عبدالحافظ الصاوى المفترض ان تعمل مكونات السياسة الاقتصادية في إطار منظومة واحدة، وان ترعي تأثيرات أية إجراء يتخذ من قبل أي مكون من مكونات السياسة الاقتصادية علي باقي جوانبها، ولكي يكون القارئ علي دراية مما نقول، فإن مكونات السياسة الاقتصادية هي السياسات النقدية، والمالية، والتجارية، والاستثمارية، والتشغيلية. وقد لوحظ ان المجموعة الاقتصادية بحكومة د. هشام قنديل تعمل في إطار سياسة الجزر المنعزلة، وليس لديها ما تقدمه في إطار طموحات المصريين بعد ثورة 52 يناير، فمعظم الوزراء بالمجموعة الاقتصادية اخرجوا خطط وبرنامج حكومة نظيف، وادعوا انها تصلح للاقتصاد المصري الآن!!. وحتي لا يكون كلامنا مرسلاً نسوق مجموعة من الشواهد، التي تدل علي ان السياسة المتبعة هي سياسة الجزر المنعزلة، وان السياسة الاقتصادية في مجملها تري بعين واحدة. أولاً: خرج علينا وزير المالية في الثامن من ديسمبر الحالي بمجموعة الاجراءات الضريبية التي قوبلت برفض من قبل الشارع المصري، لكي يحمل المواطنين المزيد من الاعباء، وحسنا فعل رئيس الجمهورية بتعطيل القرار الجمهوري بهذه الضرائب، وعرضها علي مائدة الحوار المجتمعي خلال المرحلة المقبلة. جميع الاجراءات والسياسات المتبعة تتم وكأننا لا نعاني أزمة، والمعروف أن أي دولة تمر بالظروف التي تمر بها مصر، لابد لها من إجراءات استثنائية، فضلاً عن أن رجل الشارع لم يشعر بأية تغيير في سلوك حكومة د. قنديل عن الحكومات التي قبله. أيضا الملاحظ علي هذه السياسة ان الوزارة لم تكلف نفسها عبء التفكير في جانب النفقات العامة، وامكانية ترشيدها، وقبل ان تتجه لإجراءات تخص الوقود المدعم، لتحجيم الكميات، ورفع الأسعار علي الكميات المسموح بها، لم تقدم برنامجاً بديلاً لاحلال الغاز والمازوت، والذي يؤدي لتوفير نحو ثلث الدعم المخصص للوقود والمقدر بنحو 59 مليار جنيه مصري. لم تقدم الحكومة حصرا للعدد المهول من السيارات المملوك للقطاع الحكومي، والتصرف فيه بالبيع أو إعادة التوزيع، بما يؤدي لترشيد نفقات الصيانة والوقود وأجور ومكافآت العالمين. مازالت المرتبات المليونية لبعض القيادات المصرفية وبشركات التأمين وغيرها من الهيئات الاقتصادية وفي شركات قطاع الأعمال العام، كما هي، وان ما يقال عن تنفيذ الحد الأقصي للأجور، لا يتناسب تماماً مع الازمة المالية التي تمر بها مصر، فلابد من حد أقصي بالحكومة وقطاع الاعمال والبنوك وشركات التأمين العامة، لا يتجاوز 05 ألف جنيه، حتي نعبر مرحلة الأزمة. وكذلك لابد من إغلاق باب نزيف بدل اللجان والجلسات والسفر وغيرها، والعودة إلي قرار من رئاسة الوزراء ملزم في هذا الشأن بأن ما يعقد من جلسات أو لجان في وقت العمل لا يصرف عنه أية بدلات أو مكافآت ومطلوب أيضا وضح حد اقصي سنويا لهذه البدلات لا يتم تجاوزه. وننتقل من مجال السياسة المالية إلي السياسة النقدية، والانخفاض غير المبرر في سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار، فلانجد ترشيدا للواردات وتمويلها عبر الجهاز المصرفي، فهناك سيل من الواردات غير الضرورية التي يمكن الاستغناء عنها، وفي حالة إصرار المستوردين علي جلبها، لابد لهم من تدبير العملة الاجنبية بمعرفتهم ولا نلزم البنوك بتوفير عملة صعبة لهم. وثمة حالة من الرخاوة في متابعة شركات الصرافة في هذه الأزمة، وما هو دورها، فالجميع يلمس انتشار أنشطة الاقتصاد الأسود »المخدرات، والسلاح، والدعارة« وهذه الأبواب يتم تدبير العملة الصعبة الخاصة بها من منافذ غير قانونية، ويجب إحكام الرقابة علي سوق الصرف ومواجهة الانخفاضات غير المبررة في سعر الجنيه، وتبني البنك المركزي سياسات مواجهة الدولرة التي بدأت في العودة بقوة للسوق المصري. والخلاصة ان قرارات زيادة الاعباء في اطارها المالي لم ترع باقي جوانب ترشيد الانفاق من جانب، ولم ترع تداعياتها الاجتماعية علي الفقراء ومحدودي الدخل. كما أن اتجاه السياسة النقدية علي عدم مواجهة انخفاض قيمة الجنيه المصري لم تأخذ في الحسبان الداعيات السلبية علي فاتورة الواردات، ولم تنسق مع مسئولي السياسة التجارية لترشيد الواردات وتوفير العملة الصعبة، ومن هنا نقول ان السياسة الاقتصادية للحكومة المصرية تري بعين واحدة.