة الأمن والاستقرار والنظافة والمرور قضايا جوهرية ملحة.. لكنها. لا تكفي لاحداث نهضة عظيمة بعد ثورة أعظم وأخلد استهدفت العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية المفقودة حتي الآن! في انتظار جرعات مكثفة من مَُرَكَّب الحب والسعادة والفرح والأمل تبثها الدولة بين ضلوع صاحب المقام العالي »الانسان المصري العظيم« ذلك المالك الأوحد لمفاتيح التقدم والنهضة والثروة والانطلاق للأمام.. بغيره لا تستقيم الأمور فإنسان بلا حب وألفة وسعادة كأرض بور جرداء لا تنبت ولا تثمر أو تغني عن جوع! وهو ما انتهت إليه نتائج دراسة أجراها الجهاز المركزي للتنظيم والادارة ونشرتها مؤخرا إحدي الصحف القومية تؤكد أن غياب السعادة والحب بين أسرة العمل الواحد من أهم عوامل مقاومة التقدم والتغيير. وحددت الدراسة عدة أساليب لضمان تحسين أداء العاملين وفتح أبواب التواصل بين الرؤساء والمرءوسين اهمها وأولها إشاعة اجواء السعادة والطمأنينة والاهتمام بين الجميع.. فإن أحبوا أجزلوا العطاء، وإن سعدوا واطمأنوا أفنوا حياتهم لإنجاح العمل ودفع عجلة الانتاج. وأكدت ايضا ان هذه الروح الجميلة سريعة العدوي والانتشار مضمونة الوصول إلي كل منظومة العمل والهيئات ومعها تتوحد المصالح والاهداف وتتوطد العلاقات ويسقط حاجز الخوف والتعالي! فما أحوجنا في هذه المرحلة لإعادة بناء الانسان.. فليس بالعمل وحده تنهض الأمم وتتقدم الشعوب ولا باستعراض القوة والانتصار لفصيل علي آخر تستقيم الامور، ولا بأهل الثقة والعشيرة وحدهما يتعافي الاقتصاد وتتساقط الديون وتتحقق أهداف ومبادئ الثورات. تفرقنا حين افتقدنا الحب وتجرعنا الكراهية والفوضي والكبر والغرور، وتراجعنا حين أهملنا العلم والبحث العلمي، وإتخذنا من الدم وجنون الانتقام والخديعة شعارا للمرحلة. بشيء من الحب والارادة والسعادة تذوب الثلوج وتطفَأ كل ألسنة اللهب وتهوي كل جدران الفتن ونتفرغ للعمل والبناء وتحقيق كل الامال والأحلام.