المرأة حيرت علماء النفس والاجتماع في كل بلاد الدنيا فاتفقوا جميعا علي أنها مخلوق غامض ومخادع لا يمكن الوصول إلي كشف كل أسراره خاصة في المجتمع الشرقي الذي يتميز لعادات وتقاليد بيئية ودينية تفرض علي المرأة أن تتعايش مع زوجها طول العمر مخلصة مطيعة وكأنها تحبه وقلبها بعيد كل البعد عنه ويظن الرجل ويعتقد بأن زوجته تحبه ولا يعرف بأن ما يصدر من سلوكيات إيجابية نحوه من زوجته هو من أجل مصلحتها فقط في الحرص علي تماسك الأسرة وعدم تشريد الأبناء وخوفا من نظرة المجتمع التي تدمي قلب وسمعة كل مطلقة.. وفي نفس الوقت هناك زوجات كثيرات يحببن أزواجهن بصورة فعلية بغير أي مصلحة. سؤال مهم وهناك سؤال يفرض نفسه هو كيف يتأكد كل رجل متزوج بأن زوجته تحبه فعلا؟ للإجابة علي هذا السؤال التقت "عقيدتي" بعدد من المواطنين الذين مضي علي زواجهم أكثر من أربعين عاما وعلماء النفس والاجتماع ورجال الدين الإسلامي فكان هذا التحقيق.. * فرغلي أبوسنه مدير عام سابق بوزارة القوي العاملة يقول بأن زوجته التي تشاركه الحياة منذ مايزيد علي خمسة وأربعين عاما تحبه من قلبها وبكل مشاعرها وعواطفها فهي تتمتع بأخلاق حميدة معه إضافة إلي أنها من فرط حبها له انجبت كل الأبناء بنين وبنات يشبهونه وهو يؤكد هذه النظرية التي عبر عنها الأديب العالمي شكسبير حين قال "الحب بوليصة تأمين يدفع أقساطها أطفال" ويجنح أبوسنه قائلا إن المرأة التي تنجب أطفالا يشبهونها هي تحب نفسها فقط وتكره زوجها ويؤيده في ذلك صديقه محمد حسين خليل المدير العام السابق بوزارة الإدارة المحلية ويضيف إن المرأة التي تنجب أطفالاً يجمعون في الشكل بينها وبين الزوج هي تقدر زوجها ولا تحبه أما المرأة التي تنجب أبناء لا يتقاربون في الشكل بينها أو بين زوجها فالحب غائب تماما في هذه الأسرة فلا الرجل يحب الزوجة ولا هي تحبه وسر بقاء الأسرة يكمن في المصالح المشتركة بينهما. كيف تتعرف علي حب زوجتك؟ ** الدكتور عثمان عبدالقادر الأستاذ بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بقنا يقول بأن الرجل يستطيع أن يتعرف بنفسه علي حب زوجته له أولا فالمرأة التي تكره زوجها كراهية مطلقة لا تحب النظر في وجهه وإذا نظرت تغضب حينها بطريقة لا إرادية وتتصيد له الأخطاء وتكبر له من شأنها حتي لو كانت أخطاء صغيرة كما أن المرأة التي تكره زوجها دائما تحتقره وتقلل من شأنه شكليا فتقول له مثلا "أنت لست جميلا" أو فقيرا أو من أسرة متواضعة أو فاشلا في عملك ولا تبتسم في وجهه وتشعره وكأنه غريب في منزله فلا تجلس بجواره ولا تتحدث إليه وفي معاشرتها الجنسية معه تتميز بالبرود الجنسي ولا تتجاوب معه كثيرا. ويضيف الدكتور عثمان إن المرأة التي تكره زوجها كراهية مطلقة لتعلق قلبها بشخص سبق زواجها من زوجها الحالي أو لأن زوجها التي ترتبط به حاليا لا يرسم صورة حقيقية للفارس الذي كانت تحلم به وهي فتاة لا تستطيع أن تخفي مشاعر الكراهية طويلا لزوجها فتصدر عنها هذه التصرفات تجاه زوجها وتصبح زوجة نكدية غالبا ما تنتهي العلاقة بينهما بالانفصال. المصلحة ** الدكتور أحمد محمود زيدان استشاري الأمراض العصبية والنفسية يقول: إن هناك حباً يمكنه أن يجمع بين الطرفين الفتي والفتاة لمصلحة ما مثل حاجة الفتاة لرجل ينفق عليها وحاجة الرجل لامرأة تشبعه جنسيا ومعنويا وأدبيا ويسمي هذا الحب "حب المصلحة أو الحاجة" وقد ينتهي بحب حقيقي وبصورة عامة فإن الرجل يستطيع أن يتأكد بأن زوجته تحبه إذا كانت تحب النظر إليه دائما والجلوس بجواره ومبتسمة بغير تكلف وتخبره بموضوعات أو أخبار تدخل السرور في قلبه ولا تغضب لو خالفها