سارت بها الدنيا.. بحلوها ومرها.. ارتضت أن تعيش دائما علي هامش الحياة والزمن.. ولدت في بيت طيب متدين.. يعرف حق الله.. وحق الجار.. وحق الوطن.. تعلمت.. تزوجت.. أنجبت.. فرحت بوليدها وأعطته عمرها.. وكان الزوج عونا لها.. الستر والصحة دعاؤها ورجاؤها.. هناء هذا إسمها.. جاءت الثورة. لم تشارك فيها.. طاردتها الفضائيات.. أدخلتها في السياسة دون رغبتها.. زوجها كان يساعدها في فهم خباياها وأسرارها.. حاولت أن تبتعد، تهرب.. تخرج طاقتها وحبها لوليدها.. تسير في الشوارع لتسمع الكثير من قبح الكلمات وعنفها وقسوتها.. يسرقها أحد المارة.. تبكي.. تصرخ. حق دواء إبني بطاقتي.. هويتي.. أوراقي ضاعت.. ذهبت لعمل محضر فلم يلتفت اليها أحد.. بعد عناء حصلت علي رقم للمحضر.. وأصبحت هي رقم مرض طفلها مرة أخري.. حاول زوجها التهدئة من روعها.. استدان مرة أخري لانقاذ طفلهما الوحيد.. لعنت الثورة في سرها وعلنها.. ولكنها في لحظة هدوء.. وصفاء وشفاء طفلها تذكرت هذه الكلمات القليلة التي تعلمتها في المدرسة. تذكرت أن لها الحق في الحرية وأن الله الذي كرم الانسان وجعله خليفته في الأرض مسئول عن قبوله للظلم والعيش في استكانه، تذكرت ان الله يطلب من الانسان دائما الي جانب الصلاة والصيام والقيام والزكاة.. ان يجاهد للوصول الي الصدق والامانة والحرية والعمل. والتحرر من الخوف من أي انسان أو سلطان.. كل هذا لا يأتي إلا بالحب واللين والعمل وإن اليوم وإن كان صعبا.. فالغد سيكون أجمل.. لو تعلمنا لغة الحب.. والعطاء.. والعمل.. هكذا قالت لنفسها. في صباح يوم جديد.. وشفاء طفلها الوليد وعاشت لتحلم بالحرية.. وقالت غدا تتحقق أحلامي مع فجر اليوم الجديد. العطاء نقاء.. العطاء نقاء للنفس والروح.. وكل مبدأ نبيل إذا لم يعتمد علي دين وقيم وأخلاق.. يجعلك دائما تخاف تتردد في سبيل الوصول الي غايتك وهدفك.. واذا لم تختر الطريق القويم للعمل النبيل.. سلط الله عليك نفسك لتأخذك الي حيث لا تدري.. وتعلم أن بين الجبن والشجاعة ثبات القلب علي الطاعة كل ساعة.. وتعلم أن الذين يسيئون فهم الدين أشد خطرا عليه من الذين ينحرفون عن تعاليمه.. فقد كثر الغث وضاع السمين.. ولا تنظر الي هؤلاء الذين يعصون الله وينفرون الناس من الدين وهم يظنون أنهم يتقربون اليه واليك. أم الدنيا أنه مجتمع يعيش ويأكل ويشرب.. ويصدق انه مجتمع الفضيلة.. مثلما يصدق أن مصر أم الدنيا.. ولاننا كمجتمع نعيش دائما في هزائم مستمرة أمام كل ما يأتي إلينا من الغرب.. فاننا لا نريد أن نعترف بالهزيمة.. ونتجاوزها.. ان أي هزيمه إما ان تصيبالانسان بالعجز التام أو النجاح والتفوق.. الهزيمة تدفع فيك اليأس أو تثير فيك التحدي هذا يتوقف عليك أنت أيها الانسان.. ليس بالدين وحده يعيش الانسان ولكن بالعلم والعمل أيضا.