بدأت العراق العام الجديد وهي تعيش أزمة سياسية يرجح البعض أنها لن تمر بسلام إذا لم تسقط الحكومة ويحدث تغيير حقيقي في العراق بعد فترة من الجمود والصراعات العرقية التي اودت بحياة الآلاف من العراقيين حتي بعد رحيل الإحتلال الأمريكي عن العراق في 2011 . ومع تكرار مشهد خروج المواطنين في مظاهرات حاشدة للمطالبة برحيل رئيس الوزراء نوري المالكي وحكومته أصبح السؤال الذي يطرح نفسه : هل ستشهد العراق ربيعا عربيا في العام الجديد؟ ..الأمر ببساطة يسير في هذا الاتجاه بعد أن عجزت حكومة المالكي عن التوافق الوطني وعززت مبادئ الفرقة والانقسام الطائفي بين السنة والشيعة منذ توليها المسئولية. وهو ما تشير إليه الاحتجاجات الاخيرة التي لازالت تنتشر في المحافظات العراقية يوما بعد يوم فالشرارة الأولي أنطلقت من المحافظات السنية مثل الأنبار وامتدت للرمادي والفلوجة و محافظة صلاح الدين وسامراء وتكريت حتي وصلت لكركوك شمالا وحي الأعظمية بالعاصمة بغداد. وكان الرد الحكومي التقليدي باتهام المعارضة بتأجج الأنقسام الطائفي وأن هناك مؤامرة من دول عربية للإطاحة بالنظام الحالي وعلي رأسها السعودية وقطر. ولكن من يقرأ المشهد العراقي منذ سنوات سيعرف أن المالكي بني نظامه الفاسد علي التوتر المذهبي وقام باضطهاد بعض قيادات السنة واتهامهم بالإرهاب، منهم من هرب خارج العراق، وآخرين واجهوا احكاما قضائيه بالقتل مثل طارق الهاشمي نائب الرئيس، وكرر نفس السيناريو مع وزير المالية السني رافع العيساوي واصبحت تهمة الارهاب هي الحل للتخلص من معارضيه. فخرجت المظاهرات التي سئمت من نظام المالكي الفاسد الموالي لأمريكا وإسرائيل أكثر من انتمائه للعراق. و سئم الشعب من الأحداث الدموية التي لم تنته والفساد الذي اصبح يضرب اركان البلاد فضلا عن حالة الانقسام الطائفي الذي ارسته أمريكا منذ غزوها للعراق عام 2003 . وهو ما ينذر بخطر التقسيم حيث يشكل الأكراد الآن شبه دولة في الشمال، وإذا استمر نظام المالكي ربما يطالب السنة بدولة في الأنبار وما حولها ثم يفعل الشيعة الشيء نفسه في الجنوب. وتدعو كثير من الجبهات إلي ضرورة حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، للخروج من الأزمة الحالية.. وفي ظل غياب الرئيس العراقي جلال طالباني، الذي يعالج في ألمانيا إثر جلطة دماغية، والذي يعد الوسيط الرئيسي في حل النزاعات السياسية، يبدو الامل ضعيفا في وجود حل آخر هذه المرة لأن الشعب العراقي خرج إلي الشوارع ولن يعود قبل ان يحقق ما يريد بعد أن أثبتت الحكومة عجزها الكامل عن إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية وتوفير الخدمات للمواطنين. يأتي ذلك تزامنا مع الاحتفالات بمناسبة الذكري ال92 لتأسيس الجيش العراقي. أحد أقوي الجيوش العربية والذي دعاه المالكي للابتعاد عن الصراع السياسي الدائر الآن بينما دعته احزاب المعارضة للوقوف إلي جانب الشعب في مطالبه العادلة وأن يأخذ من الجيش المصري والتونسي المثال لما يجب ان يكون عليه دور الجيش في إشارة لدعمهما للثورات البيضاء في مصر وتونس. وإذا نظرنا إلي واقع آخر يخص الأزمة السورية وتأثيرها علي العراق يمكننا القول انه اذا غابت الحلول السياسية والتوافق الوطني في حل ازمات العراق سيصبح المشهد أكثر دمارا وانقساما ودموية هذا العام.