الرأي وتعاونه في عمله من تلقاء نفسها وتتعاون معه في تدبير أمور المنزل ولا تعايره بضعف راتبه أو دخله اليومي وتحسن معاشرته بتلقائية وبغير تصنع وتقدر وتحترم أهله وأصدقاءه. ** عاطف خريش وكيل نقابة المعلمين بمركز قوص وصلاح خليل مدير عام بالتربية والتعليم يريان أن المرأة التي تحب زوجها بحرارة هي التي إذا نظر لها سرته وإذا غاب عنها حفظته وإذا ابتعد عنها ساعة اشتهته وإذا أفلس جيبه سترته وإذا رأت دموعه تتساقط من أعباء الحياة تتساقط دموعها هي في صدرها ويراها أضحكته وإذا ضاقت به الدنيا ذات يوم وسعته. ** مدرس الشريعة بمعهد قوص الثانوي الأزهري الشيخ عبدالحميد إبراهيم القط يقول إن الحب والكراهية وجهان لعملة واحدة وقد عرفها الإمام أبو حامد الغزالي بقوله: "كل واحد من الحب والبغض داء دفين في القلب. وإنما يترشح عند الغلبة ويترشح بظهور أفعال المحبين والمبغضين في المقاربة والمباعدة وفي المخالفة والموافقة". وقد توافق ذلك التعريف للإمام الغزالي للكراهية والحب مع ما قاله ابن القيم الجوزي رحمه الله لا يجتمع في القلب بغض أذي الحبيب وكراهته من وجه ومحبته من وجه آخر فيحبه ويبغض أذاه وهذا هو الواقع والغالب منها يواري المغلوب ويبقي الحكم له". عدم التوافق ويرجح الشيخ عبدالحميد القط السبب الرئيسي لكراهية المرأة لزوجها في عدم التوافق النفسي بينهما مستشهدا علي ذلك بقول ابن حزم بن جوهر رحمه الله "تري الشخصين يتباغضان لا لمعني ولا لعلة ويستثقل بعضهما بعضا بلا سبب" وقد صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال: "الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف". ** وعن علاج هذه المشكلة في الإسلام يقول الشيخ عبدالحميد أحمد نور إمام مسجد العسقلاني بأن الرسول وضع حلا لهذه المشكلة قبل وقوعها فقد طالب عليه الصلاة والسلام بضرورة أخذ رأي الفتاة عند الخطبة والاستجابة لرأيها وعدم الضغط عليها من قبل الوالدين وقد ورد أن فتاة جاءت للرسول عليه الصلاة والسلام وقالت له "إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع به خسيسته" فسألها إن كانت تريده أن يتحدث لوالدها في هذا الشأن فقالت الفتاة "لقد أجزت ما فعل أبي يا رسول الله ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء". كما ورد عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له النبي صلي الله عليه وسلم "انظر إليها فإنه أحري أن يؤدم بينكما" أي يؤلف بين قلبيكما". الصبر وفي حالة وقوع كراهية المرأة لزوجها فإن الرسول عليه الصلاة والسلام طالب المرأة بالتحلي بالصبر وعدم الانصياع لمشاعرها البغيضة تجاه الزوج وعليها أن تبحث في الجوانب الحسنة لزوجها وتتقرب إليه وتتعلم كيف تحبه تدريجيا فإن العلم بالتعلم والحلم بالتحلم والحب يتحقق ببذل المزيد من الحب والعطاء تجاه الزوج وبذلك يشترك الطرفان في غرس وسقاية شجرة حب تبدأ صغيرة ثم تنمو وتكبر ويستظلان بظلها ويتعلق بها قلب الزوجة وقلب الزوج وعليها يتعانقان حتي نهاية العمر خاصة أن لكل واحد منهما بعض الصفات التي يحبها الآخر وقد قال في ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم "لا يغرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها الآخر". وفي حالة وجود إرادة قوية بين الرجل وزوجته في الحرص علي تماسك الأسرة وسلامتها بخطوات متبادلة بين الطرفين فلابد لهما من الوصول بسفينة الأسرة إلي شاطيء الأمان وسيحقق الله لهما رغبتهما في العيش معا في حب ومودة فقد قال الله عز وجل في سورة النساء "إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما".