أعلن الملاك للرعاة البشري السارة »لا تخافوا! ها أنا ابشركم بخبر عظيم يفرح له جميع الشع: ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح. هل هناك شيء مجيد أو خارق العادة او استثنائي في تلك العلامة، التي اعطاها الملاك للرعاة؟ كلا! فإنهم سيجدون طفلاً مقمطاً يحتاج، ككل الاطفال، الي عناية أمه، طفلاً مولوداً في حظيرة، وليس علي مهد وثير بل في مذود. ونحن ايضاً، اليوم، مدعوون من خلال مقطع الانجيل الذي تلي علي مسامعنا، أن نسير، بالقلب النقي، لملاقاة الطفل الموضوع في المذود. إن ملاك الرب، الذي بشر الرعاة بهذا الخبر العظيم، يبشرنا نحن ايضاً به، في هذه الليلة، وكما دعاهم يدعونا نحن ايضاً. لقد جعل الله كلمته مختصرة: توقف آباء الكنيسة عند كلمة قالها اشعيا، واستشهد بها القديس بولس، تبين كيف أن سبل الله الجديدة انما كانت قد سبق اعلانها في العهد القديم، فجاء نص الآباء بهذه الصيغة: »لقد جعل الرب كلمته مختصرة، لقد اوجزها« (راجع اش22/10-33 رو 28/9). وقد فسر الآباء هذه الآية علي شكلين: الشكل الأول: الابن نفسه هو الكلمة، اللوغوس. وقد صار الكلمة الازلي صغيراً، لدرجة انه وضع في مذود. اصبح الكلمة طفلاً حتي نتمكن من استيعابه. وهكذا يعلمنا الله محبة الصغار. يعلمنا أن نحب الضعفاء. ويعلمنا بهذا الشكل احترام الاطفال، فأن طفل بيت لحم يوجه انظارنا نحو الأطفال المجبرين علي التسول، نحو الأطفال الذين يعانون البؤس والجوع، نحو الاطفال الذين لم يختبروا الحب. الشكل الثاني: رأي الآباء »ان الله قد جعل كلمته مختصرة«. فمع مر العصور، اصبحت الكلمة، التي أراد الله أن يمنحنا عبر اسفار الكتاب المقدس، طويلة ومعقدة ليس فقط للبسطاء والأميين، بل ايضاً وبشكل أكبر، لدارس الكتب المقدسة والمثقفين. فقد اختصر يسوع الكلمة، وفتح عيوننا علي بساطتها ووحدتها، عندما قال ان كل ما تعلمه الريعة والأنبياء يتلخص في هذه الكلمة »أحبب الرب الهك من كل قلبك، ومن كل نفسك ومن كل فكرك، وأحبب قريبك كنفسك« (مت 37/22) هذا هو كل شيء، فعل الإيمان يختصر في فعل الحب الفريد، الذي يضم الله والبشر. إننا اليوم، متحدون مع قداسة الحبر الأعظم البابا بندكتوس السادس عشر، ومع جميع اخوتنا الذين يحتفلون معنا بهذا العيد، نرفع الصلاة الحارة، لكي يحل السلام في كل ربوع العالم، وخاصة في منطقة الشرق الاوسط نصلي من أجل بلادنا الحبيبة مصر، لكي تنعم بالاستقرار والرخاء، نصلي من أجل السيد رئيس الجمهورية وكل من يعاونه في السهر علي خدمة أبناء الوطن، لكي تهدأ التوترات، ويعم التآخي، ويعمل الجميع علي تغليب المصلحة العامة علي المصالح الشخصية والفئوية، كما نصلي، من أجل جميع الكنائس وسائر ابنائها. ومع الكنيسة الجامعة نعيش سنة الإيمان، في الذكر الخمسين للمجمع الفاتيكاني الثاني والعشرين لصدور كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، ونتجاوب مع دعوة الكنيسة، لكي نحاول، في هذه السنة، إعادة اكتشاف فرح الإيمان بحماس، عبر اللقاء مع شخص يسوع المسيح، من خلال المواظبة علي قراءة كلمة الله وتأملها وجعلها تتغلغل في أعماقنا، فتصبح المحرك لأقوالنا وأفعالنا، فنصبح شهوداً لحب الله للجميع.